عبدالجبار العتابي من بغداد: حين ادى شخصية (الملك غازي) في الفيلم العراقي الذي حمل الاسم ذاته عام 1991،(وهو اخر فيلم عراقي كانت الاضواء المسلطة عليه كبيرة ، ونال الفيلم اهتماما اعلاميا وجماهيريا مميزا وشارك في العديد من المهرجانات العربية والعالمية ولكن بطله الفنان ستار خضير لم يشارك في اي مهرجان وذهب سواه مع الفيلم مثلما تم تكريم سواه ولم يكرم وتلك مفارقة عجيبة ، ستار خضير .. واحد من الفنانين المميزين ، ممثل مبدع مثقف ، يعطي من نفسه الكثير ، يعمل بهدوء وبمزاج طيب ، تجده بعيدا عن الانظار في شغل عن ما يشغل الاخرين ، تشعره يعاني الغبن لكنه لا يشكو ،تشعره يتألم لكن الابتسامة والمرح لايفارقانه ، يتحدث بصراحة وهو مدرك لما يدور حوله ، وقد اجرينا حوارا موسعا معه وقرأنا افكاره فيما يحدث على الساحة الفنية:
حسب متابعتنا فما زلت كثير الغياب ، ما السبب؟
قلة الاعمال على الساحة ، ومن ثم انني احيانا اقرأ واجد الادوار ليست ملائمة لي ، انا منذ ثلاث سنوات ابحث عن الشخصية التي تلائمني ، مثلا شخصية (غماس) في مسلسل (امطار النار) انا اخترتها بعد ان كان دوري غيرها ، ولكنني اتفقت مع المخرج المبدع عزام صالح وطلبت منه ان امثلها لانني احببتها .
وما سبب غيابك عن المسرح ؟
المسرح في هذه الظروف يحتاج الى تضحية كبيرة ، وبالمقابل من يعمل مسرحا الان هو الذي حزم حقائبه للسفر ، وهذه حقيقة ، وهؤلاء معدودون، وهم الذين لديهم موافقة على السفر مسبقا ، اما انا وعدد كبيرمن الفنانين بعيدون عن قائمة السفر ، انا اصلا ابعد ما اكون عن هذه القائمة ، ثم هل ان من يعمل مسرحية الان من اجل ان يراها زملاؤه فقط ، هل هؤلاء لا يعرفون امكانياتي ، وبما انني مبعد من المهرجانات العربية ، اذن ما الجدوى ان اعمل مسرحا لايشاهده الجمهور ولا يشترك في مهرجانات ؟ ، انا لدي الان مسرحية من اعدادي عنوانها (الحارس والخادم) تتألف من شخصيتين ، كما افكر في اعداد مسرحية جديدة عن رواية لم استقر بعد على عنوانها ، سأحتفظ بهما الى (تنفرج) هذه القائمة ، الى ان تصير قائمتين او ثلاث ، الان ان تعمل عملا وتعرضه امام خمسة او ستة ، انا لا اجد جدوى من هذا، لماذا انا اقدم عملا يشاهده هذا العدد والاخر يشارك في المهرجانات ولديه (الكارت الاخضر) ، انا مسبقا احمل (الكارت الاحمر).
منذ متى لم تسافر ؟
- اخر سفر كان عام 1993 في مهرجان قرطاج المسرحي مع مسرحية (رسالة الطير) ايام كانت الفرقة القومية للتمثيل ترسل اعنالا يشترك فيها عشرين فنانا وليس كما الان ليس فيها سوى اثنان او ثلاثة ، اما بعد عام 1994 والى الان فأنا لست من اصحاب (الكارت الاخضر) مع احترامي لهم واعتزازي بطاقاتهم وانا لست ضدهم ومن حقهم ذلك ، ولكن اتساءل : أليس من حقنا ان نشارك في مهرجانات علما انا احمل شهادة ماجستير في المسرح ، منذ عام 1993 والى هذه اللحظة لم اذهب حتى كضيف شرف كما حصل مع البعض، كما في السينما ، انا بطل اطول فيلم روائي عراقي (الملك غازي) ولم اكرم لا هنا من قسم السينما في دائرة السينما والمسرح ولا في مهرجان ولم يشر الي ابدا رغم ان الفيلم حقق حضورا طيبا ، بل ان التكريم كان لشخصية ثانوية لانه كان يشغل منصبا معينا !!، والفيلم شارك في مهرجانات كثيرة ولكن لم تقدم لي اية دعوة والذين سافروا معه اداريون وموظفو الحسابات.
لماذا يحدث لك هذا ؟
لانني لااسير في الطريق الاعوج حتى احصل على دور ، انا لي رب العالمين ومن ثم امكانيتي وحب الناس لي .
ألم تشعر باليأس والندم ؟
مثلما يقال .. لولا فسحة الامل ولولا الطموح ، ولو كان ما مر بي مر بغيري لترك الفن ، انا نحت في الصخر تحت الشمس ، لم اتكأ على احد لا فنان ولا فنانة ، وان كان يشعرني بالالم الا انني لم اجعله يؤثر علي ، ان يتملكني اليأس ابدا ، انا اكسر طوق اليأس كلما حاصرني ، لانني مدرك لما يدور في كواليس الفن ، وانسان واقعي جدا ، وان ما يحدث هو من فعل (المجموعات الفنية) المنغلقة على نفسها .
هل تعتقد ان هذه المجموعات تخدم الفن العراقي ؟
ليس من الصح ان المهرجانات العربية لاتشاهد الا الوجوه نفسها ، والبعض يسأل هل هؤلاء يعملون في العراق فقط ؟ ، كل الدول العربية تتغير فرقها سنويا الا العراق فالوجوه نفسها تذهب كل عام ولاتتغير .
اين الخلل برأيك ؟
الخلل في ان لا احد يقف مع الممثل العراقي اطلاقا ، لاتوجد جهة تسانده ، الممثل العراقي مثل (فلينة) تطفو على سطح البحر وتتقاذفها الامواج والرياح ، فالذي يمسك بسفينة المدراء العامين نجا وسافر ، اما الاخرون فمصيرهم الشاطيء المهمل.
هل يمكن ان اسمي ما تقوله شكوى؟
لا ، ليست شكوى ابدا ، وانما واقع حال ، واقول بصدق ودون رياء ودون احساس باليأس : انا اعمل في التلفزيون وراض عن نفسي جدا واقدم ادوارا ترضيني وترضي الناس ، واعتقد هذا يكفيني ، اما المسرح والسينما فلهما عالمهما الخاص وهو موصود الابواب امامنا ولا يدخل اروقته الا اصحاب الامتيازات الخاصة .
ما جديدك اذن ؟
مسلسل (بيت البنات) تأليف قحطان زغير واخراج جمال عبد جاسم ، واجسد فيه دور (شبيب) الابن الاكبر لـ (الحجي شلش) ، هذه الشخصية تتحمل وزرا كبيرا من المعاناة في العائلة والمظلوم الى حد كبير من قبل ابيه قياسا الى اخيه الاصغر ، ويحمل دائما هموم اخواته البنات في الوقت الذي يضحي فيه بمصلحته من اجلهن ، وعلى الرغم من الدور السلبي الذي تؤديه زوجته الطماعة.
ما الذي اعجبك في الدور ؟
عادة هكذا شخصيات تكون محببة من قبل المشاهد ، وانا محظوظ لأن امثل اجسد هكذا شخصيات قريبة من الحياة الاجتماعية للناس ، والجديد فيها انها عبارة عن موعظة في نهاية العمل وان هذه الشخصية دراسة لكل عائلة ان تتقتدي بشخصية (شبيب) حيث هناك التيار الاقوى للزوجة التي تؤثر عليه بشكل اقوى رغم ما يمتلك من طيبة .
هل في الدور تغييرات في الشكل وسواه؟
الى حد ما لا ، فالاداء هو من النوع الهاديء ، انه يكبت في نفسه ، وكثرة الصدمات التي يتعرض لها قريبة الى نفسي ، انها تحسسني بـ (ستار خضير) ذاته ، كثرة الطيبة جعلتني اصطدم مع اقرب الناس لي بسبب عامل الجشع والمال الذي هو سائد الان.
وبعد .. كل هذه الهموم ؟
لا اعتقد ان هنالك حلا للقضية الفنية في العراق ، لأن الاعشاش التي عشعشت في ابراج عالية جدا لها اصحابها ، ولا اعتقد ان فنانا يمتلك الموهبة يمكنه ان يصل اليها .









التعليقات