يعد الضجيج من أخطر الملوثات البيئية التي تعرف بـ quot;التلوث الضوضائيquot; لما له من أثر سلبي على الصحة الجسدية والنفسية معا.


تزداد الأصوات التي نسمعها كل يوم مع تطور الحضارة واتساعها، فنحن نسمع اصوات محركات السيارات وازيز الطائرات وضجيج الآلات في المعامل الى جانب أصوات أجهزة الراديو وضجيج الشارع الناتجة عن حركة المرور وكثرة السيارات. ومع ظهور هذه الأصوات وازدياد شدتها وتكاثر أنواعها، تظهر المشكلة التي نعاني منها ألا وهي كيف نعمل يوما كاملا دون ان نستطيع أخذ قسط كاف من النوم بسبب هذا الضجيج؟
يقول تقرير لمعهد الأمراض العصبية والنفسية في لوس انجلس ان الضجيج يولد الارهاق الجسدي والنفسي والفكري على السواء، لانه يتطلب منا مجهودا جسديا وعقليا متواصلين. فالاذن تتلقى موجات الصوت المختلفة وترسلها الى الدماغ حيث يتم إحساس السمع، فاذا جمعت الجهد الفيزيولوجي الذي تبذله لسماع شيء ما، كصوت شخص على الهاتف او قرع جرس او صوت مرتفع لطفل أي لمجموعة الأصوات الآتية من شتى أنحاء المحيط الخارجي حولنا، تبين لك مقدار المجهود والطاقة التي تصرفها من هذا المجال يوميا، ومع ان الاصوات مهما علت لا تسبب الصمم او الحالات العصبية، الا انه من المؤكد انها تزيد منها ان هي وجدت باستمرار.

والأصوات الناتجة عن الضجيج تزداد تدريجيا، الى الحد الذي أصبحت معها في بعض البلاد تشكل خطرا على الصحة الجسدية والنفسية. ويكفي ان ننظر الى تزايد عدد أطباء العلاجات النفسية لندرك ذلك، فنسبة المرضى النفسانيين بسبب الضجيج في الولايات المتحدة الاميركية تصل الى حوالي 18 في المئة.

ويقول البعض ان الناس سيعتادون على هذه الأصوات مع الزمن وانه ليس من حاجة للقلق الشديد. الا ان أضرار الضجيج تزداد بشكل مطرد مع ازدياد الأصوات، وهي أهم مما تظهر عليه سطحيا. فالضجيج خاصة في مكان العمل ينقص القدرة على العمل المنتج ويخلق مشاكل مع الآخرين وضمن العائلة، ويزيد من معدل الحوادث والاصطدامات الى حد يشكل خطرا على أمن وصحة الانسان.
وقد ثبت انه اذا تعرض سائق السيارة الى ضجيج كاف لاسترعاء انتباهه، فان قدرته على القيادة السليمة تنقص بنسبة 50 في المئة، ويعتقد ان الضجيج هو العامل الاساسي المسبب لحوالي نصف حوادث السيارات، ولقد استطاعت مدينة ممفيس في الولايات المتحدة الاميركية من خفض عدد القتلى في حوادث السيارات بمعدل النصف بعد ان قامت بحملة واسعة لتخفيض الاصوات فيها .
وتسعى بعض بلدان أميركا اللاتينية اتباع ذلك الحل على ان لا تتجاوز شدة الصوت في المعامل والمصانع او الأمكنة المليئة بالعمال الـ45 ديسيبل وهو مقياس لذبذبات الصوت، واذا ما تعدى الصوت هذا المعدل يجب توفير عازل للصوت اما عبر جدار عازل او جهاز لحماية الاذنين، إضافة الى حظر احداث اصوات مزعجة خلال قيادة السيارات او الدراجات النارية. وتطالب مجموعات شعبية تشكلت مؤخرا بوقف حركة الملاحة الجوية في المطارات الكبيرة أيضا ما بين الساعة الـ 12 والرابعة صباحا.