استخدم العلماء الأميركيون بروتينًا من سموم الجمرة الخبيثة المعدلة وراثيًا لإنتاج عقار يتغلغل داخل الخلايا السرطانية ويقتلها.


ماجد الخطيب: نجح علماء معهد ماساتشوسيس التقني في تحويل ما يعتبر من أخطر الأسلحة البيولوجية إلى سلاح فعال ضد بعض أنواع الأمراض السرطانية المستعصية على العلاج، إذ استطاعوا مختبريًا استبدال جزء من البروتين السام، الذي تفرزه بكتيريا أنثراكس، بجسم مضاد، أتاح للسم إمكانية اختراق جدران الخلايا السرطانية.

عصيات وأبواغ
الجمرة الخبيثة عدوى خطيرة تسببها عصيات الجمرة الخبيثة، التي تعيش في التراب على شكل أبواغ. وتمثل الأبواغ الشكل غير الفعَّال من هذه الجراثيم، ويمكنها أن تعيش لعشرات السنين بهذا الشكل. تنتقل عصيات الجمرة الخبيثة إلى الحيوانات، مثل الغنم والبقر والخيول والماعز والخنازير، عندما تتناول هذه الحيوانات طعامًا ملوثًا بأبواغ الجمرَة الخبيثة.

ويمكن أن تنتقل إلى الإنسان نتيجة تماسه مع أبواغ الجَمرَة الخبيثة، من خلال الحيوانات المصابة أو جلودها. رغم أن الجَمرَة الخبيثة موجودة في كلِّ مكان من العالم، إلاَّ أن انتشارها الأوسع هو في البلدان النامية في أميركا الجنوبية والوسطى، وأوروبا الشرقية، وآسيا، وأفريقيا والكاريبي والشَّرق الأوسط. ويمكن أن تنتج جراثيم الجمرة الخبيثة في المختبر وتستخدم كسلاح بيولوجي.

وثبتت حتى الآن فاعلية الأجسام المضادة في كبح جماح المستقبلات العصبية التي تتواجد على غلاف الخلية السرطانية، إلا أنها تفشل في اختراق جدار الخلية وصولًا إلى المستقبلات العصبية المتواجدة داخل الخلية. وتعتبر الخلايا السرطانية التي تحتفظ بالعديد من هذه المستقبلات العصبية داخلها عصية على العلاج.

خبيثة بدون سموم
ذكر الباحث برادلي بينتلوت، من معهد ماساتشوسيس التقني، أن سم الجمرة الخبيثة خبير في فرز الأنزيمات الكفيلة باختراق جدران الخلايا الحيوية، وهذا هو سر فعاليتها القتالية. أضاف: "تساءلنا كيف يمكننا تجريد الجمرة الخبيثة من سمومها، ومن ثم الاستفادة من خاصيتها هذه في الطب، أي استخدام بروتينها غير السام كحصان طروادة تستطيع الأجسام المضادة التغلغل بوساطته إلى داخل الخلية السرطانية".

على هذا الأساس عمل فريق العمل، بقيادة بينتلوت، على فرز البروتين السام في أنزيمات الجمرة الخبيثة، ومن ثم التخلص منه. وكان هذا السم عبارة عن ثلاثة بروتينات، منها اثنان يطلق عليهما العلماء اسمي "ف ل" و"إي ف"، وهما مسؤولان عن مفعول السم على الجسم، بينما الجزء الثالث "ب ا" فمسؤول عن التصاق السم على جدار الخلية، ويشكل ممرًا لعبور البروتينين السابقين السامين إلى داخل الخلية الحية وقتلها.

مهاجمة المسؤول
بعدما نجح العلماء في نزع أسنان الجمرة الخبيثة السامة، بحسب تعبير بينتلوت، عملوا في المختبر على استخدامه كممر إلى داخل الخلية لمهاجمة بروتين Bcr-Abl الذي يعتبر مسؤولًا عن نشوء خلايا الدم السرطانية.

وعمل الجسم المضاد المسرب إلى الخلية على قتل الخلية بشكل مبرمج. جربت الطريقة مرة أخرى بنجاح على على بروتينhRaf-1 الذي يؤلف المستقبلات العصبية داخل العديد من أنواع الأمراض السرطانية المستعصية على العلاج.

والظاهر أن هذه الأجسام المضادة، التي تم تطويرها من قبل فريق العلماء، تتدخل في عملية الاستقلاب داخل الخلية السرطانين وتوقفها. بمعنى آخر أن الطريقة توقف نمو الخلية السرطانية، وهو ما يؤدي إلى موتها بالنتيجة.

اعتبرت جنيفر كوكران، من جامعة ستانفورد الأميركية، هذا النجاح خطوة مهمة على طريق إنتاج عقار فعال ضد الأمراض السرطانية. وقالت كوكران إنها تنتظر المزيد من الدراسات المطورة حول استخدام أنزيمات الجمرة الخبيثة لتسريب الأجسام المضادة إلى داخل الخلايا السرطانية. ويعمل بينتلوت وزملاؤه حاليًا على تجربة الطريقة على الفئران المختبرية، وتطويرها بطريقة تجعل الأجسام المضادة تهاجم الخلايا السرطانية فقط.

فريد من نوعه
في حين يعوّل الجيش الأميركي على مدرعات فوكس الخاصة لتقصي أسلحة الدمار الشامل، وهي مدرعات تعمل بمثابة مختبرات متنقلة للكشف عن الجراثيم في الجو، كشف العلماء الألمان عن جهاز قادر على كشف الجراثيم في الجو بشكل مستمر والتبليغ عنها خلال وقت قصير.

وذكر العلماء من معهد الأبحاث التقنية والبيئية في دويسبورغ أن حجم الجهاز لا يزيد على حجم كرتونة كوكا كولا، ومظهره لا يشي بخطورة المهمات التي يتصدى لها. وهذا ما يسهل نقله واستخدامه في القاعات المغلقة، مثل مباني الوزارات والملاعب وأماكن التجمعات البشرية، التي تعتبر مهددة أكثر من غيرها بالعمليات الإرهابية.

ويرى مدير معهد دويسبورغ جونتر شوبة أن سر أهمية الجهاز يكمن أيضًا في سرعته في التعرف إلى أنواع الجراثيم السائدة في الهواء، وبالتالي كسر "حلقة الإرهاب البيولوجي" التي تعتمد على عناصر المفاجأة والانتقال الصامت للعدوى.

وسواء في التجارب المختبرية أو في الواقع العملي في الهواء الطلق، فإن الجهاز يعمل وفق طريقة امتصاص عينة من الهواء، ومن ثم خلطها بالماء. ويتولى الجهاز أوتوماتيكيًا بعد ذلك مقارنة قطر من الماء على رقيقة الكترونية بيولوجية تحمل نماذج من الأجسام المضادة لمختلف الجراثيم الخطرة، مثل الجمرة الخبيثة والجدري والطاعون.

إنذار
يطلق الجهاز إنذارًا لتحذير المراقبين في حال امتزاج الأجسام المضادة بالجراثيم الموجودة في الجو. ولأن العلماء صبغوا الأجسام المضادة بمادة مشعة، فإنها ستشع أكثر في حالة لقائها بالجراثيم المضادة لها. ويقيس الجهاز مدى تركيز الجراثيم في الجو من خلال قياسه لشدة الإشعاع المنطلق عن التفاعل.

وعبّرت الباحثة ثيكلا كيفماير، رئيسة فريق العمل، عن استعداد المختبر منذ الآن لتحليل عينات الهواء لمن يرغب، شرط أن يتولى الراغبون جلب العينات إلى دويسبورغ وفق الشروط الصحية والوقائية المعروفة. ويكفي كمثل، في حالة العثور على مظروف يحتوي على مسحوق أبيض في قاعة ما، أن يجري أخذ عينة من الهواء القريب من المظروف ليجري فحصها بوساطة الجهاز.

هذه ليست كل مزايا الجهاز، لأن كيفماير تحدثت عن ميزة خاصة، وهي قدرة الجهاز على كشف وجود أكثر من سلاح جرثومي في الجو مرة واحدة. كما يمكن للجهاز إعادة تحليل الجو المحيط في القاعة كل 20 دقيقة، وهي الفترة التي يستغرقها التحليل كل مرة.
&