في خطوة بارزة تعكس التقدير العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان، كرمت منظمة حقوق الإنسان الدولية "العالم بلا إبادة جماعية" البروفيسور جاويد رحمن، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران. جاء هذا التكريم تقديراً لدعمه الثابت لضحايا مذبحة السجناء السياسيين في إيران عام 1988، والتي تعد واحدة من أكثر الفترات دموية في تاريخ البلاد.

تُعتبر مذبحة عام 1988 حدثاً مأساوياً، حيث تم قتل الآلاف من السجناء السياسيين، وترك هذا الحدث آثاراً عميقة على المجتمع الإيراني. وقد كان للبروفيسور رحمن دورٌ محوري في تسليط الضوء على هذه الفظائع من خلال أبحاثه ودراساته، حيث ساهم في توثيق الأحداث وتقديم الأدلة على الانتهاكات الجسيمة التي تمت في ذلك الوقت. في رسالة مؤرخة 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2024، أعربت الدكتورة إلين جيه كينيدي، المديرة التنفيذية لمنظمة "عالم بلا إبادة جماعية"، عن تقديرها العميق لجهود رحمن في الدفاع عن حقوق الإنسان.

البروفيسور رحمن يتمتع بخبرة واسعة في مجالات الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان، وهو ما جعله شخصية بارزة في هذا المجال. لقد كان له دورٌ فعال كونه مقرراً خاصاً للأمم المتحدة، حيث دعا بشكل مستمر إلى إجراء تحقيقات شفافة في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في إيران. كما دعا إلى جمع الأدلة وحفظها لضمان محاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم بموجب القانون الدولي.

إن التزام البروفيسور رحمن بمبادئ حقوق الإنسان يتجاوز مجرد الأبحاث والدراسات. فهو يعمل بلا كلل على نشر الوعي حول قضايا حقوق الإنسان في إيران، ويؤكد على ضرورة تحقيق العدالة للضحايا. وقد أكدت الدكتورة كينيدي على أهمية إسهاماته في تعزيز القيم الإنسانية، مشيرة إلى شجاعته وتصميمه على إبقاء ذكرى المذبحة حية. إن الحفاظ على الذاكرة التاريخية للأحداث المؤلمة يعد ضرورياً لتفادي تكرارها في المستقبل.

تعمل منظمة "عالم بلا إبادة جماعية" على تثقيف الجمهور حول الصراعات الماضية والحالية، والدعوة لحماية الأبرياء ومنع الإبادة الجماعية. وقد أكدت المنظمة في رسالتها إلى البروفيسور رحمن أن الإبادة الجماعية ليست حتمية، بل هي نتيجة لأفعال متعمدة وإخفاقات سياسية. إن تحقيق العدالة لضحايا مذبحة عام 1988 يُعتبر خطوة حاسمة نحو ضمان المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

إقرأ أيضاً: من البنزين إلى الخبز: إيران على حافة الهاوية الاقتصادية

تكريم جاويد رحمن يمثل رسالة قوية للمجتمع الدولي بأهمية التزام الأفراد والمنظمات بحقوق الإنسان. فهو نموذج يُحتذى به في العالم، حيث يُظهر كيف يمكن للفرد أن يكون له تأثير كبير في تعزيز العدالة والمساءلة. في زمن تتزايد فيه التحديات أمام حقوق الإنسان، يبقى البروفيسور رحمن صوتاً قوياً يدعو إلى الحقيقة والعدالة، ويؤكد على ضرورة عدم نسيان الماضي من أجل بناء مستقبل أفضل.

يُعتبر البروفيسور جاويد رحمن رمزاً للأمل والمثابرة في وجه الانتهاكات. يستمر في إلهام الأجيال القادمة للمضي قدماً في سبيل حقوق الإنسان، ويؤكد على أهمية العمل الجماعي لمواجهة التحديات وتعزيز القيم الإنسانية في جميع أنحاء العالم. إن جهوده تمثل ضوءاً في الظلام، ودعوة للمجتمع الدولي للعمل من أجل تحقيق العدالة والمساواة للجميع.

إقرأ أيضاً: زيارة بزشكيان إلى نيويورك وغضب الإيرانيين!

وفي الختام، من الجدير بالذكر أنه في يوم السبت 24 آب (أغسطس)، انعقد مؤتمر في مقر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في أوفيرسورواز لمناقشة الجرائم البشعة ضد الإنسانية في مجازر السجناء السياسيين وإبادة أعضاء مجاهدي خلق عام 1988 والإعدامات التي وقعت في عامي 1981 و1982. حضر المؤتمر مجموعة من الخبراء والشخصيات الدولية البارزة المدافعة عن حقوق الإنسان.

ومن بين المشاركين في هذا المؤتمر كان البروفيسور جاويد رحمن. وقد أشارت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إلى مشاركته في المؤتمر وتقريره الهام حول الوضع الخطير لحقوق الإنسان في إيران، ولا سيما مجزرة 1988 والإعدامات الجماعية في عامي 1981 و1982، قائلة: "أمام الجرائم الوحشية التي ارتُكبت في الثمانينيات، التزمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة الصمت لسنوات. تقرير البروفيسور جاويد رحمن يمثل تحولاً هاماً في هذا المجال. فهو الشخص الأكثر كفاءة في هذا الموقع، والذي قدّم أفضل وصف للجرائم الوحشية لنظام إيران بوصفها 'جرائم ضد الإنسانية' و'إبادة جماعية' ضد الشعب الإيراني، وسجّل ذلك في الأمم المتحدة".

إقرأ أيضاً: تصاعد الإعدامات في إيران: صمت المجتمع الدولي وتشديد القمع

وفي جزء آخر من كلمتها، قالت رجوي: "أرى من الضروري أن أشهد على حقيقة مهمة في هذا المؤتمر. هذه الحقيقة هي النهج المحايد للبروفيسور جاويد رحمن بصفته المقرر الخاص لحقوق الإنسان في إيران لدى الأمم المتحدة. لقد تعامل بدقة وشمولية مع كل معلومة، ووضع كل حقيقة تحت المجهر للتحقق من صحتها. لقد حان الوقت الآن لوضع حد للصمت والتقاعس إزاء الكارثة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في إيران. يجب على الحكومات والأمم المتحدة أن تستمر في التحقيقات الجنائية، وأن تصدر أوامر بالقبض على قادة النظام وملاحقتهم قضائياً بسبب ارتكابهم 'جرائم وحشية'. إنَّ توفير الآليات اللازمة لمحاسبة قادة النظام وإنهاء إفلاتهم من العقاب هو أمر ضروري".

ومن الجدير بالذكر أنه خلال الشهرين اللذين تليا تعيين مسعود بزشكيان رئيساً لنظام إيران، تم تنفيذ ما لا يقل عن 267 حكم إعدام.