على درب التجديد الزراعي والريفي، بدأت الجزائر برنامجا موسّعا لتحسين المردود النباتي وتنويعه عبر إنتاج أصناف نباتية مقاومة للجفاف، في تجربة تتوقف عندها quot;إيلافquot; مع إحدى مهندساتها، التي تستعرض معالم نموذج فريد في مجال الحفاظ على الجينات الوراثية النباتية.


كامل الشيرازي من الجزائر: تشرح quot;فاطمة معمريquot; الناشطة بمخبر الموارد الوراثية النباتية، أنّ التجربة تقوم في أساسياتها على إنتاج مقومات نباتية ذات نوعية، مبرزة إنشاء بنك للجينات النباتية بضاحية براقي (15 كلم شرقي العاصمة)، بشكل سيسمح باستزراع نباتات مقاومة للجفاف، وهو اتجاه يفرض نفسه كحتمية في بلد يشكو من تراجع لافت في منسوبية الأمطار المتساقطة ما جعل شبح الجفاف يخيّم مجددا.

وتسجل معمري العضوة في لجنة علمية استشارية محلية، أنّ بنك الجينات النباتية تمكّن بفضل تطبيق طرائق علمية حديثة من تحقيق نتائج مشجعة تمس مجموع النباتات العطرية الطبية والأعلاف البرية، مؤكدة أنّ مضاعفة التجارب والبحوث في مجال الحفاظ على الجينات الوراثية، من شأنه مضاعفة الإنتاج النباتي وحتى الحيواني.

وبحسب quot;نجاة باهيquot; فإنّ كثير من النباتات العطرية تواجه لدى نموها هجمات العناكب وأحد أنواع الفطريات، مثل نبات quot;الفرفانquot; هذا المنتوج الطبيعي البيئي بامتياز الذي يحتاج إلى السقي الجيد والأراضي الشديدة الخصوبة.

وتشدد معمري على أهمية الانفتاح بشكل أكبر على الموارد الوراثية الجينية، مقترحة توسيع الممارسة عبر الدول المغاربية، وتبادل التجارب بينها ما سينعكس لا محالة بشكل ايجابي على المنظومة النباتية المغاربية.

ويشير الباحث quot;عيسى أوقاسيquot; إلى أنّ تطوير تجربة النباتات والأشجار المقاومة للجفاف، خيار إستراتيجي يتجاوب مع الخصائص المناخية للجنوب الجزائري ويتصدى لانعكاسات حركة التصنيع المتصاعدة وسط بيئة صحراوية جافة أثرت على توازنات الحياة هناك.

ويوضح quot;جمال برشيشquot; المتحدث باسم وزارة الزراعة الجزائرية، أنّه سيتم تهيئة 70 مزرعة نموذجية، إضافة إلى مائتي مشتلة معتمدة، ناهيك عن المعاهد التقنية والمراكز الزراعية التي ستُعنى رأسا ببرامج انتقائية تعنى بتفعيل إنتاج يراعي مختلف الخصوصيات الزراعية المحلية، وهو ما يدفع إلى إشراك مختلف الناشطين في إطار المعاهد التقنية والمؤسسات المنتجة والتعاونيات الزراعية.

ويفيد quot;جمال برشيشquot; أنّ الإجراءات التي اتخذتها الجزائر لا سيما تلك المتعلقة بأهلية المزارع النموذجية، من شأنها دعم التنمية التكنولوجية الخاصة بالفروع الأساسية، وقيام المزارع المذكورة بلعب دور التدريب في التنمية التكنولوجية لفروع البذور والشجيرات.

وتزخر الجزائر بثروة نباتية وغابية هائلة، تصل بحسب خبراء إلى حدود 3666 نوع، وبين آلاف الأصناف الأصيلة الموجودة هناك، تشتهر أشجار الأرز الأطلسي، الصنوبر الحلبي، البلوط الأخضر، البلوط الفليني، إضافة الى الطحالب والنباتات الجبلية.

وتعد ولاية تندوف الجنوبية، مشتلة للنباتات والأشجار المقاومة للجفاف، بهذا الصدد، يقول quot;عبد القادر ساداتquot; محافظ الغابات بالولاية المذكورة، أنّ منطقة تندوف تعج بأنواع غابية نادرة أكبرها شجرة الأرقان المتواجدة في حالة متدهورة أو باتت في طريقها إلى الانقراض.

وعليه، جرى مباشرة تجارب خاصة بالمحافظة على صنف شجرة الأرقان قد أعطت نتائج quot;مشجعة quot;، تحفز على خوض تجارب أخرى لحماية الأشجار الصحراوية النادرة، في وقت يتم الإعداد لبرامج خاصة بإنعاش النبات في هذه الجهة الصحراوية النائية التي تعاني جرّاء الزوابع الرملية الدائمة وظاهرة الرعي العشوائي المنتشرة وما يترتب عن ذلك من مخاطر على مستقبل الغطاء النباتي عموما والأشجار على وجه الخصوص.

ويتعرض الرصيد النباتي الضخم في الجزائر إلى اعتداءات مستمرة، كالبتر المستمر للأشجار بزعم دفع صناعة الخشب، وعدم الاعتناء بالشريط الغابي، في صورة ما يكتنف إهمال خمسة ملايين شجيرة من الزيتون البري.