تمثل عملية الإنفاق خلال شهر رمضان عبئاً كبيراً على كاهل الأسرة داخل المجتمع الإماراتي، فلم يعد quot;رمضانquot; أياماً معدودات للصوم والتقرب إلى الله عزّ وجلّ، بل حوّله الكثير من الناس إلى شهر للبذخ والإسراف في المأكل والمشرب والنفقات، فركّز المواطن الإماراتي جلّ اهتمامه مع بداية شهر شعبان، على كيفية توفير الأموال في ميزانية الأسرة، لتكون الأعلى على مدار العام كاملاً، سواءً بالادخار أو بالاقتراض.


على الرغم من أن المركز الوطني للإحصاء في الإمارات معني بحركة الإنفاق والبيع والشراء في دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أنه أكد ndash; حسب مصدر به طلب عدم ذكر اسمه ndash; عدم توافر أي إحصاءات خاصة بالنفقات منذ العام 2010، وأن آخر إحصائية للمصروفات والدخول خلال شهر رمضان كانت في العام 2007/2008.

وعزا المصدر عدم وجود مسح لنفقات الأسر في المجتمع خلال شهر رمضان إلى سببين أحدهما ضعف الموارد المالية في المركز والتي تحتاجها عملية الإحصاء، والثاني أن المسح يتم خلال الأشهر الميلادية، موضحاً أن إجراءه حول شهر هجري quot;رمضانquot; يبدو شبه مستحيل.
فيما أصدر المركز مؤخراً، تقريراً أكد فيه ارتفاع معدل التضخم في دولة الإمارات العربية المتحدة، في أسعار المستهلك، خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 0.64%، مقارنة بالنصف الأول من العام السابق، فقد بلغ متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك على مستوى الدولة للنصف الأول من عام 2012 ما مقداره 116.48، مقارنة بـ 115.73 خلال النصف الأول من عام 2011، ويأتي هذا الارتفاع بين الفترتين نتيجة لارتفاع معظم المجموعات الرئيسة المكونة لسلة المستهلك، مقابل انخفاض في بعض المجموعات الرئيسة في السلة، وهما مجموعة السكن، والتي تشكل حوالى 38% من سلة المستهلك، والتي تلعب دوراً محورياً في التأثير على حركة المؤشر العام لأسعار المستهلك في الدولة، بالإضافة إلى انخفاض طفيف في مجموعة الترويح والثقافة.
ورغم حالة التضخم التي يؤكدها تقرير المركز الوطني للإحصاء فإن عدداً من المواطنين الإماراتيين اعتبروا الإنفاق في quot;رمضانquot; ضرورة، موضحين أن لهذا الشهر الكريم خصوصية في النفقات لا يستطيعون التخلي عنها، فقد توارثوها عبر الأجيال، وأصبحت جزءاً من تكوين مجتمعهم، على حد تعبيرهم.
من جانبه، أوضح علي الزعابي quot;مواطنquot; أن هذا الإسراف في مصروفات الأسرة الإماراتية الذي يلتهم 100% من الميزانية الأسرية، لا يعدو كونه تباهياً، أو ضغطاً من الأهل والزوجة لتوفير الأموال لشراء المستلزمات والكماليات المطلوبة في رمضان والعيد، تحت شعار quot;مثل عائلة فلانquot;، بالإضافة إلى رغبة المواطن في فعل الخيرات في رمضان المبارك كعمل الولائم والخيام الرمضانية، وإخراج الصدقات والزكوات، فيلجأ البعض إلى الاقتراض، مؤكداً أن هذه الظروف توقع رب الأسرة تحت ضغوط كبيرة في كيفية توفير الأموال اللازمة لتلبية كل هذه المطالب، فيلجأ إلى الاستدانة أو الاقتراض.
والرأي نفسه يؤكده عبدالله المرزوقي quot;مواطنquot; بقوله: رواتبنا الضعيفة تضطرنا إلى الاقتراض لتلبية متطلبات هذا الموسم المتزايدة بفعل العادات والاجتماعية، فكيف لموظف يتقاضى 10 آلاف درهم أن يوفر ما تطلبه المائدة الإماراتية في رمضان، وما تفرضه عليه العادات من استضافة للآخرين في الخيم الرمضانية؟
ورأت أمينة إبراهيم quot;مواطنةquot; أن حجم الإنفاق في رمضان يتفاوت من أسرة إلى أخرى، فهناك أسرة ترغب في وجود جميع أصناف الأطعمة على المائدة الرمضانية، ولا تستهلك منها إلا القليل، وأسرة أخرى توفر اللازم من الأطعمة فقط، مشيرة إلى أن البيت الإماراتي قديماً كان يشتري مستلزمات الشهر كاملاً بسبب بعد الأسواق عن أماكن السكن، ولكن الآن رغم وجود الأسواق في كل مكان، إلا أن البعض يتهافت على الشراء بشكل شره، وكأنه لن يجد الطعام فيما بعد.
داعية إسلامي يجيز الاقتراض
وباجتهاد فقهي من الدكتور أحمد الكبيسي، الداعية الاسلامي في دبي، حول مسألة الاقتراض في رمضان لفعل الخيرات، يرى أنه لا بأس في الاقتراض للترفيه عن النفس والأهل والمسلمين، وأن الله سوف يعين المقترض على سداد دينه، إذا كانت تلك نيته، مضيفاً: إن شهر رمضان موسمي وفيه من العبادات بقدر ما فيه من العادات، كما أنه شهر يغيّر نمط الحياة في العام كله، ولذلك لا يجوز لأحد من المتفقهين والمتفيقهين أن يجفف معنويات الناس بأحكام صارمة. وخلال اتصال هاتفي بالمدير العام للمجموعة المصرفية للشركات ببنك أبوظبي الوطني، عبدالله العتيبة، أكد وجود ارتفاع في نسبة القروض الشخصية خلال هذه الفترة من العام، بينما ذكرت إدارة البنك أنه لا توجد بيانات محددة حول الاقتراض خلال رمضان، بسبب أن التعامل بالأشهر الميلادية وليست الهجرية.