يرد الفريق جبار ياور، أمين عام وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق، سبب وصول داعش إلى أبواب أربيل إلى هشاشة القوات العراقية، وإلى حرمان البيشمركة من التدريب والسلاح.


متابعة - إيلاف: كشف هجوم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على العراق هشاشة النية العسكرية والاستخبارية للجيش العراقي، الذي بنته الولايات المتحدة بعد إسقاط صدام حسين. فهو عاجز عن حماية العراق من أي هجوم، إلى جانب سلطة سياسية غارقة في الفساد والتجاذبات منذ العام 2004، فلم تجد وقتًا لبناء جيش قوي يقوم على عقيدة جامعة. هذه بعض محن العراق، فثمة غيرها الكثير، على رأسها الحرب الدائرة اليوم بين الأكراد وداعش في العراق، وصولًا إلى عين العرب (كوباني) في سوريا، المهددة بالسقوط بين لحظة وأخرى.

التحرير آتٍ
قال الفريق جبار ياور، أمين عام وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق، إن قوات البيشمركة قادرة على إنهاك "داعش"، مراهنًا على المساعدات الدولية التي أعطيت للإقليم. وقال لصحيفة "النهار" اللبنانية: "المساعدات العسكرية التي وصلت إلى الإقليم أنقذته من السقوط بيد التنظيم الإرهابي، وجعلت قوات البيشمركة تنتقل من موقع المدافع السلبي إلى موقع المهاجم، مع تكبيد داعش خسائر كبيرة".

وفي تقويم عسكري للوضع في العراق اليوم، يؤكد ياور أن وضع البيشمركة أفضل بكثير من وضع الجيش العراقي، "وهي في قتال مستمر على طول حدود تمتد على 1050 كيلومتراً، وتمر بخمس محافظات عراقية، من محافظة الموصل إلى أربيل، مرورًا بكركوك وصلاح الدين، وصولًا إلى ديالى، كما حررت سد الموصل، وتواصل تحرير باقي المناطق التي سقطت بيد داعش، وتضع خططًا محكمة لذلك".

نداء للسنة
رد ياور سقوط الموصل والأنبار بيد داعش إلى هشاشة الجيش العراقي، "فالفرق العسكرية الست التي يتألف منها فشلت في الصمود في وجه داعش، ناهيك عن المشكلات السياسية بين الكتلة السنية وحكومة بغداد، التي منعت القوات من محاربة داعش في الموصل وصلاح الدين وأجزاء من كركوك، فإما سلمت عناصر هذه الفرق أسلحتها المتطورة والثقيلة إلى التنظيم وهربت، أو انخرطت في صفوفه وتقاتل إلى جانبه".

أضاف للنهار: "غياب العقيدة القتالية المشتركة في الجيش الاتحادي وضعف الإسناد الجوي من العوامل التي أسهمت في انهيار الجيش بسرعة، واحتلال داعش عدداً من المحافظات العراقية، ولاسيما منها السنية".

ويقرّ ياور بأن الجيش العراقي يجد صعوبة في تحرير المناطق السنية من يد داعش، مثل الأنبار وصلاح الدين والموصل، "فالقوات العراقية لم تتمكن رغم استخدامها كل الوسائل المتاحة من تحرير هيت في الأنبار ومركز صلاح الدين في تكريت، والواقع الميداني على الأرض يبيّن أن داعش يسيطر فقط على المناطق السنية، ونحن نأمل من الأخوة السنة، الذين بدورهم يعانون من ظلمه، أن يتعاونوا مع الحكومة الاتحادية ومع حكومة الإقليم للتخلص من كيد هذا التنظيم الإرهابي والقضاء عليه".

إسألوا المالكي!
لكن، كيف وصل داعش إلى حدود إربيل، رغم أن الجميع يعلم أنه قد خطط لذلك منذ زمن؟، يجيب ياور: "علمنا قبل هجوم التنظيم في 10 حزيران (يونيو) على الموصل أنه يعد شيئًا غير جيد للعراق وللموصل، وأبلغنا من خلال اللجان المشتركة والاجتماعات التي كنا نعقدها في بغداد أن هناك تحركات مريبة وخطرة تحدث على الحدود مع سوريا، ويجب ضربها في مهدها، لكن لم نلقَ أذانًا صاغية، ورأت الحكومة الاتحادية ورئيسها نوري المالكي آنذاك أن ما نطرحه من باب المزايدات، وحتى عندما هاجم داعش الموصل طلبنا منهم السماح لنا بمساندة القوات الاتحادية الموجودة هناك، فجاء الرد أنها قادرة على صد الهجوم، فحصل ما حصل، وسقطت الموصل، وهجر المواطنون منها، ووصل داعش نتيجة سياسة المالكي الخاطئة إلى حدود بغداد".

أضاف: "تصدت البيشمركة للهجوم بكل ما أوتيت من قوة، لكنها لا تملك أسلحة حديثة كتلك التي سيطر عليها التنظيم في الموصل، فحكومة المالكي لم تجهز قوات البيشمركة وتدربها يومًا، ولم تسلحها وتموّلها، رغم أنها قوات حكومية رسمية وفق الدستور الاتحادي، لكنها صمدت حتى بداية شهر آب (أغسطس)، وعندما نفدت الذخيرة، ولم نعد نملك أي مصدر للحصول عليها، تمكن داعش من خرق دفاعاتنا والتقدم باتجاه إربيل، لكن بفضل مساعدة واشنطن وعدد من دول التحالف، تمكنا من تغيير معادلة الدفاع السلبي عن إربيل إلى الهجوم على داعش، والعمل على تحرير أراضينا". واستبعد ياور سقوط بغداد في الوقت الراهن، "فالجيش العراقي قادر على حماية بغداد ومنع دخول داعش المنتشر في مناطق قريبة منها، مثل عامرية الفلوجة والصقلاوية والرمادي".

ساعدنا كوباني
في كوباني القصة مختلفة. فمقاتلو المدينة انتقدوا حكومة الإقليم بسبب ضعف المساعدات التي قدمت إلى المدينة المحاصرة. ورد ياور قائلًا: "رغم التباين الموجود مع بعض الأحزاب السياسية الكردية في المدينة، أبدى الإقليم استعداده لدعم المدينة، طلبنا من واشنطن والحلفاء مساعدة المقاتلين الأكراد الصامدين، ونحن ساعدناهم قدر المستطاع لأننا لا نملك المزيد وننتظر المساعدات الدولية، فالإقليم يضم أساسًا 5 ملايين شخص، وأضيف إليهم مليون ونصف مليون نازح من سوريا ومن المحافظات العراقية نعمل على مساعدتهم والاعتناء بهم، وذلك يشكل عبئًا كبيرًا علينا".

ورد ياور السبب الأول لعجز الإقليم عن مساعدة كوباني إلى وضعها الجغرافي المعقد، والبعيد 300 كلم عن الحدود السورية، وعدم القدرة على إيصال المساعدات إليها، "فوضع كوباني يشبه وضع غزة أو سنجار من الناحية الجغرافية".

لا يتخوف ياور من بقاء داعش، "فالوضع في العراق وسوريا اليوم شبيه بوضع تورا بورا وأفغانستان، والضربات الجوية مفيدة جدًا لقوات البيشمركة ولكوباني وحتى للحكومة العراقية، لأنها توقف تقدم داعش وتنهكه وتدمّر مخازنه وأسلحته الثقيلة، لكن تحرير المناطق من هذا التنظيم الإرهابي يتم بعملية دولية متكاملة، تتبعها حملة تدريب فعلية للقوات العراقية للتمكن من الدفاع عن نفسها". إلا أنه يستبعد تدخلًا أجنبيًا بريًا في العراق حاليًا.