أجّجت قضية الفنان المصري نور الشريف مجددًّا الكلام عن حرية الصحافة المصرية التي يعتبرها بعضهم أنّها مقموعة، حيث اخذت هذه القضية أبعادًا واسعة اثر قرار احالة الصحافيين في جريدة البلاغ المصرية الى المحاكمة بعد اشارتهم الى ممارسة الشريف المثلية الجنسية

القاهرة: استعرضت هيئة مكتب نقابة الصحفيين المصرية أمس الأربعاء فى اجتماع برئاسة النقيب مكرم محمد أحمد أزمة الفنانين الذين اتهمتهم صحيفة quot;البلاغ الجديدquot; بممارسة المثلية الجنسية ، وأوصت الهيئة بإحالة الواقعة لمجلس النقابة لاتخاذ ما يراه مناسبا من الناحية القانونية بعد إحالة القضية للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح السيدة زينب .

وكانت صحيفة quot;البلاغ quot; قد نشرت تقريرًا يشير إلى أن شرطة السياحة والآداب أجرت تحقيقًا مع نور الشريف وزميلَيه خالد أبو النجا وحمدي الوزير لممارسة المثلية الجنسية في أحد فنادق القاهرة الكبرى. وهو ما استغربه الفنانون ونفته وزارة الداخلية. وحرك الفنانون بدعم من نقيب الممثلين دعوي ضد الجريدة وطالبوا بتعويضات مادية ضخمة . وقد أحال النائب العام رئيس التحرير عبده محمد مغربي، ورئيس التحرير التنفيذي للصحيفة، أحمد فكري أبو الحسن، والصحافي إيهاب العجمي، الى المحاكمة بتهمةquot; الطعن في الأعراض عن طريق النشر quot;.

وكان من المنتظر أن تحيل هيئة المكتب الصحافيين المشاركين فى الخبر ، ممن يحملون عضوية النقابة فقط ، حيث لا تملك النقابة سلطة على الصحفيين غير النقابيين، الى لجنة تحقيق أو تأديب ، لكن قرار إحالة النائب العام للصحافيين الثلاثة الى المحاكمة الجنائية جاء quot;سريعًا وغير متوقعquot; وقطع الطريق أمام هذه الخطوة ، حيث قال صلاح عبد المقصود، رئيس لجنة التأديب في النقابة، ان اللجنة كانت مستعدة لمحاسبة الصحافي المسؤول، إذا أحالت النيابة القضية إليها، لكن تصعيد الأمر الى المحكمة يمنع مساءلة الصحافي لوجود quot;مبدأ قانوني ينص على عدم محاكمة الشخص مرتين في قضية واحدة quot;.

وسبق ان اتخذت نقابة الصحافيين عقوبات رادعة وصلت الى حد الشطب فى حالات شبه مماثلة مع رئيس تحرير صحيفة النبأ الراحل ممدوح مهران عقب نشره موضوعًا بالصور عن راهب مشلوح يمارس الرذيلة فى الكنيسة ، وأيضًا الدكتور محمد عبد العال ، حسبما قال عبد المحسن سلامة وكيل النقابة. واستنكر سلامة ما نشر في جريدة البلاغ واصفًا اياه بـ quot;سلوك شائنquot; ترفضه النقابة باعتبار أن quot;دور الصحافة نشر المعلومات والدفاع عن المجتمع وليس التشهير بالأعراض والابتزاز quot;.

وفي الجانب الآخر، يرى جمال عبد الرحيم عضو المجلس ، quot;أن النقابة في حالة اتخاذ موقف سيكون الوقوف بجانب الصحافيquot;، مشيرًا الى ان القضية أخذت أبعاد واسعة المدي بقرار النائب العام إحالة الصحفيين للمحاكمة.

ويتخوف الصحافيّون المصريّون ان يدخل قرار إحالة رئيس تحرير الجريدة وزميليه إلى محكمة الجنايات فى دوامة جديدة تتعلق بالعقوبات السالبة للحريات، وبسجن الصحافيين في قضايا النشر، حيث يصيب هذا الموضوع جميع الصحافيين بقلق بالغ. ولا يخفي الصحافي quot;مصطفى عبد المنعم quot; مخاوفه من أن تصير quot;الأزمة ذريعة لمزيد من تكميم الأفواه وفرض القيود على الصحافة الحرة quot;.

وتتجه الأنظار الى نقابة الصحافيين لاتخاذ موقف حاسم إزاء حالة من quot;عدم الانضباطquot; تسود الوسط الصحافي ، يتهم بعضهم نقابة الصحافيين بأنها احد أسبابها ، حسبما يقول الكاتب الصحافي محمد حمدي quot;منذ عدة سنوات تتردى الصحافة المصرية من يوم لآخر، وتغيب عن عمد المعايير المهنية، ولا تلتزم بآداب وقواعد المهنة، لكن نقابة الصحافيين المنوط بها محاسبة أعضائها لا تتحرك أبدًا للدفاع عن كرامة المهنة التى نلوثها نحن بأيدينا وأقلامنا المفترض أن نسخرها لخدمة الناس ونشر الثقافة والمساهمة فى تنوير والبحث عن الحقيقة لإصلاح المجتمع فإذا بنا نتحول إلى سبب مهم من أسباب إفساده quot;.

ويرى حمدي ان quot;الصحافة المصرية تعيش مأساة حقيقية وخلل كبير في مسألة الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية quot;.وقد تسببت التغطية الصحفية quot;المخجلة quot; لقضية مقتل ابنة الفنانة ليلى غفران ، والتى وصلت الى حد الخوض فى أعراض الفتاتين هبة ونادين واختلاق قصص ليس لها اساس من الصحة، في وضع النقابة في موقف حرج، اضطرت على اثرها للاعتذار لأسرتي الفتاتين، وجددت الحديث حول ضرورة تطبيق ميثاق الشرف الصحافي.