أن تعبر المقاتلات الإسرائيلية الأجواء العراقية في طريقها لمهاجمة المواقع العسكرية الإيرانية حدث يجب ألا يعبر بأبعاده مرور الكرام!
العراق الذي كان، وما زال، المحور الإيراني الفاعل في محور الساحات، يتحول إلى ممر لاستهداف طهران؛ تلك مسألة من شأنها أن تميط اللثام عن "اليوم التالي من العلاقة الأميركية الإيرانية".
ماذا يجري خلف كواليس التفاهم الخفي بين واشنطن وطهران؟
في العراق، حين غطس الأميركي في مستنقع التناقضات بعد اسقاط نظام صدام حسين عام 2003، خرج تلاقي المصالح الأميركية الإيرانية الى ساحة التفاهمات العلنية، وأمنت طهران للقوات الأميركية خروجاً آمناً ومشرفاً عام 2011.
ويا لتزامن التوقيت السياسي؛ فبينما كان الأميركيون يحزمون أمتعة الرحيل من بلاد الرافدين، كانت تفاهمات الاتفاق النووي مع بلاد فارس تكتمل خلف الكواليس.
في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، حين أطلق يحيى السنوار مغامرته تحت عنوان طوفان الأقصى، كان الموقف الإيراني: لم نعلم بالعملية!
دعمت طهران حماس غزة حتى الانهيار الكامل، ودفعت بحزب الله لإطلاق جبهة إسناد من بلد يبحث عمن يسنده معيشياً واقتصادياً بذريعة وحدة الساحات.
والنتيجة: تدمرت غزة، وها هي آلة الدمار الإسرائيلية تغّير مع إشراقة كل نهار تضاريس قرى الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية للعاصمة التي ترفض أن تموت.. بيروت.
اليوم، لم تمض ذكرى أربعين اغتيال السيد حسن نصرالله وخليفته هاشم صفي الدين، وبعد أقل من شهر على تصفية يحيى السنوار يكرر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان نداءاته للغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، بإنهاء حالة العداء!
أين ذهبت يا ترى شعارات الموت للشيطان الأكبر؟
لقد آن الأوان أن توضع الحقيقة على طاولة الشعوب، لا أن تبقى في دهاليز التفاهمات المظلمة.
آن الأوان كي يدرك أبناء وطني في لبنان أنهم يذهبون ضحايا في لعبة النفوذ الإيراني في المنطقة، وأن غزة تدمرت وأبناؤها في قوافل التشريد لأنهم انجرفوا في طوفان أُعِد لهم ولم يُقدر لهم.
آن الأوان أن تدرك المجاميع العربية المخطوفة بأمر الدين أن إيران لم تؤمن يوماً بحلّ يضمن قيام الدولة الفلسطينية!
ثم وثم، آن الاوان لإخراج القضية الفلسطينية من بازار المساومات، والبحث عن حلول منطقية جذرية كي لا تبقى الشعوب العربية رهينة شعارات لم تقدم لها سوى الدمار.
إقرأ أيضاً: لبنان.. ماذا عن اليوم التالي؟
من هنا، وجب العودة إلى توصيات القمة العربية الإسلامية في الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، والتي شددت على أهمية إقامة الدولة الفلسطينية كخيار استراتيجي للحل. كما أعادت تصويب القضية الفلسطينية كونها قضية سياسية لا دينية، واعتبار السلطة الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
هذه هي مرتكزات الحل، وهذا هو محور الحراك السعودي بعيداً عن المزايدات الشعبوية والمغامرات العنترية غير محسوبة المخاطر.
عاجلاً أم آجلاً ستتوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، وسيعود أبناء الجنوب إلى بيوتهم، أو ما تبقى فيها من أطلال، فتحت ركامها لا يزال عبق الوطن يفوح أملاً.
إقرأ أيضاً: اللبنانيون.. سلة رهائن على طاولة النفوذ!
سيعودون إلى حقولهم يتلحفون دفء أغصان الزيتون والليمون، والأمل أن تستظل الأجيال بسقف الدولة العادلة بعيداً عن غيوم الوعود المتحركة وفق بوصلة المصالح الإقليمية والدولية.
يستحق الغزاويون وبقية الشعب الفلسطيني أن يعيشوا بأمان في كنف دولة فلسطينية حاضنتها عربية.
ويستحق الجنوبيون كما الشعب اللبناني ككل أن يعودوا إلى كنف الدولة بعيداً عن دويلات الطوائف بأعلام.
التعليقات