قصر الاخيضر من العلامات السياحية والتاريخية المهمة في العراق لضخامة بنائه وقربه من العاصمة، ووقوعه في بادية تمتاز بجمال طبيعتها.

شرعت طلائع من سيّاح عراقيين وعرب وأجانب تزور حصن الاخيضر التاريخي الذي يقع في بادية كربلاء (105 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة بغداد) . ومما يساعد الزائر على الوصول الى المكان ، وقوعه في منطقة تقع فيها العتبات المقدسة حيث يفد كل شهر، مئات الزائرين الذين يعرجون أثناء سفرهم الى القصر التاريخي .
ويعجب السائح لمنظر كتلة هائلة من الطابوق المرصوص بالجص ، صمدت مئات السنين أمام عوامل التعرية وظروف الصحراء الجافة . كما تعتبر زيارة القصر فرصة لزيارة البادية العراقية التي تمتاز بهدوئها وجمال طبيعتها ، وسهولة الوصول اليها عبر المدن المتاخمة لها . ويستقل أغلب الزوار وسائط النقل من مدينة كربلاء حيث يبعد عنها القصر مسافة 45 كم الى الجنوب الغربي .
الجدير ذكره أن هذه المنطقة كانت عبر العصور محط أنظار الرحالة وعلماء الآثار والباحثين عن التاريخ . وفي الطريق الى القصر تنتشر الكثير من القرى ، وكذلك مساكن البدو الذين يجدون متعة في مساعدة الزائر الى مناطقهم ، إضافة الى ما سيلقاه الزائر من كرم الضيافة. ويقول أحمد جعفر الذي يزور المنطقة مرتين في العام إن قصر الاخيضر يمثل انطلاقة لكثيرين للتوغل في منطقة الصحراء المجاورة ، لاسيما هواة الصيد .
ويؤكد جعفر أن الزائر للقصر لن ينجح في اكتشاف معالم المكان مرة واحدة ولابد له من عدة زيارات ، نظرًا لضخامة البناء وتعدد ممراته وتشعباته . وبسبب افتقار هذا الصرح الضخم الى خارطة دقيقة يتبعها الزائر، فإن الولوج الى الدهاليز المظلمة والكهوف والممرات الواسعة والضيقة يمثل مغامرة رائعة لمن يهوى اكتشاف المجهول .
كما يستمتع الزائر أيضًا بحركة المكان حيث السفرات التي تنظمها المدارس والمؤسسات والوفود السياحية التي تصاعدت وتيرتها بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة . ومما يزيد من متعة الزائر للمكان ، تلك البيئة الصحراوية التي مازالت بعيدة عن مصادر الضوضاء والتلوث ، حيث يمثل التأمل في المكان والقيلولة عنده متعة كبيرة للباحثين عن الهدوء وجمال الطبيعة .
ويفضل بعض الزائرين جلب الخيم والمفروشات معهم، إضافة الى أنواع المأكولات والمشروبات، نظرًا لأن المكان يفتقد الى مثل هذه الخدمات مما يجعله بحق مكانًا ينزوي فيه الانسان عن ضوضاء المدن و زحامها .
وبدأت حكومة كربلاء المحلية مشروعًا لجعل المنطقة مرفقًا سياحيًا بعد ما زاد عدد الزائرين من العراقيين والعرب والأجانب. وانتظم في قصر الاخيضر منذ السبعينات مهرجان فني وثقافي ، استمر لعدة سنوات لكن ظروف الحرب حالة دون استمراره. والى جانب قصر الاخيضر يمكن للزائر ، أن يزور في المنطقة حوالي 400 موقع اثري وسياحي بعضها مطمور تحت رمال الصحراء ، مما يثير فضول الكثير من الزائرين .
وينسب تشييد قصر الاخيضر إلى الأمير العباسي عيسى بن موسى الذي أقام في هذه المنطقة عام 778 ميلادية ، لكنّ المؤرخين يختلفون حول صحة هذه المعلومة ، مثلما لا يتفقون حول زمن بنائه ، حيث يرجع البعض بناءه الى ما قبل الاسلام.والى جانب القصر هناك مستوطنة الاخيضر التاريخية التي اختيرت كمحمية اثرية من قبل منظمة اليونسكو . وتضم المستوطنة كنيسة تنتظر التنقيب.
ويرى الاكاديمي غسان جودة ( خريج معهد السياحة والفندقة ) أن قصر الاخيضر اذا ما تصاعدت وتيرة الزائرين له وتم تأهيل مرافقه السياحية سيكون البوابة الاولى للسياحة الصحراوية والتنمية ، عبر جذب أكبر عدد ممكن من الزوار والسيّاح ، الى جانب السياحة الدينية والأثرية التي تميز المنطقة.