"إيلاف" من بيروت: إعترفت أصالة أم لم تعترف؟ هو سؤال حيّر المتابعين للخبر الصادم بتوقيفها في مطار بيروت بتهمة تعاطي المواد المخدِّرة في الليلةِ الأخيرة من شهر رمضان أثناء مغادرتها للأراضي اللبنانية التي لبّت فيها دعوة إفطار.
وتشعبت الأخبار والإجابات وسط التشكيك بصحة الخبر بسبب تضارب المعلومات حول اعترافها من عدمه، إلا أن النقاش انحصر في البحث بالقشور حول كمية المخدرات التي اختلفت حولها المواقع بين 8غرامات وغرام ونصف، فيما غاب الحديث عن كيفية حصولها على هذه المواد المخدِّرة والجهة التي زودتها بها! وغاب أيضاً ذكر الجهة التي بلغت السلطات اللبنانية عنها ليتم توقيفها للمرةِ الثانية في بيروت بعد أن أُوقفت في العام 2014 تبعاً لمذكرة توقيف صادرة بحقّها عن جهاز الشرطة الدوليّة "الإنتربول".

آنذاك قيل أن التوقيف "كيدي" بسبب مواقفها المعادية للنظام السوري، فهل تكون هذه الحجة نفسها مقنعة اليوم للدفاع عنها من قبل المعارضين للنظام السوري باعتبار التهمة الموجهة لها ملفقة ومفبركة من قبل "حزب الله" اللبناني القريب من النظام السوري والذي له سلطة في مطار بيروت؟ 
أمام هذه الفرضيات وحجج الدفاع يبرز اعتراف أصالة بأنّ كميّة الكوكايين التي بحوزتها هي لاستعمالها الشخصي أمام مدعي عام جبل لبنان القاضي كلود كرم الذي أصدر قراراً بإخلاء سبيلها بموجب سند إقامة على أن تخضع مجدداً وبعد فترةٍ وجيزة لفحص تعاطي المخدرات. 

في التفاصيل
أمضت أصالة أربعة أيام في لبنان وتوجهت مع زوجها المخرج طارق العريان إلى مطار بيروت حيث كان يفترض أن تستقل الطائرة إلى القاهرة. إلا أنها أُوقِفَت إثر العثور على كمية من الكوكايين مخبّأة بأدوات التبرّج في حقيبتها.
في البداية، حاولت الفنانة السورية إنكار الامر نافية معرفتها بوجود المواد المخدِّرة بحوزتها ما رفع فرضية الفبركة ودسّ المواد خلسةً في أغراضها الشخصية، لكن، دائرة الجمارك أحالتها إلى مكتب مكافحة المخدرات في وحدة الشرطة القضائيّة بقوى الأمن الداخلي لاستكمال التحقيق معها وإخضاعها لفحصٍ طبّي للتأكد ما إذا كانت تتعاطى المواد المخدّرة. فخضعت للفحص داخل المطار لتأتي النتيجة إيجابية وتؤكد على تعاطيها. الأمر الذي أجبرها على الإعتراف بأنها تتعاطى المخدرات بشكلٍ شخصي ولا تتاجر بها وأن الكمية التي ضُبِطَت بحوزتها هي للإستعمال الشخصي. 
وفي هذه النقطة بالذات علت أصوات التشكيك بالإجراءات القانونية بعد إخلاء سبيلها سريعاً ومغادرتها لمطار بيروت عند الساعة الثانية والربع فجراً، بعد انتهاء الترتيبات القانونيّة. 

في القانون
إلا أنه في معرض التدقيق في القانون اللبناني، يتبين من نصوصه أنه "في حال ضُبِطَ أحدهم بحيازة المواد المخدّرة للمرةِ الأولى وتبيّن أنها للإستعمال الشخصي يُفرَج عنه بعد التعهد بعدم التعاطي من جديد. أما لجهة استغراب السرعة بترتيبب الإجراءات القانونية لخروجها من الأراضي اللبنانية فهذا ينفي بطبيعة الأمر وجود كيدية ضدها ويلغي فرضية التدخلات من جهةٍ سياسية للإيقاع بها بسبب عدائها للنظام السوري! بحيث أن التوضيح الصادر في هذا السياق يشرح أن سرعة الإجراءات تمت بسبب وقوع الحدث ليلاً! وفي طبيعة الحال، هل يخفى على أحدهم الإهتمام الخاص الذي يحظى به المشاهير في كل مكان؟! 

البرقية الرسمية
وعليه، منعاً للتكهنات، فإننا نستند في صحة الخبر وتفاصيله إلى نص البرقية الرسمية الصادرة من السلطات اللبنانية حول التوقيف، والتي جاء فيها: "عند الساعة 6:40 من تاريخ الأحد حزيران، سلّمت فصيلة تفتيشات المطار الى فصيلة الضابطة الإدارية والعدلية، المدعوة أصالة نصري، والدتها عزيزة، مواليد عام (1969) سورية الجنسية، وتحمل جواز سفر بحريني بعد أن عثر داخل حقيبة اليد خاصتها على عبوة بلاستيكية تحوي بداخلها على 5.2 غرام من مادة الكوكايين، وذلك أثناء تفتيشها عند المدخل الرئيسي شرق قلعة المغادرة أثناء سفرها الى القاهرة على متن الخطوط الجوية اللبنانية.
وفي متابعة للخبر، فقد علمت النيابة العامة بشخص النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم، الذي اطلع من الضابط الذي أجرى فحص اختبار المخدرات وجاءت النتيجة إيجابية، حيث قرر ترك الفنانة أصالة التي كان يرافقها زوجها للسفر الى مصر بسند إقامة، على أن تخضع الى فحص مماثل لدى دخولها وخروجها من وإلى بيروت ليبنى في المستقبل على الشيء مقتضاه.

مقصلة النقد
تضاربت الآراء بين أهل السياسة ورواد مواقع التواصل الإجتماعي. وعلى ما يبدو، فإن خروج "نصري" بهذه السرعة أثار حفيظة مؤيدي النظام السوري في لبنان. فقد انتقد الوزير اللبناني السابق وئام وهاب قرار القاضي بإخلاء سبيلها قائلاً: "بشرى للمعارضين السوريين في لبنان بإمكانكم حيازة المخدرات وكلود كرم سيتكفل بإخلائكم".

وأضاف: "هناك مئات اللبنانيين المرميين في السجون لأنهم ضيّفوا رفاقاً لهم سيجارة حشيش وأصالة يتم إخلاؤها خلال ساعات وهي تحمل كمية كوكايين".

من جهةٍ أخرى، دافع عنها المغرّدون باعتبارها ضحية. حيث استعان أحدهم بفيديو لمشاركتها بحملة التبرّع بالدم مؤخراً، وسأل: هل يمكن لمدمن مخدرات أن يتبرّع بالدم؟!

فحص عام!
يبقى، هناك سؤال غائب عن البال وسط هذه الضجة العارمة حول اعتراف أصالة بتعاطي المواد المخدِّرة: ماذا لو خضع كل الفنانين أو بالأحرى المشاهير بشكلٍ عام لفحص تعاطي المواد المخدِّرة؟ كم منهم ستكون نتيجة فحصه سلبية؟ ألم يسمع أحدهم بخبر التعاطي عن فنانين آخرين؟ وهل ستموت سمعة فنانة بتعاطيها لكمية من المواد المخدرة؟
مهلاً، هناك بعض الدول الأوروبية التي سنّت القوانين الخاصة التي تُشرِّع استخدام المواد المخدِّرة وفق تعليماتٍ للسلامة وبكميات محددة يعاقب القانون على تجاوزها ومخالفتها وليس على التعاطي بحد ذاته. وعليه، بعيداً عن التبرئة والتأييد، فإن المنطق يدعو الذين نصبوا أنفسهم قضاة للشأن العام لمحاسبة "أصالة" بأن يفتحوا المحاكمة الإجتماعية بتعميم الفحص والحساب على الجميع دون استثناء! فهل يجوز أن تكون أصالة الضحية الوحيدة بين مقصلة المجتمع ورأفة القانون؟!

يبقى أن أصالة غنّت لفيروز "بحبك" يا لبنان على مسرح ستار أكاديمي عقب توقيفها الأول، فهل ستغنّيها مجدداً بعد هذه التجربة القاسية في مطار رفيق الحريري الدولي؟



في النهاية لا بد من الإشارة إلى أنه وفقاً لأخبار الوكالات، فإن سجلات المطار لم تلحظ اسم أصالة بين الواصلين والخارجين منه إلى القاهرة. وعليه، تتعدد الإحتمالات بين أن تكون محتجزة في المطار، أو ظلت بداخله بانتظار أولادها لتسافر لدولة ثالثة فوراً. فيما تُرجِّح الأخبار لفرضية ثالثة وهي إمكانية دخولها مصر باستخدام جواز سفر أجنبي مغاير لجواز السفر البحريني المستخدم في كل تنقلاتها، مع احتمالٍ آخر بخروجها من صالة "ضيوف الشرف" المخصصة لكبار الضيوف وأصحاب الطائرات الخاصة، والتي تبقى سجلاتها سرية وغير معلنة.


وفي حين توقع البعض أنها ربما سافرت عبر الخطوط الجوية التركية ولم تكن مصر الوجهة الرئيسية لسفرها منذ انطللاقها عقب إخلاء سبيلها من بيروت! أعادت الفنانة هند صبري نشر تغريدة للفنانة السورية كندة علوش التي طمأنت فيها محبي أصالة مؤكدة على أنها بخير وستكون قريباً بين أهلها في القاهرة. فيما عاد شقيقها الذي كان برفقتها وزوجها خلال هذه الرحلة ليؤكد عبر مقطع الفيديو الذي نشره عبر مواقع التواصل أنهم وصلوا بخير إلى مطار القاهرة.