حتى لو تناول البعض مسكنات الألم بناء على وصفة طبيب وصرفها له صيدلي يتحول هذا النوع من الدواء المنتشر تناوله بين الناس مسببًا لسكتات قلبية عندما تزيد فترة تعاطيه عن المعقول وبدون استشارة طبيب.

إيلاف من برلين: يموت سنويًا 3 آلأاف ألماني بسبب المضاعفات الناجمة من الإكثار من تعاطي العقاقير القاتلة للألم، بحسب تقديرات "جمعية الألم الألمانية".

أصبحت آلام الرأس والظهر من الأمراض الشائعة في عالم اليوم، ودفعت هذه الحال الناس إلى تعاطي المزيد من العقاقير القاتلة للألم. وتشير إحصائية وزارة الصحة الألمانية إلى أن الأطباء كتبوا 6.3 مليون علبة دواء قاتل للألم في سنة 2015، وكان هذا الرقم لا يزيد على 4.2 مليون علبة خلال سنة 2005.

بالتقسيط القاتل
لا تخلو هذه العقاقير القاتلة للألم من مضاعفات خطرة، وهذا معروف بالنسبة إلى الإنسان العادي، إلا أن كثيرين لا يعرفون مخاطر تعاطي العقاقير "الخفيفة" القاتلة للألم، مثل البارسيتامول والأسبرين والإيبوبروفين. مع ملاحظة أن الإحصائية أعلاه تتحدث عن العقاقير التي كتبها الأطباء الألمان في وصفاتهم، ولاتشمل العقاقير التي يمكن شراؤها من الصيدليات من دون الحاجة إلى وصفة.

وتثبت دراسة جديدة أن بعض عقاقير القاتلة للألم، غير الستيرويدية، أي الحبوب الشائعة في السوق، يمكن أن تسبب السكتة القلبية. ويمكن لهذه العلاقة أن تتفاقم بفعل عوامل المرض والسنّ والجنس، بحسب دراسة من الدنمارك.

ضحايا كثر
وذكر غونار غيسلاسون، من جامعة غينتوفتة الدنماركية أن بيع العقاقير البسيطة، مثل إيبوبروفين وديكلوفيناك في السوق، من دون الحاجة إلى وصفة طبيب، ومن دون الحاجة حتى إلى نصيحة طبيب حول كيفية تعاطيها وفترته، تجرّد عمليًا هذه العقاقير من أعراضها الجانبية ومخاطرها المعروفة.

وجّه غيسلاسون وفريق عمله عنايتهم إلى العقاقير غير الستيرودية، مثل إيبوبروفين وديكلوفيناك ونابروكسين ووروفيكوكسيب وسيليكوكسيب. وأكد فريق العمل أنهم ركزوا على هذه العقاقير، لأن دراسات سابقة ربطت بينها وبين أمراض القلب.

حلل فريق العمل الدنماركي معطيات 29 ألف إنسان مريض مات بالسكتة القلبية في الدنمارك بين 2001 و2010. وتوصل الباحثون إلى 3400 مريض كانوا يتناولون العقاقير المسكنة للألم بانتظام حتى قبل شهر من توقف قلبهم المفاجئ عن النبض.

بين هؤلاء المتوفين، كان 545 شخصًا يتعاطون دكلوفيناك، و1100 شخص يتعاطى الإيبوبروفين. وظهر من الدراسة، التي نشرت في مجلة القلب الأوروبية، أن مخاطر السكتة القلبية لدى متعاطي دكلوفيناك ترتفع 50% عنها لدى الناس الذين لا يتعاطون الأدوية القاتلة للألم. وكانت هذه المخاطر ترتفع بنسبة 31% في صفوف متعاطي إيبوبروفين قياسًا بالناس الاعتياديين.

تحذير مرضى القلب
وكتب غيسلاسون أن نتائج الدراسة تعيد إلى أذهان الأطباء والمرضى أن العقاقير غير الستيرودية لا تخلو من مخاطر. ونصح الطبيب المتخصص بأمراض القلب، المعانين من أمراض القلب والدورة الدموية بتجنب الدكلوفيناك تمامًا، واتخاذ أقصى الحذر عند تعاطي الأدوية الأخرى القاتلة للألم. وأضاف أنه من الممكن تفسير تأثير هذه الأدوية على القلب والدورة الدموية بأنها تسبب تجمع كريات الدم الحمراء، وربما تجلطها.

نصح الطبيب بعدم تناول الإيبروبروفين بجرعات تزيد على 1200 ملغم يوميًا. وأشار إلى ضرورة تجنب ديكلوفيناك قدر الإمكان، من قبل الناس السليمين أيضًا، خصوصًا أن هناك العديد من الأدوية التي تعمل بشكل مماثل له. وعلى أية حال لا ينبغي على الإنسان تعاطي الأدوية القاتلة للألم بكثرة، كما لا يجوز للصيدلي بيعها بكميات كبيرة للمرضى.

10 % من الألمان يتعاطونها يوميًا
تعليقًا على نتائج الدراسة، قال البروفيسور كاي برون، من جمعية الألم الألمانية، إن 10% من الألمان يتعاطون العقاقير القاتلة للألم، المرخصة من دون وصفة طبيب، يوميًا. 

وأضاف إن ذلك يكشف مخاطر هذه الأدوية على المرضى، الذين يقدر عدد المتوفين منهم بسبب الأعراض الجانبية لهذه العقاقير، بثلاثة آلاف سنويًا. وحذر الطبيب من انتشار الأدوية المسكنة للألم بين الألمان، وأشار إلى أن الألماني يتناول هذه العقاقير لمدة شهرين مستمرين في السنة طوال حياته.

ودعت أورسولا سيللربيرغ، من اتحاد نقابات الصيادلة دعت الألمان، إلى عدم تعاطي مسكنات الألم لأكثر من ثلاثة أيام متتالية. ونصحت أيضًا بعدم تناول هذه العقاقير غير الستيرودية لأكثر من 20 مرة في الشهر، وخصوصًا من قبل النساء الحوامل.