توشك الجهود المبذولة لاستئصال مرض شلل الأطفال على تحقيق أهدافها ولكنّها تواجه معوّقات متمثّلة بنقص التمويل وعدوانيّة الجماعات الإسلاميّة.


واشنطن: بعد مرور ستين عامًا على اكتشاف اللقاح الخاص بشلل الأطفال، توشك الجهود لاستئصاله على تحقيق هدفها لكنها مهدّدة بنقص الأموال وعدوانية الجماعات الإسلامية المتشددة في باكستان ونيجيريا حيث مازال المرض وباءً مزمنًا.

اكد اوليفر روزنباور المتحدث باسم برنامج استئصال المرض في منظمة الصحة العالمية أن: quot;العالم لم يكن مطلقًا قريبًا إلى هذا الحد من استئصال شلل الأطفال في حين أصبح لدينا الآن أقل عدد من الحالات والبلدان المصابةquot;.

وتم عام 2012 إحصاء 223 إصابة فقط مقابل 360 ألفا في 1988 عندما أطلقت الأمم المتحدة حملة للقضاء على المرض المعدي جدًا الذي يفتك بالأطفال الصغار الذين أصيب عدد منهم بالشلل وتوفي منهم ما بين 5 و10 في المئة، وسُجّلت جميع هذه الحالات باستثناء ستًا منها، في نيجيريا (122) وباكستان (58) وافغانستان (37) بحسب منظمة الصحة العالمية.

وقال أوليفر روزنباور أن نجاح الهند في القضاء على فيروس شلل الأطفال منذ سنتين يؤكد أن استئصال المرض ممكن تقنيًا. وحذّر من أنه من دون القضاء الكامل على الفيروس فإن عدد الحالات قد يزيد مع 200 ألف إصابة جديدة كل سنة خلال عشر سنوات، مشيرًا إلى خطر العنف أثناء حملات التلقيح في آخر بؤر المرض.

في نيجيريا وباكستان تتّهم شخصيات دينية وسياسية اللقاح بأنه يحتوي على عناصر مصدرها الخنزير المحرّم إسلاميًا للإستهلاك أو أنه يتسبّب بالعقم، ما يغذي شائعات عن مؤامرة غربية للإساءة إلى المسلمين. وأوقعت هجمات عدة على فرق التلقيح ومراكز صحية عشرات القتلى في الأشهر الأخيرة خصوصا في مناطق نائية في هذين البلدين.

إلى ذلك تتهم وكالة الإستخبارات الأميركية المركزية (سي آي أيه) في باكستان بأنها قامت بحملة خادعة للتلقيح للحصول على عينات للحمض الريبي النووي من السكان في إطار مطاردة أسامة بن لادن زعيم القاعدة الذي قتل في ايار/مايو 2011 على يد كومندوس أميركي.

وقالت طبيبة الأطفال كارول بانداك، المسؤولة عن برنامج مكافحة المرض في نادي الروتاري، المنظمة الخيرية الأميركية المشاركة بشكل ناشط في حملات مكافحة شلل الأطفال: quot;ما من شك أن هذه المجموعات التي تحارب التلقيح تشكل تحديًا أمام حملة استئصال الوباءquot;.

ولنزع فتيل هذه العدائية شرعت منظمة الصحة العالمية بحملة توعية لدى الشخصيات الدينية الرئيسية والحكومات في البلدان المعنية. وأضافت بانداك أن الهدف هو الإتصال محليًا مع الزعماء الدينيين والسلطات التقليدية لإعلامها بفوائد التلقيح والتمكن أيضًا من الإستماع إلى هواجسها.

وإضافة إلى مشكلة العنف فإن تمويل حملة استئصال المرض تشكل تحديًا، وتشدّد بانداك على الحاجة ل660 مليون دولار أميركي في عام 2013 لتمويل هذا الجهد، أي أكثر من نصف الميزانية السنوية المقدّرة بنحو مليار دولار، والتي تسهم فيها دول مجموعة الثماني ومؤسسة غيتس ونادي الروتاري العالمي.

واستئصال شلل الأطفال من شأنه أن يفتح الطريق أمام تحقيق نجاحات في مكافحة أمراض أخرى خصوصا الحصبة كما قال الدكتور والتر أرونشتاي رئيس مجموعة الخبراء المستقلة في منظمة الصحة العالمية حول القضاء على شلل الأطفال.

وأشار إلى أن الحملة العالمية لمكافحة شلل الأطفال سمحت باقامة شبكة مختبرات حديثة جدًا واكتساب مهارة تسمح بالتصدي لأمراض أخرى في المستقبل.

يذكر أن الأميركي جوناس سالك اكتشف اللقاح ضد شلل الأطفال، وأعلن في 26 اذار/مارس 1953 نجاح أول تجربة سريرية على بعض المتطوعين بينهم هو شخصيًا وأولاده الثلاثة وزوجته. وفي عام 1955 أعلن اللقاح رسميًا آمنا وفعّالًا.