انتويرب: لايزال الالماس منذ ملايين السنين هبة الطبيعة الأم التي منحت الصلابة والقوة لتلك المادة التي ترمز اليوم الى العواطف الانسانية اضافة الى ما ترمز اليه من سلطة وغنى وحب ونقاوة وجمال وحماية للشخص الذي يحملها.

وتاريخ الالماس هو تاريخ مدهش مد الجسور بين البلدان والثقافات والعصور القديمة وهذا ما يحاول أن يقوم به متحف الألماس في أنتويرب (بلجيكا) اذ يروي قصة هذا التاريخ الذي صنعه أناس بسطاء عاشوا قصة مدهشة منذ معرفتهم بالالماس من العمل اليدوي الى التجارة العالمية. ووجدت أول أحجار ألماس في الهند منذ 3000 سنة قبل الميلاد وربطها الانسان في ذلك الوقت بالقوة الالهية لندرتها وصلابتها وحين أصبحت موجودة في البلاد الغربية أصبحت ترمز الى السلطة الملكية وحتى يومنا هذا لاتزال ترمز الى السلطة والجمال والغنى.

والمتحف الذي يمتد على مساحة أرض لا تتجاوز كليلومترا مربعا واحدا يعتبر المركز العالمي للألماس حيث يباع في أنتويرب ثمانية من أصل عشرة أحجار ألماس على المستوى العالمي لذا يعد أكبر متحف للألماس ويوجد فيه أكبر ألماستان على الاطلاق.

وتبوأت أنتويرب هذا الموقع في القرن ال16 ولا تزال حتى يومنا هذا وذلك لموقع بلجيكا وأنتويرب خصوصا وللأوضاع السياسية والاقتصادية الثابتة في البلاد ولوجود مجموعة واسعة وفريدة من الألماس في أنتويرب الى جانب مهارات اليد العاملة التي ليس لها مثيل في بلد اخر.

ويتطرق المتحف الى تاريخ الألماس عبر مقاطع متلفزة تشرح للزائر هذا العالم البراق وتغمره في عالم الحلم والتكنولوجيا العالية في ان واحد فيما يركز المتحف على الخيط الذي يصل بين الانسان وما يبعثه الألماس من احاسيس عميقة داخله.

ويتيح ذلك للزائر الدخول الى قاعة الكنوز التي تتوزع على ثلاثة طوابق حيث تفتح الأبواب الثقيلة ذات الهندسة العريقة وحيث يمكن اكتشاف مجموعات فريدة من مجوهرات الألماس التاريخية والعصرية.

وربما اعتقد البعض أن هذا المتحف لا يشكل سوى خبرة علمية حول الالماس غير أن الزائر يشعر أن زيارته هي أبعد من ذلك بكثير ففي التجوال بين القاعات المختلفة يعيش المرء حالا من الغوص في هذا العالم البراق سواء من خلال اللوحات الموضوعة على الجدران أو المجوهرات المعروضة أمامه أو من خلال الشروح الصوتية والمتلفزة.

ويجد الزائر في المتحف جوابا لكل الاسئلة عن ماهية الألماس وامكنة وجوده واستخراجه وكيف تتم المناقصة عليه ومن ثم بيعه فيما يقوم أحد الصناعيين بصقل حبة ألماس أمام الزائرين شارحا أنواع الألماس ومنها النادر جدا كتلك ذات اللون الزهري أو الأصفر أو الأحمر. وتستغرق زيارة المتحف ساعة ونصف الساعة يعيش الزائر خلالها الماضي والحاضر ويحلم بمستقبل صلب وبراق.