تعتبر المنابع المائية الطبيعية في الجزائر، قرة عين السكان المحليين كما السائحين الوافدين، لكونها عنوان كبير للثروة المائية الصحية والاخضرار اللامتناهي والتنوع البيئي الذي يمنح الزوار أوقاتا رائعة من الخلوة والهدوء.


الجزائرمن كامل الشيرازي: وفقا لبيانات وزارة البيئة وتهيئة الإقليم، فإنّ الجزائر تحتوي على ما لا يقل عن مائتي منبع تتوزع على عشرات المحافظات الداخلية، وتشتهر منها quot;حمام ملوانquot; بمنطقة البليدة (50 كلم غرب)، quot;ريغةquot; الشهير بمحافظة عين الدفلى (170 كلم غرب)، quot;الضلعةquot; بولاية المسيلة (300 كلم شرق)، quot;حمام الدباغquot; التابع لمنطقة قالمة (420 كلم شرق) وquot;بوحنيفيةquot; بمحافظة معسكر (600 كلم غرب)، كما يبرز المنبع المائي quot;إكسانةquot; بمنطقة البويرة (120 كلم شرق) المعروف محليا بتسمية quot;افراكسنquot;، ويوجد المنبع المذكور في منطقة يقدر علوها عن سطح البحر بـ650 مترا.

ويشير الباحث quot;أحمد أوزيالةquot; إلى أنّ هذه المنابع الحارة التي يتراوح تدفق مياهها ما بين 6 و 25 لترا في الثانية، تحظى بإقبال كثيف على مدار أشهر العام، حيث يفضل الشباب والكهول والشيوخ من الجنسين مراودتها، وتمتاز مياهها العذبة والرقراقة بخصائص كيميائية تفيد في علاج أمراض الجلد والمفاصل والأعصاب والتنفس والأنف والحنجرة والأذن.

ويقول quot;عبد النور ياحيquot; وهو مدير جهوي للسياحة، أنّ مخزون منابع المياه المعدنية في بلاده ظلّ وفيرا استنادا إلى دراسات علمية أظهرت أنّ قوة حجم تدفق ودرجة حرارة مياه هذه المنابع ظلت ثابتة على الرغم من استغلال غير منقطع منذ عديد السنوات، ما يُظهر الحجم الطبيعي الهائل لهذه المنابع الصحية بمياهها وأعشابها.
وبحسب ياحي، تشهد عموم المنابع المائية وشلالاتها معدّل 150 ألف زائر أسبوعيا يتوافدون للتمتع بما توفره هذه المنابع الواقعة وسط فسيفساء من المناظر الغابية والجبلية الخلابة المرشحة لاستقطاب بين 3 إلى 5 ملايين زائر في غضون الأربع سنوات القادمة.

من جهته، يلفت quot;غازي لعبيديquot; إلى مميزات المحطة الحموية quot;سيدي عبد اللهquot; بالطارف، حيث تنفرد بدرجة حرارة قدرها 37 سلزيوس محملة بمعادن كثيرة على غرار كلور الصوديوم والبكاربونات و المغنيزيوم، كما أنها تتسم بنوعية بكتريولوجية عالية الجودة، ويطل عليها جبل بوعابد الكثيف الأشجار.
ويسجّل quot;مروان جيمانquot; أنّ السياحة البيئية في الجزائر تأخذ بعدا أكثر قيمة مع المنابع المائية التي تدفع الهائمين بها إلى استكشاف مناطق جبلية ذات غطاء غابي كثيف بينها جبال ماونة وهوارة وطايا ودباغ شرق البلاد، فيما تشكل السهول و البراري مسطحات أرضية خضراء تعبرها عديد المجاري المائية أهمها وادي سيبوس الذي يعد مصدرا وموردا طبيعيا هاما بهذه المنطقة.

لكنّ فريد، جمال، إلياس وغيرهم من عشاق المنابع المائية يبدون أسفهم لكون الآلاف من مواطنيهم لا يستطيعون الاستمتاع بالجو المنعش لهذه الفضاءات الطبيعية، تبعا لغياب طرق مهيأة كما ينبغي، ويشرح فريد أنّه في فصل الشتاء تكتسي كثير من المنابع حلة بيضاء، لكن العجز المسجل في مجال المنشآت يحول دون تمكين هواة الرياضات الشتوية من التمتع بتلك الظروف المناخية النادرة.

ولعلّ هذا النقص حفّز المسؤولين على التدارك، إذ يكشف quot;حسين رحالquot; وquot;علي ساحليquot; عن برامج موجهة لاستغلال قدرات المنابع المائية بطريقة مندمجة ومتناغمة تكفل ترميم وإعادة تأهيل مراكز الراحة وإنشاء مخيمات خاصة على مستوى المنابع، ومن المرتقب كذلك وضع إشارات عبر مسالك تنظيم الجولات على الأقدام و بالأحصنة و تهيئة فضاءات للعب موجهة للأطفال وأخرى لهواة تسلق الجبال، فضلا عن تهيئة البحيرات الجوفية.

ويجمع مراقبون على ضرورة المحافظة على هذه المنابع وتثمين مؤهلاتها الطبيعية، عبر الحيلولة دون إتلاف الموروث النابض لهذه الثروة وتحصينها ضدّ quot;الاعتداءات البيئيةquot;.