خلال الشهر الماضي، أعدم نظام ولاية الفقيه في الحكومة الجديدة برئاسة مسعود بزشكيان ما لا يقل عن 127 سجينًا في مدن مختلفة من إيران. وقد تم إعدام أحد هؤلاء المحكومين علنًا في مدينة شاهرود بمحافظة سمنان.

هذه الإعدامات هي جزء من موجة الإعدامات الواسعة النطاق لهذا العام، حيث ينفذ النظام الديني هذه الجرائم بفعالية شديدة، مما يعكس خوفه من مجتمع ثائر ومستعد للانتفاض في أي لحظة.

لكن هذه ليست مجرد رواية مؤلمة للشهر الماضي فقط؛ ففي العام الماضي، أُعدم ما لا يقل عن 864 شخصًا. وفي عام 2019، قُتل ما لا يقل عن 1500 شخص، وفي عام 2022، قُتل ما لا يقل عن 750 شخصًا برصاص قوات الحرس الثوري والعملاء القمعيين للنظام خلال الانتفاضات السلمية التي عمت أرجاء البلاد.

هذا الوضع هو جزء من القصة التي لا تنتهي لنظام الإعدام والمجازر ضد الشعب الإيراني على مدار 45 عامًا من حكم نظام ولاية الفقيه على البلاد وشعبها. بالإضافة إلى ذلك، تعرض أتباع الديانات والقوميات المختلفة في إيران، بما فيهم البلوش والأكراد والعرب واللر وغيرهم، لقمع شديد.

البروفيسور جاويد رحمان، المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران حتى تموز (يوليو) 2024، وصف في آخر تقرير بحثي له الإعدامات التي جرت في عامي 1981 و1982 ومجزرة عام 1988 بأنها "جرائم وحشية" وتعتبر نموذجًا واضحًا للإبادة الجماعية واستمرار الجرائم ضد الإنسانية، وأكد أن المرشد الأعلى نفسه والعديد من المسؤولين في النظام يتحملون المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم.

في أعقاب صدور التقرير التاريخي للبروفيسور جاويد رحمان، عُقد يوم السبت 24 آب (أغسطس) مؤتمر دولي بمشاركة خبراء ومراسلين ومحامين دوليين بارزين. في هذا المؤتمر، تم مناقشة الجرائم الوحشية ضد الإنسانية في مجزرة السجناء السياسيين والإبادة الجماعية لمجاهدي خلق في عام 1988، والإعدامات الواسعة في عامي 1981 و1982 في إيران، وكذلك الحاجة إلى المحاسبة ووضع حد لحصانة الآمرين والمنفذين لهذه الجرائم بموجب القوانين والمعاهدات الدولية. وكان من بين المتحدثين في هذه الجلسة البروفيسور رحمان والبروفيسور أوسوجي، رئيس المحكمة الجنائية الدولية حتى عام 2021.

مجزرة 1988 وبدء حركة المطالبة بالعدالة
إحدى أبشع حالات انتهاك حقوق الإنسان التي ارتكبها حكام إيران هي مجزرة ثلاثين ألف سجين سياسي في عام 1988. كان 90 بالمئة من المعدومين من النساء والرجال المجاهدين. بدأت المجزرة بالمجاهدين، لكنها تدريجيًا شملت أيضًا المقاتلين الأكراد والسجناء الماركسيين.

في 25 آب (أغسطس) 1988، أرسل مسعود رجوي، قائد المقاومة الإيرانية، برقية إلى الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت، خافيير بيريز دي كوييار، لإبلاغ العالم بحدوث مجزرة كبرى في سجون نظام خميني. في هذه البرقية، كشف رجوي عن الحكم الخطي الذي أصدره خميني لإعدام السجناء السياسيين، وموجة الاعتقالات السياسية التي شملت أكثر من 10 آلاف شخص. كتب قائلاً: "بدأت الإعدامات الجماعية للسجناء السياسيين، بينما كان العديد منهم قد أنهوا فترة حكمهم."

حتى ذلك الوقت، لم يكن أحد يعلم بحكم المجزرة. بعد اثني عشر عامًا، نشر آية الله حسينعلي منتظري، خليفة خميني الذي تم عزله، النص الأصلي لهذا الحكم. في عام 2019، كشفت المقاومة الإيرانية عن أسماء 35 لجنة موت. كانت هذه اللجان، التي عينها خميني لتنفيذ الإبادة الجماعية للسجناء في جميع المحافظات الإيرانية، مسؤولة عن تنفيذ هذه الجرائم.

اعترف الملا مصطفى بورمحمدي، أحد أعضاء لجنة الموت في طهران والذي كان مرشحًا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة للنظام، بأنه كان عضوًا في 30 لجنة موت، كان لكل منها من 3 إلى 5 أعضاء لتنفيذ تلك المجازر. كانت مبادئ العمل لهذه اللجان تستند إلى عبارات من حكم خميني الذي كتب: "الرحمة بالمحاربين هي سذاجة. الحزم تجاه أعداء الله هو من المبادئ التي لا تقبل الشك في النظام" و"بسرعة دمروا أعداء الإسلام"!

هذا الحكم الرهيب كان ولا يزال قاعدة ثابتة في سياسة نظامي خميني وخامنئي تجاه الأجيال المتعاقبة من المجاهدين، وقد تم ترسيخه كقانون رسمي.

دورة القتل المستمرة في عهد خامنئي
بعد خميني، أسس خامنئي حكمه على بحر من دماء ضحايا المجازر. خلال فترة حكمه الممتدة لـ 35 عامًا كولي فقيه للنظام، لم تتوقف الإعدامات والقتل يومًا واحدًا. النساء، المراهقون، المعارضون السياسيون، أهل السنة، المثقفون، المفكرون، البهائيون والعديد من الآخرين كانوا جميعهم ضحايا لهذه الإعدامات.

بسبب هذه الجرائم والانتهاكات النظامية لحقوق الإنسان، تم إدانة نظام ولاية الفقيه حتى الآن 70 مرة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الإدانات، استمرت سياسة حصانة قادة النظام من عواقب هذه المجازر. بدعم من هذه السياسة، قامت السلطة القضائية للنظام بمحاكمة غيابية لـ 104 من أعضاء المقاومة في محكمة طهران.

في إحدى جلسات هذه المحاكمات، وصف أحد رجال الدين، باعتباره "خبيرًا فقهيًا"، نضال المجاهدين بتهمة "البغي"، وأوضح بصراحة أن من الناحية الفقهية، تهمة "البغي" أشد خطورة من تهمة "المحاربة"، حيث يمكن للمحكمة إصدار حكم غير الإعدام للمحارب، ولكن العقوبة الوحيدة للبغي هي الإعدام!

تظهر هذه المحاكمات الزائفة بوضوح أنها تُعدّ الأرضية لتصعيد القمع داخل إيران وتوسيع الإرهاب خارج إيران.

التقرير المحايد للبروفيسور جاويد رحمان
أمام الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام في عقد الثمانينيات، التزم المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالصمت لسنوات عديدة. يُعتبر تقرير البروفيسور جاويد رحمان، بصفته المقرر الخاص لحقوق الإنسان في إيران حتى نهاية فترة ولايته، تحولاً هامًا في هذا المجال. فهو الشخص الأكثر تأهيلاً في هذا المنصب، الذي قدم أدق توصيف للجرائم الوحشية التي ارتكبها نظام إيران تحت عنوان "جرائم ضد الإنسانية" و"الإبادة الجماعية" ضد الشعب الإيراني، وسجلها في الأمم المتحدة.

يُظهر تقرير البروفيسور رحمان الحقيقة التي لا يمكن إنكارها حول حياديته في منصبه كمقرر خاص لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة. لقد راجع بدقة شديدة كل حقيقة وضعها تحت المراقبة الدقيقة لضمان صحتها.

الآن، في ضوء هذا التقرير الدقيق والمنصف، حان الوقت لوضع حد للصمت واللامبالاة تجاه كارثة انتهاك حقوق الإنسان في إيران. تقع على عاتق الحكومات والأمم المتحدة مسؤولية الاستمرار في التحقيقات الجنائية واتخاذ قرار باعتقال وملاحقة قادة نظام إيران بسبب ارتكابهم "جرائم وحشية" وإبادة مجاهدي خلق.

من الضروري تقديم آليات للمحاسبة ووضع حد لحصانة قادة النظام من العقاب. يجب على جميع الحكومات والهيئات الدولية الاعتراف بحق الشعب الإيراني في النضال ضد النظام القمعي للخميني.