هاني نديم ـ إيلاف: تحاور إيلاف اليوم الإعلامية العربية ذات الشهرة العالمية السيدة جيهان منصور، أستاذة الحضارة واللغة العربية والعلوم السياسية في قسم الدراسات الشرق أوسطية بجامعة مريلاند حيث تقوم بالتدريس لطلاب الماجستير من الدبلوماسيين الأميركيين والأكاديميين؛ وجيهان صاحبة البرنامج الشهير (من أميركا) على شاشة ART، ومراسلة قناة quot;روسيا اليومquot;، حاصلة على ماجستير في الأدب المقارن من جامعة عين شمس، بدأت حديثها قائلةً: من أصعب الاشياء أن يكون المحاور ضيفًا!، فقد تعودت أن ألقي الأسئلة وأنتظر الجواب وربما أطلق العنان لمداخلة صحفية على الهواء، ولكن اليوم نتبادل الأدوار، ونتعلم فنون الحياة كل يوم، ولا بد لي من التعبير عن سعادتي بأن أحلّ ضيفة على العزيزة ايلاف.

من هي جيهان منصور أمام الكاميرا وفي الحياة العادية، تجيب: quot;مهنيًا، أنا امرأة طموحة جدًا، عملي هو الأهم في حياتي، وأؤديه بعشق، فحينما اتأهب للظهور أمام جمهوري، ويبدأ العد العكسي للكاميرا (live ) أشعر أنني ذاهبة للقاء من أحب!!، فتأخذني سعادة غامرة، أتحول ساعتها إلى فراشة ملونة، أحلّق (على الهواء) لأصل الى حيث الضوء!...أشعر أنها مسؤولية أن أدخل بيوت الناس، إذ لا بد لي أن أحمل رسالةً جادةً ومضمونًا يحترم وقت المشاهدين وعقليتهم؛ وفي رأيي إن التواضع والبساطة والإعداد الجيد والاطلاع والمتابعة، هي السر لتحقيق النجاح في هذه المهنة التي لا بد أن تبدأ بموهبة ومن ثم التدريب والدراسة الصحافية. أما على الصعيد الانساني، فأنا بنت أسرةٍ مصريةٍ من الطبقة المتوسطة، والدتي أمٌ مصرية حنون، علمتني الأناقة والصبر وكيفية ترتيب الألوان وتنسيقها، كنت أشعر أن أناقتها لا تقارن ولا تقاوم، لذلك تعودت عيني على التناسق والهدوء. لي أخت اسمها نانسي وأخ اسمه عماد، هما أصدقائي وأحبابي وكلهم في القاهرة. والدي طبيب أسنان، مثقف جدًا، يحبّ أم كلثوم ويعتبر أن ألحان رياض السنباطي لها هي أروع ما غنت، كنت أنام على صوت أم كلثوم مرات كثيرة حيث يحب أبي السهر، وكان أول من شجعني على القراءة وتذوق الفن، كنا نجلس لمشاهدة الأفلام في التليفزيون وكان يشرح لي ماوراء القصة وماذا يريد أن يقول المخرج، كان يقول لي مثلاً هنا نجيب محفوظ يشير إلى الثورة، والممثلة تمثل مصر... وهكذا، كان يجمع لي القصص التي تنشرها الأهرام كل جمعة في الملحق، ويقول لي اقرأيها ثم نناقشها معًا... لأكتشف البعد الثالث من وراء الحكاية، علمني قراءة الشعر والادب والموسيقى العربية، كما أنه مولعٌ بالأفلام الأجنبية ايضًا، كان يشرح لي دروسًا في التاريخ العالمي كلما شاهدنا فيلمًا تاريخيًا؛ علمه غزير ولا ينتهي ابدًا، أطال الله في عمره وحفظه لي. أما صديقتي الحقيقية هي خالتي الحبيبة، هي مثلي الأعلى في الحياة وصديقتي وحبيبتي ، وأنا طفلة كنت أحب جدًا أن أكون معها لأنها مرحة وتحب الحياة، وأهم ما يميزها أن لديها طموح وإرادة من فولاذ، تعمل على تحقيق أهدافها بالصبر والتفكير، ولا تقبل الفشل أبدًا، صلبة أمام المحن، روحها جميلة من الداخل ومعطاءة وحنونة، وزوجها ايضا مثل الوالد بالنسبة لي، رجل عصامي بنى نجاحه بيده، شجعاني كثيرًا كي اصل الى ما انا فيه الان، أما ابنة خالتي دينا، فهي شقية وذكية وخجولة ورائعة تدرس الإعلام في الجامعة الان، وتتمنى أن تصبح مذيعة.

مع مخرج البرنامج
* اخترت الإعلام على أنك خريجة أدب انكليزي، هل كان خيارك، وهل أنت راضية عن هذا؟
ـ انا عاشقة للأدب بشكل عام، درست الأدب الإنكليزي وحاصلة على ماجستير في الشعر المقارن انجليزي عربي، وأرى أن هناك علاقة قوية بين الأدب والسياسة والإعلام، فالأدب تعبير وجداني عن واقع سياسي ونفسي، والسياسة هي إفراز لمخاض أدبي وثقافي وتاريخي، والصورة التي أحاول تقريبها هنا نتلمسها مثلا في القصائد السياسية الرائعة لنزار قباني، وأدونيس، ومحمود درويش، ومهمة الإعلامي هي إيجاد هذا الخيط الرفيع الذي يتواري في لا شعور السياسي ليربطه بالارض والشعب، وينبض في احتفاليات الأدباء ليعبر عن حقبة سياسية أو حدث أو قضية ينوء بها كاهل الشاعر أو الأديب كما عبر الأديب العالمي نجيب محفوظ مثلاً عن العمق السياسي للحارة الشعبية المصرية.
الإعلام بالنسبة إلي مثل الهواء، والعلاقة بين الثالوث الأدب والسياسة والإعلام سرمدية في رأيي، ولاعجب اذن أن أدرس الأدب وأعشق السياسة وأعمل بالإعلام فكلها في النهاية مكونات واشتقاقات من الإبداع. الإعلام بالنسبة إلي كان خيارًا، بل هو خياري الوحيد، أشعر أنه رسالتي وموهبتي، وأطلب دائمًا من الله أن يوفقني في أدائها، أنا راضية جدًا عن هذا الاختيار وما زال لدي الكثير من الطاقة والأفكار التي تداعب خيالي وأحلم بتنفيذها عربيا.

* كيف تدرجت وظيفيًا حتى صرت إلى ما صرت إليه اليوم، كيف بدأ الأمر؟
ـ كانت بداياتي في الإذاعة المصرية وكان لها قصة طريفة، فقد تلقيت تدريبات في قواعد اللغة العربية والمصطلحات الأجنبية والإلقاء على يد أساتذة من أعظم ما يكون في الإذاعة المصرية، على رأسهم الأستاذ محمود سلطان كبير المذيعين بالتلفزيون المصري، الأساتذة حازم طه وإكرام شعبان وصالح مهران وعائشة أبو السعد وماهر مصطفى ومحمد نوار الذي أدخلني إلى استديو إذاعة صوت العرب، للتدريب وكان يقرأ تعليق الإذاعة على الأخبار والتحليل السياسي، وكدت أن أصاب بالإغماء حينما رأيت طريقة أدائه في القراءة وعمق صوته وثقته وسيطرته على الاستوديو، ( اتعقدت) واعتقدت أنني لا بد أن أخرج ولا أعود أبدًا، لأنني لم ولن أصل إلى براعته وحنكته وأدائه في حياتي، ولكنه كان أستاذي الجليل الذي علمني أن الإذاعة هي الطريق الصحيح لبداية أي مذيع ناجح في التلفزيون، وأتذكر حينما طلبوا مني أن اقرأ أول نشرة أخبار على الهواء في حياتي في إذاعة الأخبار المتخصصة، قالوا لي أن الأستاذ نوار ليس موجودًا وأخفوه عني في غرفة مهندس الصوت حتى لا أتلعثم في النشرة، وحينما انتهيت، رأيته من الزجاج بين غرفة المهندس واستوديو الإذاعة بكل حنان وتقدير يصفق لي ويهنأني. ثم عملت من خلال الأستاذ حازم طه في فضائية العربية في دبي. وحينما انتقلت للعمل مع قناة الحرة، كانت البدايات صعبة، لأنه مجتمع جديد على أن تجربة العمل في الغرب هو حلم للكثير من الصحافيين، هناك نظام سياسي ومعيشي مختلف، الخطأ الصغير جدًا هنا عقابه فادح، ولا بد من التعايش مع هذا الواقع الجديد، فأميركا لا تمنح الرفاهية التي يتمتع بها مثلاً أهل منطقة الخليج العربي كما حدث معي حين أتيت من دبي الجميلة، الاعتماد على النفس في كل شيء والجدية في أبسط الأمور، الحياة في الغرب نمطها سريع جدًا، تعرضت طبعا لازمات كثيرة في السنتين الأوائل، حتى تأقلمت مع النظام والوضع. لكن أنا أحب جدًا نمط الحياة السريع هنا، يناسبني كثيرًا في الحقيقة، وأحترم جدًا الخبرة التي حصلت عليها من عملي في قناة الحرة، قدمت برنامجًا يوميًا ( magazine ) وقمت بالكثير من التغطيات الإخبارية المباشرة للأحداث، والعمل اليومي مع الأخبار هو شيء ممتع، لكن طموحي كان أكبر من ذلك بكثير، فحينما يجلس المذيع في الاستوديو ليقرأ نشرة الأخبار، يكون كمن يتحدث إلى نفسه، لا يعرف أي شيء خارج الاستوديو ولا يقابل مسؤولين في مواقع عملهم، شعرت أن لدي طاقة أكبر من ذلك، ولا يوجد تحد حقيقي في عملي، وإبداعي مازال محبوساً، استهلك فقط جزءا من عقلي و الباقي معطل، فغامرت بترك العمل هناك، وبعد ذلك عملت في روسيا اليوم تلك التجربة الثرية والجميلة جداً.

* أرجو ان يتسع صدرك لهذا السؤال، دوماً يُتّهم الإعلامي الذي يعمل في قنوات أميركية أو غربية عمومًا بعدم الولاء واللاوطنية، ما قولك في هذا؟
ـ أبداً. أنا أشكرك جدًا على هذا السؤال، فلا بد هنا من التوضيح؛ إن لكل وسيلة إعلامية توجهًا وأجندة سياسية معينة، هذه حقيقة لا يمكن إغفالها، فمثلاً إذا كان التمويل من دولة عربية معينة، أراهنك أن تجد نقدًا واحدًا يوجه في أخبار هذه المحطة إلى النظام السياسي للدولة المُمَولة، فهذا أمرٌ طبيعي. المشكلة تكمن في أننا دائمًا ننظر إلى الإعلام الغربي ونشير إليه بأصابع الاتهام، على أننا ننسى ونغفل تجارب عديدة كان لها مصداقية وتاريخ في العالم العربي وعلى سبيل المثال لا الحصر إذاعة صوت أميركا، أو مونت كارلو، أو البي بي سي، فكنا نستمع الى تلك الإذاعات قبل الوجود الكثيف للمحطات الفضائية لنعرف ما يتم إخفاؤه عنا في الإعلام العربي الذي كان حكوميًا ولم يكن هناك مجال للإعلام الحر أو الخاص وقتها. أما الآن فأنا أعتقد أن ظهور المحطات الفضائية الممولة من الغرب والناطقة باللغة العربية في فترة شديدة الحساسية سياسيًا، قد أضفى نوعًا من التنافسية المطلوبة على المشهد الإعلامي، ولا بد من تنوع المصادر الصحافية للخبر حتى يتثنى للمشاهد معرفة الحقيقة كاملة، وله حرية الاختيار وقتها.

* من واقع عملك مع الإعلام الغربي والعربي، ما الفرق بين إعلامنا وإعلامهم بكل شفافية؟
- بشكل عام تتبلورالفروق الواضحة بين إعلامنا وإعلامهم في سقف الحرية التي تتاح للاعلام الغربي ما يسمح بوصوله لدرجة من النضج تؤهله لأن يكون مرآة تعكس واقعًا ديمقراطيًا فتصبح له القدرة على محاسبة المسؤولين وكشف الفساد للرأي العام في ظل دولة المؤسسات. ومثالي على ذلك تجربتي في أميركا، فأنا الآن مثلا أقوم بتغطية انتخابات الرئاسة الاميركية، ولك أن تتخيل أن حملات المرشحين للرئاسة معرضة للاختبار والتدقيق والتحليل دائمًا، وكل يوم هناك استطلاعات رأي جديدة بناء على أداء ومصداقية المرشح، فتتأرجح اسهمه صعودًا وهبوطًا بفعل تصريح ادلى به او افادة لأحد مساعديه في الحملة وكلنا نتذكر القس quot;جيرمي رايتquot; الذي أثار زوبعة في الرأي العام الاميركي الأسابيع الماضية بتعليقاته العنصرية وكان لها تأثير سلبي على المرشح الديمقراطي quot;باراك اوباماquot;، أو قضية كذب السناتور quot;هيلاري كلينتونquot; حول رحلتها الى البوسنة، وغيرها. وفي ظل وثيقة الاعلام العربي الحديثة، أعتقد أن القيود التي تم فرضها على الإعلام العربي تعرقل مناخ الحرية المطلوب مما يؤخر من نضج إعلامنا للاسف الشديد. فمهمة الإعلام ليست مدح القادة والتنكيل بالمعارضة، ولكن العلاقة بين الإعلام والمبدع والنظام تشكل دائما علامة استفهام كبيرة في أوطاننا العربية.


* بم تحدثينا عن برنامجك من أميركا، وما الهدف منه؟
- quot; من أمريكاquot; هو نبض الجالية العربية الامريكية علي شاشة ART، برنامج يعكس مدى الاندماج والوعي الحاصل بين أفراد الجالية العربية في النسيج السوسيولوجي الامريكي، لدينا قصص نجاح على كافة الأصعدة ولابد من إلقاء الضوء عليها، ونحن نفخر بكوننا من أكثر الجاليات تعليما وثقافة وديناميكية في الكوزموبوليتان الأمريكي، لهذا فإن قناعاتي الشخصية كعربية أمريكية، هي أننا بحاجة إلى مثل هذه البرامج لإبراز وجهنا الحضاري. ففكرة البرنامج جديدة تتمحور حول كل ما يستجد على الساحة الاميركية ، ويصب في اهتمامات الجالية في إطار تحقيقات ومقابلات صحفية تليفزيونية مصورة تحتوي على العديد من الأبواب مثل باب القضايا الهامة، المؤتمرات والمهرجانات، قصص نجاح الجالية، جولة الكاميرا، عالم الفنون، رموز وقيادات على مدار تسعين دقيقة اسبوعيًا، قدمت عددًا كبيرًا من الحلقات من العاصمة واشنطن على مدار عامين، قمت فيها باستضافة مجموعة كبيرة من أقطاب ورموز الجالية العربية على مختلف التوجهات الفكرية والسياسية، شكلت وجبة دسمة في كافة المجالات، وتمثل أرشيفا لقيادات الجالية وانجازاتهم يمكن الرجوع اليه في البحوث العلمية.

* بحيادية، هل رسالتك الإعلامية شخصية أم أن لها بعدًا عامًا ورسالة إنسانية؟
ـ الإعلامي الناجح هو نتاج بيئته وتاريخه، وفي نفس الوقت لا بد أن يكون لديه بصمة خاصة، رسالتي بالطبع تحمل بعدًا عامًا، وهي أن اكون عين المشاهد أجيب عما يجول بعقله من تساؤلات وهو يشاهد حدثًا ما، رسالتي أن أجوب في فكر ضيفي وأتناول عمق شخصيته ومحاور تكوينها، ادخل بيوت المشاهدين عبر الشاشة كفرد من الاسرة واحترم عاداتهم والوقت والثقة التي يمنحوها لي. كما أن رسالتي الإعلامية شخصية وشخصية جدًا، فأنا أكره الظلم والاضطهاد، وأحاول ان اناصر الاقليات والضعفاء، وأحارب الفساد والمؤامرات، وأدعو ربي دائمًا ان يكفيني شر اصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيلة بهم كما يقول الامام علي كرم الله وجهه.

* من تتابع جيهان منصور من الاعلاميين العرب، ومن من الغرب؟
- هناك الكثير من الاصدقاء والزملاء الذين أقدر عملهم جدا مثل الأستاذ محمد الشناوي في إذاعة صوت أمريكا، والأستاذ حافظ الميرازي، وأستاذي حازم طه، وأستاذتي الكبيرة وملهمتي ايناس جوهر، كما احترم جدا الاستاذ حمدي قنديل، في كل برامجه (رئيس التحرير وقلم رصاص)، هو بصراحه أكثر محاور أرتاح جدا لطريقته في اقناع المشاهد واحترام عقليته بدون صراخ ومشادات كلامية لا تفيد المتلقي كما يفعل البعض. والأستاذ الكبير حسن معوض على البي بي سي، كنت انتظره اسبوعيا على شاشة العربية سابقا في ( نقطة نظام). وهناك الأستاذ احمد عبد الله ( العين الثالثة) على شاشة العربية، لانه يقدم نوعًا غير معتاد على الفضائيات العربية وصعبا جدا من برامج التحقيقات الوثائقية، أقدر كثيرًا المجهود الضخم الذي يبذل حتى تشاهد برنامج لمدة ساعة يمكن ان يعمل عليها شهر مثلاً. ومثله الزميل يسري فوده على فضائية الجزيرة، الفكرة الشيقة نفسها في متابعة وكشف الحقيقة أينما كانت.
أما المراسلون: فهناك اثنان قمت بالعمل معهما شخصيًا، وأحترم جدًا تقاريرهما وطريقة الأداء المتميزة التي يتمتعان بها وهما لقمان أحمدBBC ، والصديق العزيز ناصر الحسيني على الجزيرة. وفي المنوعات د.هاله سرحان صاحبة التاريخ الطويل من الحوارات الصريحة على شاكلة( أوبرا وينفري) هنا في أميركا.
* برأيك ما هي الصفات التي يجب أن تتوافر في الإعلامي الناجح والتي من دونها لا يمكن له الاستمرار؟
- عملت كمقدمة أخبار ومقدمة برامج talk show ومراسلة صحافية من الميدان وأرى أن هناك قواسم مشتركة بين الثلاثة، وهي القدرة اللغوية واللفظية والمهارة الصحفية فضلاً عن الصوت العميق والشكل المقنع والمحترم في آن واحد. مذيعة الأخبار لا بد أن تتمتع بسرعة البديهة والذكاء وحسن التصرف والصبر، لأنها تتعامل مع التغطيات المباشرة والأخبار العاجلة وما إلى ذلك فضلاً عن الصعوبة في نوبات العمل الليلي والتي عملت فيها لثلاث سنوات في الحرة مثلاً. أما المراسلة فلابد أن يكون لديها شبكة واسعة من الاتصالات وأن تكون على دراية تامة بسرعة تغيير الأحداث من حولها، إضافة إلى قوة التحمل والتكيف مع العمل فى الميدان في الشمس والمطر والسفر والتنقل وعدم الاستقرار وملاحقة الحدث.
نلاحظ في المحطات الأميركية من يقدم التوك شو مثل شارلي روز و لاري كنج وبولا زون وولف بليتزر وغيرهم ، وبرامج مثل face the nation ، meet the press لابد ان يكون لديه خبرة في كل المجالات السابقة قبل أن يقدم برنامج talk show ، لان القدرة على الإمساك بالحوار مع الضيوف في النقاط المطلوبة وعدم الخروج عنها في سياق الوقت المحدد ومن دون انفعالات على الهواء يتطلب مهارة كبيرة، اضف الى ذلك كم البحث الذي يقوم به مقدم البرنامج قبل كل لقاء حول موضوع النقاش وشخصية الضيف.

* هل تتابعين الحركة الاعلامية العربية يومًا بيوم؟، وما هي الجهات والجرائد والقنوات التي تتابعينها؟
- في مكتبي سواء في (الاسوشيتيد بريس) أو في جامعة مريلاند، أنا أتنقل طبعًا بين الفضائيات العربية دائمًا، روسيا اليوم بالطبع أتابع زملائي هناك، كما أشاهد نشرة على الأقل للجزيرة وأخرى للعربية كل يوم، فلكل منهما رؤية مميزة للاخبار، والآن انضمت البي بي سي أيضًا إلى القائمة وما زلنا ننتظر منها الكثير لتقدمه في الفترة القادمة. المتابعة اليومية للأخبار هي من صميم عملي، أنا عادة أتصفح الجرائد والمواقع الالكترونية العربية في الصباح ويعجبني في الحقيقة ان ابدأ صباحي وانا احتسي فنجان النيسكافيه مع ايلاف نظرًا للتنوع الذي تقدمه على صدر صفحتها الاولى، ثم أجوب بعد ذلك على الجرائد اللندنية مثل الحقائق والحياة والشرق الأوسط والقدس العربي، ومنها إلى الأميركية حتى أكون قد كونت صورة عربيًا ودوليًا ثم أميركيًا عما جرى كل صباح. إلى جانب ذلك طبعًا هناك الكثير من الفعاليات اليومية التي تجري في واشنطن سواء سياسية أو ثقافيةلا بد أن أتابعها.

* ما آمالك على الصعيد الشخصي، وما رسالتك في الحياة؟
ـ أنا آمل- في يوم ما- أن أكون أول امرأة عربية تعمل مديرة محطة اخبار، أحلم بمحطة أخبار يكون تمويلها من الشعب العربي وتنطق بلسانه وتحاول إيجاد الحلول لمشكلاته اليومية ، محطة اخبار سياسية انسانية لا يتحكم فيها رأس المال، ولا الحكومات، أو الأنظمة، يديرها المثقفون العرب عبر مجلس ادارة يتم انتخابه ومحاسبته بشكل ديمقراطي، لا يكون لها توجه سياسي ولا تغلب عليها طائفة معينة او جنسية ما، تكون منبرا للرأي من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، تعلي حقوق الانسان والاقليات و المرأة والطفل والمعوقين، تساهم في نشر الثقافة والتراث العربي العريق ، ثم تتوسع لتصبح ظاهرة ومؤسسة اعلامية عربية نموذجية لغيرها.
أكثر ما يقلقني في الحياة شيئان الظلم والفساد، وأدعو ربي- عز وجل- دائماً ألا أتعرض للظلم أبدا فهو شعور قاتل، وألا أظلم أحدا ما حييت، فلقد مررت بأوقات صعبة كثيراً في حياتي وفي غربتي تعرضت فيها للظلم، لذلك أصبحت أشعر بمشاكل الناس وأوجاعهم وأتمنى أن يمنحنا الله قلبًا ينبض بالخير وينبذ الظلم.