كشفت جهات رسمية فلسطينية ومختصة بشؤون البيئة مؤخرا، quot;لإيلافquot; قيام مجموعات إسرائيلية بشن حرب ضد الفلسطينيين وبيئتهم من خلال القيام بدفن نفايات سامة على أراض فلسطينية إضافة لإقامة مصانع تنفث غازات وملوثات ضارة بالبيئة وصحة الإنسان في مناطق حدودية بعد أن تم إجبارها على إخلاء مواقعها داخل إسرائيل.


حرب تلويث تشنها جهات إسرائيلية ضد الفلسطينيين وبيئتهم فاقت التوقعات وفقا لما أكدته جهات ورسمية ومختصة بشؤون البيئة من شأنها الإضرار بالبيئة الفلسطينية وإلحاق الضرر بصحة المواطنين.
وقال محافظ طولكرم العميد طلال دويكات خلال لقاء خاص مع quot;إيلافquot;: quot;إن قيام جهات إسرائيلية بدفن نفايات سامة في طولكرم يمثل الهم الأكبر للمحافظة لما يشكله من خطر كبير على الصحة وعلى البيئةquot;.
وأكد أن المشكلة تكمن في وجود نحو خمسة عشر مصنعا إسرائيليا أقيمت غرب مدينة طولكرم وعلى مقربة من المناطق السكنية على أراض محتلة عام 1976 وهذا له تأثير مباشر على مستقبل عملية السلام في ظل إستئناف المفاوضات.
وأوضح دويكات أن هذه المصانع يصدر عنها أبخرة وغازات سامة لها تأثير مباشر على الصحة بحسب الاختبارات والفحوصات التي أجرتها وزارة الصحة وسلطة جودة البيئة الفلسطينية.

وذكر أن الفحوصات دلت على وجود تأثير واضح لهذه المصانع على صحة المواطنين من خلال التأثير على الجهاز التنفسي وانتشار أمراض السرطان.
وبين محافظ طولكرم أن الاعتداءات والانتهاكات التي تقوم بها جهات إسرائيلية ضد البيئة الفلسطينية والمواطنين لم تقتصر على إنشاء هذه المصانع وإقامتها على أراض محتلة بل وتعدت تجاوزاتهم وانتهاكاتهم للقانون الدولي وحقوق الانسان لتصل إلى درجة دفن مخلفات هذه المصانع في الأراضي الفلسطينية.

وقال: quot;إن جهات إسرائيلية تعمل بشكل متواصل للتخلص من نفايات هذه المصانع بدفنها في مواقع وأراض فلسطينية وقامت مؤخرا بدفن نفايات سامة بجوار جامعة فلسطين التقنية quot;خضوريquot; وفي مناطق أخرىquot;.
وأضاف quot;قبل شهر قمنا بضبط مركبة احترقت مؤخرتها وتم توقيف السائق وتحويله للقضاء وتم إجراء فحوصات عدة من قبل سلطة البيئة لما كانت تحمله هذه المركبة من نفايات حيث أظهرت النتائج بأن هناك مواد مسرطنة ومواد تؤثر بشكل كبير على الصحة والبيئةquot;.

ارتفاع نسب الإصابة بأمراض السرطان والرئة
وفيما يتعلق بطبيعة المصانع الإسرائيلية المقامة غرب طولكرم، قال المحافظ: quot;إن الإسرائيليين يمنعون الجهات الفلسطينية من إجراء أية فحوصات في داخل أو في محيط هذه المصانعquot;، منوها في الوقت ذاته إلى أن quot;كل الدلائل والمؤشرات جراء وجود غازات وأبخرة ومن خلال الإطلاع المباشر عبر عمال يعملون بها فإن هذه المصانع تنتج مواد كيماويةquot;.
وأكد quot;أن العمال الذين يعملون بهذه المصانع تعرضوا لإصابات وهناك حالات وفاة ملفتة للانتباه بين صفوف العمال، لافتا إلى وجود محاولات عديدة دولية لوجود جهات محايدة وجهات لها علاقة بحقوق الإنسان من أجل إجراء الفحوصات والاختبارات لاثبات وجود تاثيرات لهذه المصانع على صحة الإنسان الفلسطيني وبيئتهquot;.

وقال دويكات: quot;حين يطلب منهم هذا الأمر يتذرعون بأنهم quot;أصحاب المصانعquot; يقومون بعملية الفحص، موضحا أن أي فحوصات إسرائيلية لم ولن تكون موضوعيةquot;.
وبين أن محافظة طولكرم قامت بعقد ندوات وورش عمل ولقاءات عدة بمشاركة مختصين، تبين من خلالها أنها quot;الأعلى بين المحافظات من حيث نسبة مرضى السرطان والربو والرئة وصعوبة التنفس، وأن نسبة المرض في طولكرم أعلى بكثير من غيرها وتفوق نابلس على سبيل المثال بأربعة أضعافquot;.

وذكر أن هذه المعطيات تؤكد أن إسرائيل تستهتر بكل الأعراف والقيم ولا تهتم بالإنسان الفلسطيني ولا صحته ولا بيئته.
وقال quot;إن هذه المصانع كانت مقامة داخل إسرائيل ورفعت ضدها قضايا في المحاكم الإسرائيلية وأغلقت بقرار من المحكمة لتأثيرها السلبي على المواطن الإسرائيلي وتم نقلها لتقام إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بسبب اتجاه الريح لتؤثر على الفلسطينيين وحدهمquot;.

متابعات حثيثة
وأشار دويكات إلى أن محافظة طولكرم تقوم بمتابعة أية محاولة لدفن النفايات على أراضيها بكل إمكانياتها من خلال الأجهزة الأمنية بالتعاون مع المواطنين الفلسطينيين الذين يسارعون إلى الإبلاغ عن أية مواد مشبوهة.
وأكد أن هذا الموضوع يشكل أزمة حقيقية بالنسبة للفلسطينيين وتعمل المحافظة على الاتصال مع كافة الجهات القانونية والإنسانية للمحاولة في التأثير المباشر على الحكومة الإسرائيلية لإغلاق هذه المصانع والكف عن استخدام الأراضي الفلسطينة quot;كمكان لدفن نفاياتهم السامة والضارة بالإنسانquot;.

وفيما يتعلق بالخطط والتوجهات لدى المحافظة لمنع قيام جهات إسرائيلية بدفن أية مخلفات أو نفايات في أراضي طولكرم، أكد دويكات أن المحافظة بالتعاون مع الأجهزة الامنية والمواطنين ومختلف الجهات تعمل جاهدة لمنع دفن أية نفايات إسرائيلية في الأراضي الفلسطينيةquot;.
وأضاف quot;لقد تم وضع هذه القضية ضمن الأولويات وهناك متابعات حثيثة لمنع أية محاولة مشبوهة لاستخدام الأراضي الفلسطينية كمدافن لهذه المخلفات السامةquot;.

وناشد محافظ طولكرم كافة مؤسسات حقوق الإنسان الدولية بمتابعة هذا الموضوع والإطلاع على مدى التجاوزات الإسرائيلية والخطورة التي تلحق بالانسان الفلسطيني وبيئته جراء وجود مثل هذه المصانع.
وأوضح أن الإسرائيليين يعملون على الحاق الأضرار بالكل الفلسطيني، داعيا كل المهتمين بحقوق الإنسان إلى أن يقفوا إلى الجانب الفلسطيني ليشكلوا أداة ضاغطة على هذا الاحتلال لإغلاق هذه المصانع إلى الأبد.

سلطة البيئة ترصد تجاوزات عدة
بدوره، أكد الدكتور أمجد جبر، رئيس سلطة جودة البيئة في محافظة نابلس في لقاء مع quot;إيلافquot;، أن quot;سلطة جودة البيئة تمكنت من رصد العديد من المواقع الفلسطينية التي تفرغ بها الشاحنات الإسرائيلية حمولتها من نفايات ومخلفاتquot;.
وقال: quot;لقد تم رصد المواقع التي تقوم الشاحنات الإسرائيلية بتفريغ حمولتها فيها وهي منطقة مادما وعينبوس وجماعين والساوية ومنطقة بيت ليد وهي مواقع قريبة من مناطق مأهولة بالسكان وكانت عبارات عن كسارات ومحاجر قديمةquot;.
وأوضح أن quot;التخلص من هذه النفايات يتم في بعض الأحيان بالتعاون مع مواطنين فلسطينيين بهدف مادي أو بهدف طمر هذه الكسارات دون أن يدركوا طبيعة هذه المخلفات والنفايات وأثرها ومخاطرهاquot;.

وذكر جبر أن سلطة جودة البيئة ولجنة الصحة والسلامة العامة في المحافظة قامت بزيارة العديد من المناطق التي وردت من سكانها شكاوى بخصوص مشاهدة شاحنات إسرائيلية تقوم بالتخلص من نفايات في مناطق قريبة من أماكن سكنهم ليلا.
وقال: quot;إن التحرك يكون فوريا بعد تلقي الشكوى ويتم الكشف عن الموقع ومشاهدة طبيعة الضرر واستدعاء صاحب الكسارة أو المحجر للتعرف ما إذا تم ذلك بمعرفته أو لا، حيث يتم محاسبته بناء على ذلك فإذا كان بعلمه وكان حجم الضرر قليل يتم أخذ تعهد عليه، وإذا كان كبير يتم محاسبته ومعاقبته وإجباره على إزالته الضررquot;.

وأكد أن سلطة جودة البيئة تمكنت في إحدى المرات من ضبط شاحنة إسرائيلية تقوم بإفراغ حمولتها في منطقة مأدما جنوب نابلس، منوها إلى أن المخلفات الإسرائيلية التي تم رصدها في نابلس في معظمها مخلفات بناء ومنها مخلفات زراعية وطبية وضبطت مخلفات طبية إسرائيلية في قرية دير بلوطquot;.
وأوضح جبر أن السلطات الإسرائيلية كانت تنوي إقامة مكب نفايات كبير جدا على أراض فلسطينية غرب مدينة نابلس بالقرب من حوض مائي كبير تم توقيفه بفعل الضغط الشعبي والرسمي الذي تصدى لتلك المحاولات.

أضرار متنوعة
وحول الأضرار المتوقعة عن هذه النفايات قال رئيس سلطة جودة البيئة إن الأضرار التي تخلفها هذه النفايات كبيرة على التربة أو المياه الجوفية أو على صحة السكان والحيوانات، والنفايات الطبية خطرها أكبر بكثير خاصة أن الأطفال ربما يقومون باستخدامها الأمر الذي يلحق ضررا حتميا بهمquot;.
وبين أن طاقم سلطة جودة البيئة في محافظة طولكرم تمكن من رصد مركبة محملة بنفايات قادمة من داخل الخط الأخضر وتمت مصادرتها وفحص محتوياتها في مختبرات جامعة النجاح الوطنية وتبين أنها تحتوي على مواد خطيرة كالرصاص والزنك بنسب عالية جدا.

ملوثات المستوطنات
وفيما يتعلق بالملوثات الناتجة عن المستوطنات، قال جبر، quot;بالنسبة للملوثات الناتجة عن المستوطنات فهي متنوعة فمنها المياه العادمة التي تنساب على الأراضي الزراعية وأتلفت العديد من المحاصيل والأشجار، وهناك ملوثات الهواء الناجمة عن المصانع الإسرائيلية المقامة في المستوطنات وعلى مقربة من التجمعات الفلسطينية وهناك متابعات حثيثية بالتعاون مع جامعة النجاح الوطنية لرصد أضرار هذه الملوثات.

وأضاف quot;قمنا بأخذ عينات من مناطق قريبة من هذه المصانع والمنشآت لفحص الغازات وتبين وجود ارتفاع في بعض النسب ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود وقت محدد لتشغيل هذه المصانع لأخذ العينات بدقة عالية ونعمل على توثيق ورصد هذه الأمور وأضرار الغازات كثيرة وتلوث الجو وتلحق الضرر بصحة الإنسانquot;.

وأكد رئيس سلطة جودة البيئة في نابلس، quot; أن إسرائيل تلحق الضرر بالبشر والشجر والهواء من خلال هذه الملوثات لافتا في الوقت ذاته إلى أن هذا الامر يعد مخالفا للقانون الدولي الإنساني ويعد جناية حسب القانون إذا ما قامت قوة الاحتلال بتدمير بيئة أي دولة تحتلها أوتعدت على مياها أو تربتها أو هواءها أو استغلت بشكل جائر وظالم مواردها الطبيعية.
وحول المناطق الأكثر تأثرا في محافظات الشمال بالملوثات والنفايات الإسرائيلية قال جبر quot;إن منطقة شرق نابلس الأكثر عرضة لتلوث المياه العادمة من المستوطنات، فيما تعد المناطق الجنوبية الأكثر تعرضا لدفن النفايات الصلبة أما بالنسبة لتلوث الهواء فهي المناطق الغربية من طولكرم ونابلسquot;.

مستوطنات صناعية بالضفة

من جهته أكد غسان دغلس مسؤول ملف الإستيطان في شمال الضفة الغربية في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot;، أن عدد المستوطنات في الضفة الغربية بلغ 149 مستوطنة سدسها مستوطنات صناعية تلوث البيئة الفلسطينية.
وقال هناك مستوطنات صناعية كبرى تلحق الضرر بالبيئة الفلسطينية بشكل يومي من خلال الغازات التي تنفثها إلى الهواء وكذلك جراء النفايات الصلبة الناتجة عنها إضافة إلى ما تسببه من خطر حقيقي على صحة المواطنين والمزروعاتquot;.
وحول المناطق التي تنتشر فيها هذه المستوطنات التي تصدر تلوثا حقيقيا يهدد البيئة الفلسطينية، قال دغلس: quot;كبرى هذه المستوطنات الصناعية توجد في مستوطنة آرئيل المقامة على أراضي محافظة سلفيت، ومستوطنة جيتيت الصناعية المقامة على أراضي محافظة نابلس وكذلك مستوطنة الون موريه التي أغرقت مياه مصانعها العادمة أراضي المواطنين شرق نابلس وألحقت الضرر بالقطاع الزراعي وأيضا مستوطنة قدوميم المقامة على أراضي محافظة قلقيليةquot;.

وأكد مسؤول ملف الاستيطان أن حرب إسرائيل ضد البيئة الفلسطينية تتمثل بداية بالاستيطان وإقامة المصانع الملوثة للبيئة وكذلك تسريب مياه عادمة للحقول الزراعية وأيضا إطلاق خنازير برية هاجمت المواطنين والحقت الضرر بآلاف الأشجار والشجيرات وأيضا القيام بدفن نفايات ومواد صلبة في الأراضي الفلسطينية.