إيلاف من كان: تستمر عروض أفلام الدورة الـ76 من مهرجان كان السينمائي الفرنسي العريق، وتتواصل معاناة الصحفيين سواء مع حجز التذاكر أو مع سوء الأجواء من هطول للأمطار الأمر الذي يصعب من الوصول لمشاهدة الأفلام لكن لايمنع من الوصول لها.

كان يوم أمس بداية العروض السينمائية العربية في المهرجان بعرض فيلمين هما الأردني "إن شاء الله ولد"، والمغربي "صحارى"، بجانب عروض عدد من الأفلام المشاركة في المسابقة الرئيسية للمهرجان .

"إن شاء الله ولد " عن واقع يغلي تحت ذكورية مشرعنة

في مشاركة تعد الأولى في مهرجان كان السينمائي تحضر الأردن بفيلمها "إن شاء الله ولد" للمخرج أمجد الرشيد ضمن قسم أسبوع النقاد، والذي عرض يوم الخميس ثاني أيام فعاليات مهرجان كان.

لطالما كان للسينما الأردنية في سنواتها الأخيرة نشاط سينمائي كبير بعدد من الأفلام المهمة كـ (فرحة، الحارة، وبنات عبدالرحمن) تختلف العناوين وتتنوع لكن فيما يخص الأفلام التي تتناول عصرنا الحاضر فـ "بنات عبدالرحمن" مثلا يتطرق لذكورية المجتمع وسيطرتها على جميع مفاصل الحياة، التضييق على المرأة، وقضايا العنف تجاه المرأة، وهذا ما لايبتعد عنه فيلم "إن شاء الله ولد" والذي تدور أحداثه حول "نوال" التي يتوفى زوجها فجأة ليتحتم عليها أن تنقذ ابنتها ومنزلها من مجتمع شرقي تتحول فيه القوى بناء على جنس طفلك إن كان ذكرا ً أو أنثى. يشارك أمجد الرشيد في الكتابة مع دلفين أوغت و رولا ناصر، وهو من بطولة منى حوا،هيثم عمري، يمنى مروان، سلوى نقارة، محمد جيزاوي، إسلام العوضي، وسيلينا ربابعة.

تميز الفيلم بطرح عدة أسئلة مثيرة حول المجتمع والدين وعن مدى جدواه في هذا العصر الحديث، بشكل مباشر دون خوف أو محاولة تجميل، وربما هذا ماعاب الفيلم في بعض حواراته التي أخذت طابع مباشر.

أحد أهم ميزات الفيلم هو السيناريو الجيد من خلال الاهتمام بالتفاصيل بدءاً من وفاة الزوج مرورًا بتفاصيل الورث الدقيقة والمعقدة ثم تفاصيل الوصاية على الأطفال وبفارق إن كان مولودك ذكرً أو أنثى كل ذلك جعل من القصة وتفاصيلها منطقية بشكل كبير.

كما تميز الفيلم بالأداء التمثيلي لبطلته منى حوا التي كانت في أعلى مستوياتها في العديد من مشاهده، كمشهد السيارة مع حبيبها، ومشاهدها في المحكمة، او مع الطبيب او حتى في تنظيفها لأسنانها، بجانب مشاهدها العديدة مع طفلتها في الفيلم.

"إن شاء الله ولد" تجربة سينمائية تستحق الإحتفاء وبها استمرارية للنجاح الأردني السينمائي في السنوات الأخيرة.

DESERTS (صحارى) لغة سينمائية مرحة

تجربة سينمائية جديدة للمخرج فوزي بن سعيدي بالفيلم الذي، يشارك في قسم نصف شهر المخرجين في مهرجان كان، وتدور أحداثه حول الصديقان مهدي وحميد، الذين يخوضان تجربة مختلفة، في رحلة غير متوقعة في قلب صحارى المغرب، حيث يعملان في وكالة تحصيل، ومن خلال جولتهم البرية مابين صحارى وقرى المغرب يمران بالعديد من المواقف والقضايا، من واقع المجتمع المغربي، عبر مشاهد تعرض قصصهم ومواقفهم بشكل ساخر.

اجمل مافي الفيلم عذوبة وسهولة مايقدمه المخرج فوزي بن سعيدي من لغة سينمائية مرحة، ممزوجة بمشاهد بصريةرائعة مطعما ً إياها بالعديد من الأغاني العربية.

كان ملفتا ً للغاية التجانس والإنسجام في ثنائية أبطال الفيلمفهد بنشمسي وعبدالهادي الطالبي الذين قدما لنا فيلما ًمهما ً وسط توقعات عدد من النقاد بنيله أحد جوائز هذا المهرجان.

فيلم الوحش رائعة كورييد الجديدة

عمل سينمائي جديد يعيد المخرج كورييدا لكان مجدداً، وهو الذي فاز بالسعفة الذهبية سنة ٢٠١٨.

الفيلم يروي حكاية أم تشعر بتصرفات غريبة على إبنها وعندما تتقصى الأمر تجد أن للأمر علاقة له بالمدرسة التي يدرس فيها ومعلميه.

الفيلم يقدم سرد على شكل سينمائي مماثل لتجربة "Rashmon" البديعة للمخرج اكيرا كوروساوا، ليقدم لنا عمل سينمائي يروى القصة من أكثر من جهة ونراها بنظرة مختلفة من كل شخص، ليشركنا كمشاهدين في اكتشاف الحقيقة عبر مشاهدة الحكاية بشكل مختلف في كل مرة من المرات الأربع التي تروى فيها القصة.

البداية بحريق مبنى يكون هو بداية القصة في كل مرة ومن ثم تتوالى الحكايا في الفيلم الذي يغوص في العلاقات الإنسانية الأسرية سواء مابين ألطفل وأمه، أو علاقة الطالب بمدرسته ومعلميه، وعلاقة الأطفال فيما بينهم. ليقدم لنا سردا ً مختلفا ً وسينما مثيرة للتساؤل والإهتمام.

رافق هذا العمل السينمائي أداء مميز من جميع الممثلين خاصة الأطفال الذين قدموا أداءً ناضجا ً وعاطفيا ً بشكل ممتاز .