تصدر هاشتاغ #منة_شلبي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر إثر قرار النيابة العامة إخلاء سبيلها بعد ساعات من الإعلان عن القبض عليها في مطار القاهرة.

وما سرعان ما تحول الخبر إلى مادة تسابقت أشهر البرامج الإعلامية المحلية والصفحات العربية على تغطيتها، حتى قبل أن تتبين تفاصيل ما حدث.

ما الذي نعرفه؟

في 25 نوفمبر /تشرين الثاني 2022، أعلنت سلطات جمارك مطار القاهرة إحالة الممثلة المصرية إلى النيابة العامة بعد توقيفها للاشتباه بوجود مواد مخدرة بحوزتها.

وبحسب مصادر في مطار القاهرة، كانت الممثلة المصرية عائدة على متن طائرة من الولايات المتحدة ومعها بعض الحلويات التي اشتبهت الجمارك في احتوائها على مادة الماريغوانا المخدرة، قبل أن تتحفظ على الممثلة وتحيلها إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراء المناسب.

وبعد ساعات، أمرت النيابة بإخلاء سبيل الفنانة بضمان "مالي يقدر بـ 50 ألف جنيه، بعد إنكار الفنانة حيازة وإحراز المواد بتهمة التعاطي، وإرسال المواد المخدرة لمصلحة الطب الشرعي لفحصها وبيان طبيعتها".

كما تداولت بعض الصحف المحلية صورا قيل إنها للمواد التي "عثرت عليها الجمارك مع الممثلة المصرية". ويظهر في الصور المسربة علب لمستحضرات التجميل بالإضافة لأكياس حلويات وشكولاتة وسجائر "يُعتقد أن بعضها مصنوعة بمادة THC المستخلصة من القنب الهندي" . وهي مادة يحظر القانون المصري استخدامها ، بحسب ما ذكرته بعض المواقع المحلية التي سارعت لنشر تلك الصور منذ الساعات الأولى لتداول الخبر.

كما نشرت وسائل إعلامية عديدة صورة لجواز سفر الممثلة المشهورة دون إخفاء بياناتها الشخصية ورقمها القومي.

وقد انتشرت تلك الصور بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي انبرى بعض روادها في تقديم رواياتهم الخاصة عن ما حدث، وهو الأمر الذي أثار حفيظة آخرين.

تجاوز لمعايير المهنة وانتهاك للخصوصية

ما حدث مع منة شلبي من تداول معلومات عن بياناتها الشخصية وثم التسرع في نشر خبر إيقافها في الإعلام من دون محاذير، طرح أسئلة عديدة حول القواعد الأخلاقية والمعايير الإعلامية في مصر.

وقد أصدرت نقابة المهن التمثيلية بيانا تنتقد فيه نشر صورة من جواز سفر الفنانة. وأعرب نقيب الفنانين، أشرف زكي عن أسفه لاستباق البعض للتحقيقات الرسمية مطالبا باحترام خصوصية أعضاء النقابة.

وكانت زميلات منة شلبي في طليعة المعلقين المتضامين معها، والمطالبين باتخاذ "جميع الضمانات التي يكفله القانون لكل مواطن في وضعها".

وأعرب الكثيرون عن تضامنهم معها بإعادة نشر بيان نقابة المهن التمثيلية.

كما طالبت كل من الفنانة ريهام عبد الغفور وفريدة سيف نصر، وسائل الإعلام بالتوقف عن التشهير بسمعة زميلتهما والتجريح فيها.

تباين

ويستنكر الكثير من المعلقين المتابعين للقصة انحياز بعض وسائل الإعلام المعروفة لرواية واحدة.

ويطالب بعضهم بفرض قواعد جديدة تنظم المشهد الإعلامي المصري الذي بات اهتمامه منصبا على جذب الجماهير المتشوقة دائما للخوض في أعراض الآخرين.

وفي تدوينة على موقع فيسبوك، انتقد الصحفي عمر بدر "صحافة الترند التي تعاملت منذ البداية مع الفنانة على أنها مدانة" وفق قوله.

وأيدته في ذلك المغردة "ندى" التي عبرت عن امتعاضها مما وصفتها بـ "ترندات السمعة واستباق الأحداث ".

وأشار البعض الآخر للعناوين التي استخدمها بعض الإعلامين واليوتيوبرز لدى تغطية القصة. وقد غلب على بعضها اللغة المثيرة والعناوين الرنانة التي تستهدف تضخيم الحدث دون مراعاة ميثاق المهنة الصحفية".

كما ندد مغردون بالنعوت والاتهامات التي كالها البعض للفنانة عبر المنصات الالكترونية.

وتحيلنا تلك الاتهامات إلى حوادث وحملات مشابهة طالت العاملين في الوسط الفني في الفترة الأخيرة. لذا ثمة من يرى في الهجوم السريع على الفنانة "نتيجة طبيعة لانعدام ثقافة احترام خصوصية الناس" و"انعكاسا للفكرة النمطية التي يحملها بعض أفراد المجتمع عن مهنة التمثيل والممثلات خصوصا".

ويتهم معلقون وسائل الإعلام بالاشتراك في ترسيخ تلك الأفكار النمطية مما جعل البعض يميل إلى تصديق الاتهامات الموجهة لمنة شلبي حتى قبل أن تقول النيابة كلمتها.

معايير مختلفة

في المقابل، أثارت القصة تساؤلات حول ما إذا كان الدعم الذي تلقته الفنانة المصرية محصورا بفئة معينة من المجتمع.

وانتقد بعضهم "ازدواجية المعايير التي تعاني منها بعض المجتمعات العربية في التعامل مع القضايا المختلفة".

وعلى الجهة الأخرى، وقف المدافعون عن حق وسائل الإعلام في متابعة الخبر ونقل تطوراته لحظة بلحظة.

وفي الوقت الذي هاجم فيها مغردون رجال شرطة الجمارك في المطار، أشاد آخرون بـ" يقظتهم" و بـ "حرصهم على تطبيق القانون على كافة أفراد المجتمع" .

في حين اعتبر آخرون بأن إيقاف منة شلبي لساعات يأتي في إطار سياسة لإلهاء الشعب عن الانهيار المتواصل للجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وذهب بعض الآخر إلى اعتقاد بأن ما حدث مع الفنانة قد يكون "عملا مدبرا للانتقام منها بسبب أدوارها التي أبرزت منة شلبي كشخصية تميل للثورة وللخروج عن السائد".

من جهة أخرى، انتقد إعلاميون مصريون تلك التعليقات "المشككة في أداء رجال الأمن بالمطار".

وتعد منة شلبي من أبزر الفنانات المصريات،إذ تميزت بانتقائها للأدوار المركبة وطرق أبواب تجنبتها الكثيرات من بنات جيلها.

وبلغت ذروة تألقها الفني في العامين الأخيرين من خلال أعمال تتبنى قضايا المرأة وتلقي الضوء على الفئات المنسية في المجتمع.

بدأت منة شلبي مسيرتها المهنية في بداية الألفية الحالية بأدوار ثانوية في مسلسل "أين قلبي" ومسلسل "حديث الصباح والمساء" المأخوذ عن رواية الأديب العالمي نجيب محفوظ.

وتدرجت في الأدوار حتى قدمت واحدا من أدوارها في فيلم نوارة عام 2015 لتبرز في السنوات الأخيرة في دور الطبيبة "ندى" في الجزء الثاني من مسلسل "ليه لأ؟" وفي دور "نور" في مسلسل"في كل أسبوع يوم جمعة" الذي جعل منها أول مصرية تترشح لجائزة الإيمي الدولية.