تعاني ملاحات الاسكندرية من خطر الزوال بسبب التلوث الذي لحقها ولحق المياه.

فتحي الشيخ من القاهرة: على جانبي الطريق الدولي بمدينة الإسكندرية الساحلية في شمال مصر، تتراص أحواض الملاحات الواسعة، تمتلئ بعضها بالمياه بلونها الأزرق

الصافى، والاخر يظهر اللون الابيض الناصع تحت طبقة رقيقة من المياه، وفي أماكن قريبة منهم يصنع العمال تلال صغيرة بيضاء كالثلج في أحواض ثالثة، لولا لون الارض السمراء على مدي البصر لتوقع الزائر ان هذه ثلوج وانه في قارة اخري بخلاف افريقيا، صناعة الملح في مصر قديمة بعمق حضارتها حيث كان يستخدم في تحنيط جثث الموتي، وبها واحدة من اقدم شركات الملح بالعالم، انشئت في بداية القرن الثامن عشر، ورغم هذا التاريخ الطويل إلا أن ملاحات مصر تعاني في الفترة الاخيرة من التلوث الذي اصابها، والذي ترجع خطورته في انتقاله للانسان من خلال المواد الغذائية، الذي يدخل في انتاجها بنسبة 12% طبقا لتقارير الجهات الرقابية، هذا إلى جانب دخوله في 14 ألف صناعة أخرى كمكون رئيسى أو مساعد.

ملاحات المكس بالاسكندرية واحدة من أهم الملاحات بمصر وأكبرها انتاجا حيث تنتج 880 الف طن سنويا، لكنها ايضا هي الاكثر تلوثا كما يؤكد المهندس جمال ابراهيم احد السكان بالمنطقة المجاورة للملاحات وأحد العاملين بها قائلا: الملاحات تستمد المياه المستخدمة في صناعة الملح من بحيرة مريوط، حيث يصنع الملح من مياهها، في الوقت الذي يصب بالبحيرة الصرف الزراعي والصحي بالاضافة للصرف الصناعي لاكثر من مصنع بالمنطقة،وهذا التلوث بالتاكيد ينتقل إلى الملح والذي ينتقل بدوره إلى الانسان عن طريق مباشر أو ينتقل عن طريق غير مباشر، بعد أن تتلوث البيئة البحرية بالمياه الملوثة الناتجة من الملاحات ويتم تدمير هذه البيئة، هذا الراي يؤكده ابوالعز الحريري عضو البرلمان المصري السابق قائلا: كانت ملاحات المكس تقوم بجلب مياه البحر عن طريق قناة خاص بها، ولكن قام الاهالي بالصرف الصحي عليه بما افسد الملح، لتلجأ الشركة لإستخدام المياه القادمة من تبريد معدات شركة اسكندرية لتكرير البترول وذلك من شاطئ البحر أمام اسكندرية للبترول على رأس خليج المكس، الذي بلغ التلوث فيه أكثر من 1000 ضعف التلوث المسموح به، بالإضافة إلى التلوث الذي تحمله المياه خلال استخدامها وعبورها من مسار الشركة الى الملاحات التي أصبحت مغلقة لا تستطيع تصريف أى مياه زائدة أو ملوثة، ايضا الشركة الالمانية للبورسلين تصرف مخلفاتها على أحواض ملاحات المكس.

التلوث في الملاحات أكبر من هذا بكثير كما يكشف عن ذلك، تقرير لجنة شئون البيئة بالمجلس المحلي للمحافظة، مؤكد اختلاط أكوام الملح الموجودة بالملاحات بالأتربة والغبار الأسمنتي الصادر عن شركة أسمنت الإسكندرية بورتلاند المجاورة للملاحات فضلا عن تلوثها بالتراب والغبار الصادر من شركة حديد الدخيلة، وأضاف التقرير أن هناك انتشارا واضحا للغبار الأسمنتي وهو ما يسبب خطورة شديدة جدا على صحة من يتناولون ملح الطعام المختلط بغبار الأسمنت والحديد، وأكد التقرير أن هناك تلوثا واضحا في أحواض تركيز الملح رقم 4 عن طريق التراب الذي يتطاير من تشوينات خبث الحديد من مصنع أنتاج الحديد المجاور خاصة وأنها ملاصقة لهذه الأحواض، وأوصي التقرير الجهات المختصة بشؤون البيئة التنسيق بين شركة حديد عز وأسمنت بورتلاندي والملاحات للقضاء على التلوث الناتج الذي يسبب خطورة على المواطنين.

أمراض عدة تصيب الانسان نتيجة تلوث ملح الملاحات كما يؤكد الدكتور مجدي حسن استاذ الامراض المعدية قائلا: يؤدي استعمال ملح ملوث في الطعام الى اضطراب وظائف الكليتين و الاصابة بالفشل الكلوي وكذلك الكبد الوبائي وكذلك الانيميا، وهشاشة العظام و فقدان الذاكرة.

حل ازمة التلوث في ملاحات لمكس ليس بالمستحيل كما يؤكد ابو العز الحريري قائلا: يجب أن تقوم شركة الملاحات بانشاء قناة بحرية مستقلة تمدها بمياه البحر من الأعماق بعيدا بعد المياه الاقليمية الملوثة، أوأنشاء محطة صرف لمعالجة اي مياه تصل إلى الملاحات وذلك بهدف منع التلوث الذي ينتقل إلى الانسان وإلى كل الكائنات البحرية بعد ذلك بسبب صرف المياه الناتجة في بحيرة مريوط، وهكذا تتعدد الحلول وتبقي الملاحات في انتظار القرار الذي يعيد إاليها بيئة نظيفة من جديد.