يلفت الانتباه في أطراف مدن العراق أكوام الخردة (السكراب) من الحديد والمعادن وبقايا السيارات و المكائن.



وسيم باسم من بغداد: لا يشذ عن الامر الاحياء الصناعية التي تحتوي على المئات من اكوام السكراب التي تظل لسنين طويلة من دون ان يتم استثمارها عن طريقة اعادة تدويرها او التخلص منها.

واذا كانت مكابس السكراب تمثل الحل الامثل على طريق اعادة تدوير المعادن والحديد فان اغلب المدن العراقية تفتقد الى هذه المكابس بحسب مهندس البيئة كريم الفتلاوي.

وتعمل هذه المكابس على تقليل حجوم اكوام الحديد لكي يسهل خزنها واعادة تصنيعها ونقلها من مكان الى آخر.
وتسبب استيراد آلاف السيارات المستعملة والمنتهية الاعمار،اضافة الى تراكم الكثير من سكراب الاسلحة والمعدات العسكرية في تحويل العراق الى مخزن كبير لسكراب الحديد والمعادن.

وفي الحي الصناعي في مدينة بابل (100 كم جنوب بغداد)، يمكن رصد عشرات السيارات المركونة على جوانب الطرق الفرعية.
ويقول سمير حاجم ان هذه السيارات متروكة منذ فترة طويلة جدا بعدما انتفت الحاجة اليها لكنها تترك في العراء من دون ان يكلف اصحابها انفسهم عناء نقلها الى مقابر السكراب.
ويشير حاجم الى ان كل معمل في الحي الصناعي يمتلك الكثير من قطع الغيار والهياكل المعدنية التي لا يحتاجها لكنه يرفض نقلها الى المكان المخصص.
ويمتلك ابو عصام (كوره) لصهر المعادن داخل الحي الصناعي، لكنه يؤكد ان الكثير من المعادن النظيفة تجد طريقها الى خارج العراق بينما يبقى السكراب الرديء والملوث داخل العراق.

ويتابع: بعض طرق الاستفادة من السكراب هو جمعها عبر باعة متجولين يجوبون الشوارع والاحياء ويطلق عليهم اسم ( عتاك ) حيث يجمعون الكثير من المعادن الثمينة، لكن هذه المعادن تجد طريقها الى خارج العراق في الكثير من الاحيان.

وفي الكثير من مناطق التصنيع العسكري جنوبي بغداد تنتشر الكثير من مقابر السكراب، منذ سنين، من دون اشارات لوجود خطة لتجميعها والاستفادة منها.
وفي منطقة المحمودية ( 15 كلم جنوب بغداد) اكوام من السيارات المنتهية الاعمار والاماكن المستهلكة والأسيجة.
وبدت هذه الخردة المعنية وكأنها امتزجت مع الطبيعة الصحراوية للمنطقة، حيث علاها الصدأ والأتربة.
ويقول تاجر الخردة وليد الطائي ان تسخير المعادن الخردة في العراق سيشكل موردا مهما للميزانية، ويسهم في تنظيف البيئة من بقايا معدات الحروب والسيارات المستهلكة.
وشهد العراق بعد عام 2003 في أعقاب سقوط نظام صدام حسين تهريب الاف قطع الخردة الباهظة الثمن.
ومقابل ذلك استورد التجار الالاف من السيارات وقطع غيارها ليتحول العراق الى مقبرة لسكراب العالم.
وبحسب المهندس عادل محمود الذي عمل في التصنيع العسكري لنحو عقد قبل عام 2003، فان الكثير من الاليات و المكائن والعدد سرقت من المعامل حيث وجد قسم منه طريقة الى خارج العراق اما القسم الاخر فقد اختفى بين البيوت ومعامل التصنيع.

ويشير محمود الى سيارتين علاهما الصدأ على طريق الحلة بغداد منذ عدة سنوات من دون ان ان تلتفت الجهات المنية الى ضرورة ازالتهما.
وفككت طيلة السنوات المنصرمة اثناء الفراغ الامني، الكثير من المعامل والمصاهر و منشآت الحديد، ونقلت الى اماكن مجهولة.

ويؤكد عادل على ضرورة ان يتوفر العراق على مكابس سكراب حديثة للصلب والمعادن اضافة الى مصاهر تعيد تدوير النفايات المعدنية.
ويرى الباحث الاقتصادي ميثم جريان ان هناك حاجة ملحة لتوسيع منح التجار رخص تسمح لحامليها بتصدير الخردة التي لايمكن تدويرها في العراق.
ويتابع: حاجة العراق شديدة الى تدوير الخردة بدلا من الاعتماد على استيرادها بأسعار غالية من الخارج لافتقاده الى معدن الصلب حيث يمكن تحويل هذه الخردة بعد اعادة تدويرها الى احتياطي جيد من الصلب.

وفي الكثير من مقابر الخردة المنتشرة جنوبي بغداد والناصرية والبصرة تزدحم الساحات بالشاحنات المدمرة والطائرات والدبابات والسيارات والمكائن والعدد.
ويتذكر فيصل جبار الذي عمل مع القوات الاميركية في العراق ان من اهم (تلال ) الخردة هي تلك الموجودة في معسكر أناكوندا والتي تم شراؤها من قبل شركة كويتية.
ويضيف الخبير البيئى محمود الى حديثه فيقول : يجب ان تنظم في كل محافظة لجان متخصصة لرفع ( السكراب ) وانقاض المعادن من مدن العراق لاسيما تلك المنتشرة بين المناطق السكنية والزراعية والصناعية.

لكن محمود يحذر من ان بعض السكراب ملوث ويتوجب الفحص قبل اتخاذ أي اجراء بشأنه، وفي حالة تلوثه فان افضل طريقة للتخلص منه هو الطمر.