خلف خلف ndash; إيلاف: تشتعل في الأردن حالة من الجدل حول مشكلة اللقطاء أو الأطفال مجهولي النسب، بعد أن سجل مؤخرًا العثور على عدد منهم في أماكن عامة من بينهم رضيعة نجت بأعجوبة، بعدما كادت شاحنة قمامة أن تدوسها. وأخرى عثر عليها جثة هامدة على قارعة الطريق في منطقة عبدون.
ولكن رغم تسجيل ست حالات منذ بداية العام الحالي إلا أن الجهات الرسمية ترفض إطلاق أسم ظاهرة على القضية، وهو ما يرفضه العديد من الخبراء ورجال الدين، مؤكدين أن اللقطاء الذين يعثر عليهم عددهم في ازدياد مطرد، وهو ما يهدد النسيج الاجتماعي.
ونتيجة لتصاعد حالة الجدل في الشارع الأردني حول هذه القضية، قررت الحكومة بداية العام الحالي تشكيل لجنة لدراستها وتحديد معالمها وأسبابها، وبخاصة أنه عثر على 7 لقطاء في غضون شهرين، منهم 5 على قيد الحياة.
وفي تاريخ 14-03-2008 عثرت أجهزة الأمن العام على جثة طفل حديث الولادة في منطقة عبدون. وبحسب صحيفة الدستور فقد حضر إلى المكان الطبيب الشرعي والمدعي العام ومدير الشرطة وعدد من أفراد البحث الجنائي والأدلة الإجرامية.وأمر المدعي العام بنقل الجثة إلى المركز الوطني للطب الشرعي تمهيدا للكشف عليها وتشريحها وتحديد سبب الوفاة.
كما عثر في شهر فبراير الماضي على طفلين لقيطين حديثي الولادة في منطقتي القويسمة والهاشمي احدهما متوفى والآخر على قيد الحياة. ولكن قصة الطفلة التي لم يتجاوز عمرها ساعة واحدة وعثر عليها في حاوية للقمامة العام الماضي أثارت ضجة واسعة في أوساط الرأي العام الأردني. وارتفعت حالة الجدل بعد العثور على رضيعين آخرين رميا على جانب الشارع وسط أماكن عامة.
واستقبلت وزارة التنمية الاجتماعية خلال العام الماضي 36 طفلا مجهولي النسب (لقيطا)، مقارنة مع 28 طفلا في العام الذي سبقه، ولكن مركز الدراسات الإستراتيجية الأمنية في مديرية الأمن العام، الذي أعد دراسة حول الموضوع، ونشرتها الصحف الأردنية الصادرة اليوم يؤكد أن حالات اللقطاء لا ترقى إلى مستوى ظاهرة.
وحسبما أوضح مدير المركز العقيد الدكتور محمد الطراونة فأن الدراسة التي قارنت أعداد اللقطاء المعثور عليهم ضمن الخمس سنوات الماضية ومدى التغير بالنسبة لعدد السكان خلصت إلى أن وجود اللقطاء والأطفال مجهولي النسب لم يصل لحد الظاهرة، حيث إن الحالات المكتشفة تعد ممارسات فردية وإن تقارب الحالات التي وقعت في الآونة الأخيرة أثرت في توجيه الرأي العام ولفتت انتباه المتابع لانحصارها بفترة زمنية قصيرة.
وأوضحت الدراسة أن معدل أعداد اللقطاء خلال السنوات الخمس الماضية هو 6 لكل مليون نسمة وهي نسبة ضئيلة بالمقارنة مع دول وصل المعدل فيها لذات الفترة 36 حالة لكل مليون نسمة. واعتبرت أن اللقطاء مشكلة يجب التعامل معها من خلال مسارات متعددة تتكاتف فيها جهود أكثر من جهة للحد منها باعتبارها نتيجة لعوامل يمكن التحكم بها ومن أبرزها نقص الوازع الديني والتغيرات في القيم المجتمعية نتيجة التطور والانفتاح على مجتمعات ذات قيم مختلفة وغير محافظة مشيرة إلى أن معظم الحالات في المملكة ناتجة عن العمالة الوافدة ما يتطلب مراجعة معايير استقدام العمالة الوافدة ومدى الحاجة لها.
وأوصت الدراسة للحد من ظهور الأطفال المجهولي النسب نهوض الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد بدورهم الكبير في تنمية الوازع الديني والأخلاقي وزرع الأخلاق الحميدة, وكذلك توضيح آراء المختصين الاجتماعيين والنفسيين ورجال الدين حول الموضوع بما يوضح الأسباب والعواقب ويخاطب الفئات الأقل ثقافة والتي أظهرت الدراسة أن عددا لا بأس به من اللقطاء نتيجة علاقات غير شرعية بين هذه الفئة.
ومن ضمن التوصيات المطروحة والتي تعالج الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية لهذه الحالات توجيه الأسرة لتعزيز القيم الصحيحة ومراقبة الأبناء في علاقاتهم وترسيخ المبادئ الأخلاقية وحث الشباب على الفضيلة والزواج باعتباره مؤسسة تحافظ على تماسك المجتمع وتلبي الحاجات الإنسانية لدى الجنسين. ولم تغفل الدراسة دور الإعلام الموضوعي في المساهمة للحد من حالات الأطفال مجهولي النسب بالتوعية وإيصال الرأي المختص.
وكان متخصصون في الأردن طالبوا بإنشاء سجل وطني لحالات أطفال مجهولي النسب quot;اللقطاءquot; لعدم كفاية المعلومات, ولمساعدتهم في التعرف على حجمها وظهور أساليب جديدة للتخلص منها بتركها في ظروف تعرض حياة هؤلاء الأطفال للخطر لعدم الرغبة في بقائهم على قيد الحياة. وأكدوا لوكالة الأنباء الأردنية quot;بتراquot; أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام المنضبط في الكشف عن الممارسات الخاطئة بإلقاء الأطفال اللقطاء في أماكن تعرضهم للخطر، وبيان مخاطر هذه السلوكيات على المجتمع سعيا لحلها.
ويذكر أن قانون العقوبات الأردني وتعديلاته رقم 16 لسنة 1960 تضمن نوعا من الحماية الجزائية للأطفال مجهولي النسب كما جاء بالمادة 288 من القانون والتي تنص على انه (من أودع ولدا مأوى اللقطاء وكتم هويته حال كونه مقيدا في سجلات النفوس ولدا غير شرعي معترفا به أو ولدا شرعيا عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين).
التعليقات