نهى احمد من سان خوسيه: حاولت الاتصال قبل يومين بزميلة لي صحفية، إلا أن صوتها كان غريبًا جدًا، واعتذرت عن التحدث لأنها وضعت نفسها في غرفة مظلمة، فهذا يساعدها على التغلب على الفترة الصعبة عندما تصاب بالشقيقة ( الصداع النصفي) وتمضي أحيانًا حسب قوة الألم يومين في الظلامإلى أن تعود إلى حالتها الطبيعية. وشرحت لي والدتها أنها عولجت على يد الكثير من الاطباء، لكن من دون فائدة، ولقد قللت الابرة الصينية بعض الشيء من حدة النوبات التي تصيبها، لكنها لم تشفَ منها. وحال الزميلة حال الكثير من سكان بلدان اميركا الجنوبية، حيثزادت نسبة المصابين بينهم بالشقيقة اكثر من ثلاثة في المئة في الاعوام العشر الماضية بحسب تقارير طبية، ولا احد يعرف السبب، على الرغم من أن بعضهم يعيده الى وتيرة الحياة والعصبية وسرعة التحرك والقلق والخوف، لكن أيضًا تلوث البيئة، فالنسبة الاكثر التي تعاني من الشقيقة تعيش في المدن الكبيرة مثل ريو دي جنيرو ومكسيكو سيتي وغيرها.
ويعتبر الدكتور فيليبه روخاس في العاصمة المكسيكية من الاطباء الذين لهم اطلاع واسع على مرض الشقيقة، أنه في الحي الذي تقع فيه عيادته، وهو حي مصرفي تكثر الاصابات فيه، لسرعة وتير الحياة والضجيج الدائم والتوتر المستمر. وفي حديث هاتفي معه طرحت ايلاف عليه بعض الاسئلة المتعلقة بهذا المرض وعادت بالآتي.
*هل يمكنك وصف مرض الشقيقة ومن يصيب بالتحديد؟
-على الرغم من انه مرض غير خطر ولا يؤدي الى الوفاة حتى ولو اصبح مزمنًا لكنّ له انعكسات صحية سيئة، كما انه يعيق المصاب به ويمنعه من القيام بأي عمل من شدة آلام الرأس. بالطبع نوبات الشقيقة ليست دائمة لكن تكون عادة مصحوبة بالحساسية الشديدة من الضوء او الاصوات، وعندما تشتد كثيرًا يصبح الضوء حتى الخافت اداة ازعاج كبير للمريض الذي يشعر ايضًا بالاضطرابات العصبية والتقيؤ. وتدوم النوبة عادة حتى الساعة تقريبًا.
وللعوامل الهورمونية دور في اثارة النوبات، لذا فإن النساء اكثر تعرض للشقيقة من الرجال حوالى الضعف. واثبتت بحوث علمية ان الاصابة بالشقيقة في بعض الاسر متكرر ، لذا يمكن القول انها وراثية ايضًا.
*ما هي مسببات الشقيقة؟
-يعتقد اطباء وباحثون ان حدوث الشقيقة يكون نتيجة تحرر مادة كيمائية تدعى السيروتونين في الدورة الدموية، مما ينجم عنه تبدلات في النواقل العصبية وفي الاوعية الدموية في الدماغ. والعوامل التي يمكن ان تسبب حدوث النوبات هي: العصبية والاضطرابات النفسية والجوع ومادة الغلوتامين احادي الصودويوم والكافيين والشوكولا والفاكهة الحاوية على مادة السيترات( الحوامض) والجبن والكحول، والتعب الجسدي المبالغ فيه، او التغيرات التي تطرأ على نمط النوم وارتفاع الضغط الشرياني والاضواء المتوهجة والقوة. لكن ايضا التعرض لتيارات هوائية والسفر الكثير ما يؤدي الى تغير النمط الحياتي خاصة وجبات الطعام والتشنج العضلي.
لذا يمكن للمريض هنا، وعندما يعرف المسببات تفاديها بقدر الامكان، فهذا يساعد على التقليل من حدوث النوبات، لكن يكون هناك عادة اكثر من مسبب، مثل النوم السيئ والقليل وسماع خبر مزعج خلال النهار الذي يعالجه بعضهم بتناول الكحول.
وانصح هنا مرضى الشقيقة بادخال تغير على نظام طعامهم، بحذف انواع من الاغذية او التقليل منها( التقليل من الاجبان) والشوكولا والنبيذ الاحمر. كما ان التغيرات المفاجئة في نسبة السكر في الدم يمكن ان تكون مساعدة لحدوث الشقيقة. ويمكن ضبط نسبة السكر عن طرق استبدال الحلويات بوجبات خفيفة تحتوى على القليل جدًا من السكر، واستبدال الخبز الابيضوالارز بخبز القمح.
*هل توجد علاجات طبية لمرض الشقيقة؟
-تتم معالجة الاصابات الخفيفة بالشقيقة بأخذ حبة مسكنة للاوجاع، كالتي تحتوي على الاسبرين او السيتامول او الايبوبروفين، كما ان الادوية المحتوية على مركبات مضادة للقيء والغثيان تكون مفيدة عند الذين يعانون من هذه الاعراض وقت النوبة. وانا انصح شخصيًا باخذ اي مسكن بسرعة لأن الامعاء يمكن ان تتوقف وظيفتها اثناء النوبة، مما يعني عدم امكانية امتصاص الدواء. اما عندما تكون الاعراض شديدية فتوصف مسكنات الم شديد واخرى لمنع القيء، مثل الايرغوتامين بعد وقت قليل من حدوث النوبة واشتدادها.
وعند اشتداد النوبة يصف اطباء المريض مركبات التريبتان بهدف تصحيح عدم توازن السيروتونين الذي يكون السبب في ظهور الاعراض. وقد بينت دراسات اجريت على 10 الف مريض هنا في المكسيك ان حوالى 60 في المئة من المرض الذين يأخذون سوماتريبتان انخفض الالم لديهم في خلال ساعتين، و30 في المئة تقريبًا زال ألمهم تمامًا.
وتعمل الادوية اليومية مثل بيزو تيفين على منع توسع الاوعية الدموية، وبذلك يمكنها ان تخفف من تكرار النوبات وشدتها، لكنها نادرًا ما تزيلها. ويفضل الكثير من المكسيكيين حاليًا اللجوء الى العلاجات الاخرى كالعلاج بالاعشاب والاجهزة التي ترسل نبضات الكترورنية والاجهزة المغناطيسية والعلاج المثلي( هوميوباتيا) والوخز بالابر ، وكلها تعتبر نافعة.
وكان ينصح قديمًا مرضى الشقيقة باكل ورقة من نبات Feverfew مع الخبز لكن اصبح الان متوفرًا كحبوب، ويمكن لهذا النبات التخفيف من اعراض الشقيقة بنسبة تصل الى 60 في المئة كما يعتقد ان المواد النباتية التي تدعى باللاكتونان نثبط افراز السيروتونين.
*هل يمكن التعايش مع الشقيقة؟
-لا بد من القول ان هذا المرض مشكلة جدية يعاني منها الكثيرون، لذا انصح المصاب بها بشكل مزمن العمل على تنجب المسببات بقدر الامكان وشرب الكثير من الماء يوميًا ( على الاقل ليترين) ووجوب زيارة الطبيب للفحص الدوري، خاصة اذا ساءت نوبات الالم، اذ يمكن للمريض ان يحتاج إلى تغيير الدواء الذي يتناوله او قد يكون تأثير ادوية اخرى يتناولها على وضعه، واخذ قسط كبير من الراحة خاصة للذين يتطلب عملهم الارهاق النفسي والجسدي، والمشى في الهواء الطلق.
التعليقات