إيمان إبراهيم من بيروت: تسخر الفنانة الكويتية شمس من التصنيفات وتتساءل ما معنى الرقم واحد؟ وأي فضل للفنان على البشرية؟ وتقول بصراحة quot;قيمتي في السوق دولارين ونصف ثمن ألبومي فلنبتعد عن المزايداتquot;.
و تقول quot;مستعدة للغناء في غرفتي وليسمعني من يشاءquot;، وتؤكّد أنها تكره الشهرة وأنّ الأضواء لا تعنيها، وأنها تغني لأنها تحب الغناء فحسب.

_أرتدي الأسود عندما يكون الأبيض موضة
* جديدك أغنية quot;تأتأةquot; التي لفتني كلامها المصري أكثر من جرأتها، ربّما لأنك تتجهين كفنانة خليجيّة إلى اللون المصري في الوقت الذي أصبحت فيه اللهجة الخليجيّة موضة تسعى كل الفنانات العربيات إلى غنائها؟
أنا دائماً أمشي عكس التيار، أخالف الموضة، فإذا كانت الموضة اللون الأبيض أرتدي اللون الأسود، وهذه الأمور غالباً ما تأتي بشكل طبيعي غير متعمّد، بمعنى أن الأمور تسير بشكل تلقائي فأجد نفسي أمشي ضد التيار، وأحياناً أتعمّد هذا الأمر كي لا أسير في الموجة السّائدة.
*أغنيتك الجديدة، هل جاءت رغبةً منك في معاكسة الموضة أم أنك أحببت الأغنية فحسب؟
لا هذه المرّة تعمّدت معاكسة الموضة، الفنانات يتّجهن إلى الأغنية الخليجيّة، أنا اتجهت إلى الأغنية المصريّة، غيري يغنّي الإيقاع السّريع أغنّي أنا اللون الهادىء، لأني لا أحب أن أكون تابعة لا لموضة ولا لتيار ولا لظاهرة.
*أنت في مرحلة تكريس الذات كفنانة خليجيّة، خصوصاً أنّك وقّعت عقداً مع شركة إنتاج عالميّة، جمهور الخليح هل سيتقبلك باللهجة المصرية؟
لم أقصّر مع جمهور الخليج، فأطلقت ألبومين دفعة واحدة الأول خليجي والثاني مصري، وانا أخالفك الرأي لأني لا أعتبر نفسي في مرحلة إثبات الذات، بل أنا لا أزال في بداياتي، حاولت التوجّه إلى الجمهور الخليجي من خلال ألبوم خليجي بالكامل، كما أطلقت ألبوماً ثانياً لإرضاء مزاجي.
*أطلقت ألبومين دفعة واحدة، ألا تعتقدين أنّك تخاطرين بأن يحرق أحدهما الآخر؟
هي مخاطرة ليست بالسهلة، لكني فكرت أنّني اخترت عدداً معيناً من الأغاني لا بد من إطلاقها، والجمهور يستطيع أن يستمع إلى كل من الألبومين.
*كثافة الأغاني ألا تشتت الجمهور برأيك؟
في النهاية لا بد أن تعلق في رأسه أغنية أو اثنتين، كما أنّي سأعمل على الألبومين معاً في الفترة القادمة والتي قد تمتد إلى أكثر من ثلاث سنوات. فقد كان بإمكاني أن أطلق ألبوماً واحداً وأعيش على نجاحه سنة، ثم أطلق ألبوماً آخر بعده. أنا أصلاً ضد اعتماد سياسة إطلاق الألبوم سنوياً، ومنذ انطلاقتي عام 2000 أطلقت ألبوماً، والألبوم الثاني كان عام 2003 والثالث عام 2005.

أكره الشهرة
*أنت من الفنانات اللواتي عرفناهنّ من خلال أخبارهنّ في الصحف أكثر ممّا نعرفهن من خلال أغانيهن؟
لغاية الآن رصيدي الفني قليل، فالألبوم صدر منذ أقل من سنة، وصوّرت منه ثلاث كليبات، لكنّي لم أسوّق نفسي كما أريد. أنا مشهورة من خلال الغير وليس من خلالي أنا، لأنّي لم أحاول يوماً تسويق أخباري خلال الإعلام. فمساء أمس كنت أكلم مديرة أعمالي عانود المعاليقي، وأخبرتها أن رصيدي في عالم الغناء لا يتعدّى الكليبات الأربعة، والإعلام المسلّط عليّ أكبر من رصيدي الفنّي، لأنّي فنّانة مزاجيّة كل ثلاث سنوات أطلق ألبوم واحد، ولم أطل في حياتي إلا في برنامجين، لذا أعترف أنّ كميّة الأخبار أكبر من تواجدي.
*احتجبت مدّة طويلة عن وسائل الإعلام، وكنت ترفضين حتّى فكرة إجراء مقابلات صحفيّة، لماذا؟
أنا لا أحب الظهور الإعلامي، لكن مديرة أعمالي أصرّت على تواجدي من خلال منابر إعلاميّة محدّدة.
*لكنّ الصحافة دعمتك إلى حد كبير؟
نعم أنا لا أنكر، وثمّة صحافيين أصدقائي نتواصل باستمرار.
*بعيداً عن العواطف أتحدّث عن أهميّة الصحافة في حياة الفنان.
من هذه الناحية أفضّل أن أكون بعيدة، لا أحب أن تكون الأضواء مسلّطة عليّ باستمرار، بل أحب أحياناً الاحتجاب والابتعاد.
*ألا تحبين الشهرة؟
لا أبداً.
*لماذا تغنّين إذاً؟
لأنّي أحبّ الغناء، حتّى لو غنيت في غرفة وحدي أستمتع بفكرة الغناء. باختصار أنا أغنّي لنفسي وإن كان ثمّة من يريد الاستماع إلي فأنا أرحّب به.
*تقصدين لا تهمّك الشهرة ولا الأضواء ولا الجمهور؟
حب الناس يهمني بطبيعة الحال، لكن الأضواء والشهرة لا تدل دوماً على حب الناس، فثمّة فنانات مشهورات بسبب فشلهن اللواتي يبنين شهرتهنّ عليه، وكل فنانة تريد الشهرة أصبحت تتعرّى. أنا أعرف أنّ الناس تنتظر طلّتي ولم تمل منّي لأني مقلة في ظهوري.

لهذه الأسباب لن أشتم الفن
*شمس دعينا نتحدّث بصراحة، كنت تتحدّثين عن الشهرة السلبيّة، في لبنان مثلاً عرفك الجمهور من خلال الحلقة المثيرة من برنامج quot;لمن يجرؤ فقطquot; والتي أثيرت بعدها الكثير من المشاكل والدعاوى والتراشق الإعلامي، أليست هذه شهرة سلبيّة؟
لا، بل أعتبرها مرحلة مريّت فيها، لا أعتقد أن فيها ما يعيبني، أنا لا أجيد التمثيل أظهر على طبيعتي، كنت غاضبة ولم أحاول إخفاء غضبي.
*من يقرأ مسيرتك الفنيّة يرى فيها الكثير من البكاء والألم والدموع، برأيك الفن يستحق كل هذا البكاء وهذا الألم وهذه الدموع؟
الفن جميل، الفن موسيقى وجمال ورقي لا علاقة له بالمشاكل والمصائب، لكن الناس الذين يعملون في هذا المجال هم من يسبّبون الأذى.
*يسبّبون لك الأذى لأنك فنانة، لو كنت امرأة تجلس في بيتها لما كنت تعرضت لكل هذا الأذى.
لا هذا غير صحيح، ثمة فتيات يجلسن في منازلهنّ ويحاربن من قبل عائلاتهنّ لأنهنّ متميّزات، أياً تكن الفتاة بعيدة عن الأضواء ستحارب. لن أشتم الفن وألعنه لأنّ ثمّة من يحاربني، فالفن دراستي منذ كان عمري سبع سنوات، هل وجدت من يشتم الطب والكيمياء أو أي علم يدرسه لأن ثمّة جهلاء في مجاله؟ الفن بالنسبة لي هو مجال اختصاصي، ولا مشكلة لديّ إذا كان ثمّة جهلاء اقتحموا مجالي.
*الأشخاص الذين حاربوك انتهى بهم المطاف في مصير أسود، هل شعرت أنّ الله انتقم لك؟ هل شعرت بالشماتة؟
لا أريد أن أظهر بصورة ملائكيّة، لكنّي أقول اللهم لا شماتة، فأن أرى الله يأخذ حقّي من أشخاص آذوني ليكونوا عبرة لغيرهم لا يسعني سوى الاستعانة بالله عليهم، الإمام علي يقول quot;الظالم والمظلوم في النارquot;، فإذا كنت مظلوماً وسكتّ عن الظلم فإنك تشجع على أن يظلم غيرك، بالتالي أنت ظالم. قد لا أقول سامحهم الله لكنّي أتجاهلهم.
*هل ثمّة من يحاربك اليوم؟
طالما أنّك في الأمام، ستجدين من يحاربك، وإذا تراجعت نحو الخلف لن يحاربك أحد.

لا شيء يستحق أن أدفع حياتي ثمناً له
*بعض الفنّانات يدفعن من سمعتهن وراحة بالهن وحياتهن الخاصّة ثمناً لهذه الحروب، برأيك هل تستحق الشهرة كل هذه الحروب؟
أنا كما سبق وقلت لك لا تعنيني لا الشهرة ولا الأضواء، لكن طالما أنا موجودة في مكان عليّ أن أدافع عنه، سواء كنت ممرضة أو فنانة، فإذا كانت المسألة تحدّي، فعليّ أن أثبت ذاتي، أكون أو لا أكون. برأيي ليس ثمّة شيء في الحياة يستحق أن تدفعي حياتك ثمناً له. في كل مجال تخوضينه عليك أن تتوقعي كل الاحتمالات، وطالما أنّك تحضرين لأمور غير متوقعة، فهذا يعني أنك راضية بما قد يحصل معك.
*الفنان يعيش عموماً حالة من القلق نابعة من حرصه على استقراره الفني وجماهريته، فإذا قارنّا بين حجم القلق الذي يعيشه أي فنان، وحجم الفرح الذي يتبع أي عمل ناجح، أي كفة ستميل برأيك؟
الإغراق في القلق هو مرض، فأحياناً نرى فنانين في الستين والسبعين يحبّون الأضواء لأنّهم اعتادوها، أنا شخصياً جهّزت نفسي منذ الآن لاجتياز هذه المرحلة، فإذا ما انحسرت عنّي الأضواء لن أقلق، لديّ مشاريع كثيرة في حياتي، لديّ أمور أهتم فيها فكرياً، ثقافياً واجتماعياً، فحياتي لا تتمحور بالكامل حول الفن، مثلاً أنا أتابع دراستي في مجال الحقوق.
*هل سنراك تترافعين في المحكمة يوماً ما؟
لا ليس بالضرورة أن أكون محامية، فتشعبات الحقوق أكبر من مهنة المحاماة.
*هل تشعرين أن المرأة في المجتمع الخليجي أخذت حقوقها؟
بشكل عام المرأة العربيّة لم تأخذ حقّها، لأنّها محاربة من الرجل ومن المرأة ابنة جنسها وهذه مشكلة، فالرجل لا تحاربه المرأة بالتالي مشكلته أقل، فلو كان ثمّة من يحاربه فهو الرجل، والرجل الأضعف منه بالتحديد. مشكلة المرأة كبيرة جداً في مجتمعنا، فالرجل يستخف بقدراتها، والمرأة تغار من جمالها ونجاحها، فقد يصادف وجودي على التلفزيون ويتغزل بي رجل في حضور زوجته التي من دون شك ستكره شمس واليوم الذي ولدت فيه شمس.
*هذه النماذج موجودة في مجتمعنا وكان آخرها امرأة شوّهت زوجها لأنّه تغزّل بفنانة على شاشة التلفزيون، برأيك هذه الشريحة من النساء ألا تثير الشّفقة؟
لا، فلماذا لا تعمل على التماثل مع هؤلاء الفنانات اللواتي هنّ رمز للجمال؟
*هل تطمحين إلى أن تكوني رمزاًً للجمال؟
ليس كثيراً.
* لا يهمك أن تكوني امرأة جميلة؟
بلى يهمني، لكن لا أريد أن أكون جميلة واصمتي.
*جميلة وغنّي...
بل جميلة وفكّري، فالغناء ليس كل شيء.

لست مثيرة للشفقة
*هل ستقررين الفضفضة بعيداً عن الأضواء كي لا يقال أنّك تستغلين مشاكلك لتحققي الشهرة؟
لا لست كذلك، أحب أن أكون أنا.

لا تسأليني عن الوسط الفني
*لنعود إلى فنك، لفتني كليب quot;لوحة معقدةquot; بفكرته الجريئة، لماذا لم يأخذ صداه كما كان متوقعاً؟
أنا أقول إنّه أخذ النجاح المطلوب منه وأكثر لأنه عرض على قنوات غير خليجيّة، ولو عرض على قناة خليجيّة لكان حقّق صدىً أكبر، لكن مشكلة محطاتنا أنها لا تعرض سوى أغان خليجية صرفة.
*في كليب quot;غمضت عينيكquot; اخترت موضوع الإدمان، هل كانت الفكرة نابعة من المحنة التي تعرّضت لها حين حاول البعض توريطك في قضيّة مخدرات؟
لا لم تخطر المسألة على بالي، بل أحببت أن أقدّم فكرة تلامس الشّباب، فليس المطلوب أن تكون كل الأغاني رقصاً وهزاً فحسب.
*في الوسط الفنّي، هل الفنان معرّض لهذه الآفات أكثر من العاملين في مجالات بعيدة عن الأضواء؟
لا تسأليني عن الوسط الفني لأني فعلاً لا أعرف شيئاً عنه، لا علاقة لي بأحد، بل تقتصر علاقتي بزملائي على المجاملات، أما حياة الليل وأجواء السهر فأنا بعيدة كلياً عنها.
*كفنانة كويتيّة ثمّة انطباع أنّك كسرت كل القيود من خلال اللوك الذي تظهرين به، هذا التمرّد إذا صحّ التعبير، هل أبعدك عن جمهورك الخليجي أم قرّبك أكثر إلى بنات جيلك اللواتي يتطلّعن بدورهنّ إلى كسر هذه القيود؟
في الخليج وكي أكون صريحة معك إلى أقصى حدود، الكل سعيد بما هو عليه، المرأة الخليجية لا تشعر أصلا أنها مخنوقة. هذه ثقافتنا وأنا أعرف عنها الكثير، الخليجيون يحبون حياتهم بتطرّف ولا يحبّون تغييرها وأكبر دليل أنهم يذهبون إلى أوروبا يستمتعون وعندما يعودون، يعودون كما كانوا.
*لماذا شعرت أنت بأن التقاليد تخنقك وكسرتها؟
لا أبداً، بل هذا نمط حياتي، فلدينا في الخليج تختلف العادات بين منطقة وأخرى وبين عائلة وأخرى. أنا كسرت بعض القيود التي لم تكن مفروضة علي بل مفروضة على غيري، وأنا لا يهمني غيري لأنّي أمثّل نفسي.

اشرحوا لي معنى كلمة quot;الرقم واحدquot;
*ما كان موقف عائلتك من لباسك وطبيعة حياتك؟
أنا لديّ شخصية مستقلة.
*في آخر مقابلاتها التلفزيونيّة، صنّفت الفنانة الإماراتيّة أحلام نفسها كفنانة الخليج الأولى مناصفةً مع زميلتها نوال الكويتيّة، فماذا تقولين في هذا التصنيف؟
اشرحي لي بالأوّل ماذا يعني الرقم واحد، لو فهمت معنى الكلمة سأجيب. أستطيع أن أقول عن نفسي أنا الرقم واحد لكن الرقم واحد بماذا؟ بعطاءاتي أنا؟ بأني اكتشفت علاجاً للإيدز؟ لنكن واقعيين هذا مجرّد ميكروفون خلفه واحد يغني ويدندن ثم يذهب إلى منزله وينام.
*أنت تستخفين بالفن؟
أستخف بالأمور التي تستحق أن أستخف بها. الفن شيء راقي، عبارة عن صوت وأوتار تختلف بين شخص وآخر، تسمعينه كما تسمعين العصفور والبحر، هو صوت فحسب تختلف تسمياتها، هناك صوت اسمه شمس وصوت اسمه الرويشد، لا فضل لنا في صوتنا، من أنا؟ في النهاية ألبومي يباع بدولارين ونصف هي قيمتي الفنيّة فلماذا هذا الغرور؟

اُجري هذا اللقاء مطلع الشهر الماضي