تُعتبر الذاكرة القوية أفضلية كبيرة وعونا للذكاء والتخالط الاجتماعي. ولكن عندما يتعرض المرء الى خبرة صادمة فان الذاكرة التي تحفظها تصبح عبئا خطيرا عليه ، كما توصلت دراسة شملت ناجين من جرائم الابادة في رواندا.


درس باحثون في جامعة بازل السويسرية جينا له دور في تشفير الذكريات العاطفية والانفعالات. وعُثر في السويسريين الكبار الأصحاء على نوع من هذا الجين يرتبط بالذاكرة البصرية ، وله ثلاث نسخ هي أي أي وأي جي وجي جي. واكتشفت دراسة شملت أكثر من 700 سويسري بالغ ان الأشخاص الذي يحملون النسخة أي أي يتذكرون صورا سعيدة أو ايجابية ومحايدة عاطفيا. كما ربطت فحوص إشعاعية لأدمغة ما يقرب من 400 سويسري النسخة أي أي من الجين بذاكرة أقوى للصور سواء كان تأثيرها العاطفي ايجابيا أو سلبيا.

ثم درس الباحثون عمل الجين نفسه في 347 لاجئا روانديا كبيرا عاشوا جميعهم خبرة اعمال الابادة التي شهدتها رواندا عام 1994 وأُجبروا على الهروب من بيوتهم. وكان نحو 800 ألف شخص قُتلوا في غضون 100 يوم عندما هاجمت ميليشيات وعصابات من الهوتو اقلية التوتسي والمتعاطفين مع افرادها.

ولاحظت الدراسة ان 39 في المئة من اللاجئين يعانون من اضطراب الضغط النفسي ما بعد الصدمة ، الذي يتسم بالاحساس بتكرار الخبرة الصادمة التي مروا بها نتيجة عوامل تذكير حسية بالاحداث مثل سماع اصوات وضوضاء عالية بصورة مفاجئة. ويحاول المصابين باضطراب الضغط النفسي ما بعد الصدمة عادة الابتعاد عن مثل هذه العوامل التي تعيد تذكيرهم بما عانوه ، وقد يسفر هذا عن عزلة وكرب.

وتوصلت الدراسة الى ان احتمالات الاصابة باضطراب الضغط النفسي ما بعد الصدمة كانت أكبر بين اللاجئين الروانديين الذين لديهم النسخة أي أي من الجين المختص بتشفير الذاكرة مقارنة مع الذين يحملون نسختيه الأخريين ، وخاصة اعراض معايشة الخبرة الصادمة من جديد على طريقة الفلاش باك أو العودة بالاحداث الى الوراء.

كما ان تجنب عوامل التذكير بالخبرة الصادمة أكثر انتشارا بين حاملي النسخة أي أي من الجين. وخلصت الدراسة الى ان هناك علاقة وراثية بين استعداد الشخص لبناء ذاكرة قوية وخطر الاصابة باضطراب الضغط النفسي ما بعد الصدمة.