بعد مرور أكثر من أسبوع على سيطرة طالبان على العاصمة، لا يزال هناك الآلاف ينتظرون فرصة النجاة على متن الرحلات الجوية التي تنطلق من مطار كابل الدولي.

وتواصل القوات البريطانية إجلاء رعاياها البريطانيين والأفغان الذين يتمتعون بأهلية وأحقية السفر إلى المملكة المتحدة.

وهنا، يروي بعض ممن وصلوا إلى المملكة المتحدة لبي بي سي قصصهم والظروف التي عاشوها قبل وصولهم.

"سوف يقتلونكم"

كانت بيمانا أسعد تعيش في المملكة المتحدة منذ أن كان عمرها ثلاث سنوات. والآن تبلغ من العمر 30 عاماً.

و كانت بيمانا، وهي عضوة في مجلس بلدية هارو الواقعة شمال غربي لندن، في زيارة إلى عائلتها في كابل عندما سيطرت طالبان على العاصمة.

وعندما تلقت أسعد مكالمة من السفارة البريطانية تخبرها أنها ستجليها، توجهت على الفور إلى المطار. ولكن الطرق كانت مسدودة بسبب ازدحامها بالسيارات، فلم تجد أمامها إلا أن تترك السيارة وتشق طريقها عبر الازدحام المروري، جرياً على الأقدام باتجاه المطار.

وقالت: "من الشارع الخلفي رأيت المئات من الناس يركضون باتجاه المطار، كانوا يتركون سياراتهم ويسيرون على الأقدام، وخرج جميع أصحاب المتاجر والمحلات على طرفي الشارع لمشاهدة حالة الذعر والفوضى بين الناس المتجهين إلى المطار. وأشار أحدهم إليّ منادياً: "أنت...إذا ألقت طالبان القبض عليك فسيقتلونك، من الأفضل لك أن تركضي بشكل أسرع".

وأخيراً، عثرت بيمانا أسعد على نقطة تجمع رعايا المملكة المتحدة، لكن قيل لها فات الأوان، فقد غادر المسؤولون فعلياً قبل وصول الشابة إلى تلك النقطة.

وتقول: "وقفت في الشارع أمعن النظر في هاتفي الذي أوشك شحنه على النفاد، تساءلت بيني وبين نفسي، ما الذي سيحدث لو انطفأ هاتفي الآن وأنا واقفة هنا ولا توجد سفارة أذهب إليها؟ وطالبان كانت تتقدم فعلياً في هذه المنطقة، أدركت أنني بحاجة إلى الذهاب إلى مكان آمن، في الداخل".

استقبلتها عائلة محلية في منزلها وسمحت لها بشحن هاتفها، وعندها اتصلت بوزارة الخارجية البريطانية وغاريث توماس، النائب البرلماني الذي يمثل منطقتها في لندن.

وقالت أسعد: "كانت الأسرة لطيفة جداً، أخذوني بسيارتهم إلى نقطة التجمع الآمن مرة أخرى وعندما وصلت، رأيت هناك الجيش البريطاني، وفي اللحظة التي وقعت عيناي عليهم ورأوني، شعرت بمزيد من الاطمئنان، وتنفست الصعداء لأنني كنت على ما يرام حتى تلك اللحظة".

بانشير: قصة الإقليم الذي هُزم فيه السوفييت وطالبان في أفغانستان

طالبان: ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين الحركة وتنظيم الدولة الإسلامية؟

هبة الله أخوند زاده: زعيم طالبان الذي تعهد بإقامة "حكومة إسلامية نقية"

أفغانستان تحت سيطرة طالبان: ما مصير اللاجئين الأفغان؟

أحمد مسعود يسير على خطى والده أحمد شاه مسعود في مقاومة طالبان

"معظمنا انفجر بالبكاء"

وقالت حسينة سيد، وهي سيدة أعمال وناشطة أفغانية، إنها شعرت بـ "ارتياح" كبير عندما أقلعت رحلة الإجلاء من أفغانستان.

وقالت إنها فرت من البلاد بسرعة لأن الوضع هناك "لم يكن قابلاً للتنبؤ مطلقاً".

وصلت سيد إلى المطار، وليس بحوزتها سوى جواز سفرها الأفغاني ورخصة القيادة البريطانية، أما زوجها وأطفالها فكانوا في المملكة المتحدة.

وسألتها بي بي سي 2 نيوز نايت عما كانت عليه الأجواء على متن الطائرة، فردت: "كان الجميع يعيش في حالة هيجان وانفجر معظمنا بالبكاء".

وتابعت: "قدمت القوات البريطانية للركاب زجاجات الماء والطعام، كان سلوكهم ومساعدتهم في تهدئة الأطفال الباكين، مؤثراً حقاً".

وتقول إن النساء في أفغانستان "يشعرن بالقلق ويأملن بالخروج من البلاد لأنهن يخشين من أن تعتقلهن طالبان".

وقالت إنه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته طالبان يوم الثلاثاء، وهو الأول لها منذ السيطرة على كابل، بدا "القليل من التغييرات التي تشعرنا ببعض الأمل" في خطابهم.


"نحن المحظوظون"

غارغشت هيداي ، بريطاني أفغاني عمل في الجيش الأمريكي، وانتقل إلى المملكة المتحدة منذ حوالي ستة أشهر، لكنه عاد إلى أفغانستان عندما استولت طالبان على السلطة.

قيل له إنه سيتم إجلاؤه، لكن زوجته لا تحمل جنسية مزدوجة ولم يسمح لها بالمغادرة في بداية الأمر، لكن تم تغيير القرار لاحقاً، بيد أن زوجته عانت الأمرين حتى وصلت إلى مجمع المطار في كابل لمقابلته وأطفالهما، الذين يحملون جنسية المملكة المتحدة أيضاً.

"كان الوضع سيئاً جداً، لأننا كنا داخل المجمع، وكان بإمكاننا رؤية الاقتتال والمشاجرات وإطلاق النار، كانت تبكي بشدة، وعندما قابلناها مرة أخرى في ذلك المجمع بكى ضابط بريطاني أيضاً متأثراً بالموقف".

ووصف هيداي الرحلة الجوية إلى المملكة المتحدة بـ "الفوضوية".

وقال: "كانت الطائرة مكتظة جداً حتى أن أحد أطفالي جلس على الأرض".

كان هو وعائلته في الحجر الصحي في مدينة مانشستر، شمالي بريطانيا، عندما تحدثوا إلى بي بي سي نيوز. وقال "أشعر أنني بحالة جيدة، نحن بأمان وسنبدأ من الصفر في المملكة المتحدة".

"نحن المحظوظون، لأننا نجونا بأنفسنا، فلا يزال هناك الكثيرون بأمسّ الحاجة إلى المساعدة".