استطاع مسلسل "تشيللو" منذ حلقاته الأولى أن يجذب شريحة كبيرة من المشاهدين، وشكّل أبطاله نادين نجيم، وتيم حسن، ويوسف الخال ثلاثيًا متجانساً وجذاباً. "إيلاف" ترصد هذا العمل الرمضانيّ من خلال هذه المقالة النقديّة.
سعيد حريري من بيروت:نجحت الممثّلة اللبنانيّة نادين نجيم في بطولة مسلسل "لو" خلال شهر رمضان الماضي، ها هي تطلّ من جديد لتُثبت موهبتها في عالم التمثيل، وشغفها في تكريس نجوميّتها عاماً بعد عام، وعملاً بعد عمل.
تبدو نادين متمكّنة من أدواتها في مسلسلها الرمضانيّ الجديد "تشيللو"، وتتناغم في أداء دورها مع بطليْ العمل يوسف الخال، وتيّم حسن.
وتسنح الفرصة ليوسف الخال مرةً ثانية للإطلالة في عمل عربيّ مشترك، يتيح له المجال للإنتشار العربيّ، بمشاركة نادين نجيم للمرّة الثانيّة أيضاً، ولا شكّ بأنّ هذا الثنائيّ بات لافتاً بمدى تناغمه، والكيمياء الدراميّة الموجودة بينه، والتي نجحت منذ عرض مسلسل "لو" بشدّ المشاهدين إليهما. ولو أنّ يوسف الخال الذي تليق به أدوار الفتى الأوّل، بات عليه أن ينتبه إلى وزنه الذي إزداد بشكل لافت، وبدا ذلك ظاهراً على وجهه.
ويدخل تيّم حسن على خطّ الثنائيّ نادين ويوسف هذا العام، ليشاركهما تجربة الدراما الرمضانيّة، مضيفاً إلى العمل الطابع العربيّ،& كاشفاً عن سحر خاصّ لحضوره المميّز الذي يأسر العنصر الأنثوي بوسامته، وهذا ما بدا واضحاً من خلال التفاعل والتعليقات على وسائل التواصل الإجتماعي على حضوره في المسلسل. يبدو تيّم واثقاً، ومتمكّناً، ومتجانساً مع نادين ويوسف ليشكّل معهما ثلاثياً مميّزاً هذا العام.
هذا الثلاثيّ ينجح من خلال الحلقات الأولى& لمسلسل "تشيللو" في جذب إهتمام المشاهدين، والمتابعين والنقّاد للأعمال الرمضانيّة تحت إدارة المخرج سامر البرقاوي، الذي نجح العام الماضي في قيادة سفينة "لو". فالصورة الإخراجيّة ممتازة، وذات جودة عالية، كما برع المخرج في إختيار أماكن التصوير، وتحديداً بيت الزوجيْن نادين ويوسف الذي يتسّم بالأناقة والبساطة في آن، في حين نقل لنا فخامة وترف شقّة ومكتب رجل الأعمال الثريّ تيّم حسن، وكذلك الأحياء الراقيّة والشعبيّة من مدينة بيروت حيث صُوّر العمل.
يروي قصّة المسلسل رفيق، وهو عرّاب زواج ياسمين التي تؤدّي دورها نادين نجيم، وآدم الذي يؤدّي دوره يوسف الخال. تتزوّج ياسمين عازفة آلة التشيللو من حبيبها آدم عازف البيانو من دون موافقة والدتها التي تتبرّأ منها. وبعد الزواج يقرّر آدم وياسمين أن ينفّذا مشروعهما الحلم بتأسيس ملهى ليليّ يقدّمان عزفهما فيه، فيحصل آدم على التمويل اللازم للمشروع بعد نيله الموافقة من البنك على قرض ماليّ، وبعد إنشاء المشروع وإكتماله تقع الكارثة بوقوع حريق داخل الملهى الليليّ نتيجة إهمال ياسمين بنسيان ماكينة تسخين القهوة مشتعلة.
تتحطّم آمال الزوْجيْن، ولكنّ آدم يحافظ على رصانته، وحبّه لزوجته ياسمين، ويحاول طوال الوقت تفادي مناقشة الموضوع معها كي لا يزعجها ويشعرها بالذنب، ولكنهما يجدان نفسيهما عرضةً لتهديد البنك، وورطة شركة التأمين التي لا توافق على تغطية تكاليف الأضرار نتيجة الإهمال الحاصل، فيطلب الزوجان من البنك مهلة زمنيّة قدرها شهر لتسديد مستحقّاته.
وهنا يتعرّض الزوجان لتدخّل كلّ من تيمور (تيم حسن) رجل الأعمال المليونير الفاحش الثراء الذي يعرض عليهما عرضاً غير لائق، مصوّباً سهامه نحو ياسمين، مهدّداً علاقة الحبّ القويّة بينها وبين آدم، ومن جهة أخرى يبرز دور "عليا" السيّدة الأربعينيّة الجميلة التي تحبّ آدم، وتلعب دورها في المسلسل الممثّلة اللبنانيّة كارمن لبّس. فتسعى عليا إلى إستمالة آدم إليها بعد تعرّضه لخسارة الملهى الليليّ جرّاء الحريق، وتعرُض عليه المساعدة المالية بشرط أن يخضع لحبّها.
الحبكة الدراميّة منفّذة بإتقان، وتتصاعد وتيرتها حلقة بعد حلقة، كما أنّ أدوار البطولة موزّعة بشكل عادل على الأبطال الثلاثة، مع الأخذ في الإعتبار براعة الممثّلة اللبنانيّة كارمن لبّس في تجسيد دورها كسيّدة أربعينيّة تعيش المغامرة العاطفية بتهوّر دون الأخذ في الإعتبار بسنّ إبنها الذي بات في عمر المراهقة. كما تسعى عليا إلى إستفزاز ياسمين زوجة آدم، ولا تتردّد في نهاية الحلقة الرابعة بأن تطلب منها بجرأة كبيرة بأن تعيرها زوجها بعدما رتّب لهذا اللقاء تيمور كي يستفيد من زعزعة علاقة الثنائي آدم وياسمين لصالحه، بعدما علِم بالحبّ الذي تكنّه عليا لآدم.
أزياء الأبطال كانت لافتة جداً، وهنا لا بدّ من التنويه بجهود منسّقة الأزياء اللبنانيّة مايا حدّاد التي أشرفت على إختيار ملابس النجوم بتأنٍ، وبشكل مناسب جداً لكلّ شخصيّة، ويلعب لصالح مايا جمال نادين نجيم، ووسامة كلّ من تيم حسن، ويوسف الخال في إبراز إختياراتها لأزيائهم، كما وأنّ طبيعة دور المليونير الذي يؤدّيه تيّم حسن أبرز قدرات مايا، وذوقها الرفيع في إختيار أكثر البدلات الرجّاليّة أناقةً وشياكةً وترفاً له، فبدا بكامل أناقته ووسامته في هذا المسلسل، ومن أبرز المشاهد التي تظهر براعة إختيار الأزياء هو مشهد الحفلة التي دعا إليها تيمور في الحلقة الرابعة فبدا تيمور في غاية الأناقة المترفة، لتظهر نادين ويوسف بأزياء أنيقة وبسيطة في آن تعكس مستوى الطبقة الإجتماعيّة المتوسّطة التي ينتميان إليها.
الموسيقى التصويريّة بدت لافتة وراقية أيضاً، وهي من تأليف وتوزيع إيّاد الريماوي، وكان بطبيعة الحال لآلتيْ التشيللو والبيانو الحصّة الأكبر من المقطوعات الموسيقيّة الخاصّة بالعمل.& وجاءت الموسيقى مناسبة لطبيعة مشاهد الحبّ، والخطر، والخيبة، والحزن في المسلسل.
"تشيللو" عمل رمضانيّ مستوحى من الفيلم الأميركيّ "Indecent Proposal" (عرض غير لائق)، وهو من إنتاج صادق صبّاح، وهو عموماً عمل يحترم عقل المشاهد، ويقدّم له مادةً راقية، وجذّابة، ومشوّقة، وترفيهيّة في آن معاً، ولو أنّه يؤخذ عليه أنّه يتمحور أيضاً، كما مسلسل "لو" في العام الماضي، على موضوع الخيانة الزوجيّة. ولكن على العموم، ما زال الوقت مبكّراً للمقارنة بين العمليْن، فلننتظر الأيّام القليلة المقبلة لنرى عمّا ستُسفر أحداث المسلسل، وأيّ رسالة سيحمل مضمونها.
لمشاهدة شارة البداية لمسلسل "تشيللو" التي تحتوي على أغنية "حبّي الأناني"&من كلمات وألحان وغناء الفنّان مروان خوري:
التعليقات