وسط توترات سياسية وإعلامية بين البلدين، بشأن قضية مثلث حلايب وشلاتين، يبدأ الرئيس السوداني عمر البشير زيارة للقاهرة تستغرق يومين، يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكبار رجال الدولة، وهي الزيارة الأولى له منذ ثورة 30 حزيران (يونيو)، ويبحث الرئيسان العديد من الملفات منها أزمة سد النهضة، والتعاون المشترك.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يزور الرئيس السوداني عمر البشير مصر اليوم السبت، ويلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط أجواء تتسم بالتوتر بين البلدين، لاسيما في ما يخص تبعية مثلث حلايب وشلاتين إلى أي من البلدين، خاصة في ظل إصدار البشير تصريحات قال فيها إن المنطقة ملكية سودانية، مشيراً إلى أن السودان لن يتنازل عنها، وفي الوقت نفسه لن يخوض حرباً ضد مصر، متوقعاً أن تلجأ بلاده إلى الأمم المتحدة في حالة تأزم الموقف.
&
هجوم إعلامي
وردت وسائل الإعلام المصرية بشن هجوم واسع على البشير، متهمة إياه بالولاء إلى جماعة الإخوان، ودعم الإرهاب.
ويبدو أن الهدف الأساس من الزيارة، ليس إثارة تلك القضية، بل هو تنشيط حركة التجارة والتعاون الإقتصادي، لاسيما أن البشير برفقته 6 وزراء، وقال وزير الري السوداني، معتز موسى، الذي سيكون ضمن الوفد، إن البشير "برفقته وفد رفيع المستوى مكون من وزير شؤون الرئاسة صلاح ونسي، ووزير الخارجية علي أحمد كرتي، ووزير الاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل، ووزير الدولة للدفاع الفريق يحيى محمد خير، ووزير العمل إشراقة سيد محمود، ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق محمد عطا المولي". وأضاف موسى: "نحن معنيون خلال هذه الزيارة بتنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في الاتفاقيات السابقة وإعطائها زخما مستحقا يتناسب مع الروابط التاريخية وطبيعة العلاقة بين البلدين".
غير أن تصريحات الوزير السوداني بشأن حلايب وشلاتين أثارت إنتقادات المصريين، وقال: "الدولة السودانية استلمت حدودها من مصر عام 1956، وكانت تحت الإدارة المصرية البريطانية بحدودها الحالية، وكانت حلايب وشلاتين جزءا منها". وتابع: "فجأة ولأسباب لا نعرفها، تذكر إخواننا المصريون أن حلايب جزء من أرض مصر دون أن نعرف لماذا"، مضيفاً: "لا ينبغي حصر العلاقات بين الشقيقتين مصر والسودان في هذه المساحة الصغيرة، لأن ما بين الدولتين أكبر وأعظم من ذلك بكثير".
وأثارت تلك التصريحات غضب أحزاب وسياسيين مصريين، وانتقدت متهمة إياه النظام السوداني بالمولاة لجماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية"، تارة وأميركا تارة أخرى. وقال حزب التجمع التقدمي الوحدوي، أن تصريحات البشير "محاولة لفرض أمر واقع مستحيل التحقق، وامتداداً لذات الموقف الموالي لجماعة الإخوان الإرهابية وخضوعاً لسادته في قطر وتركيا.
وأضاف الحزب أن الدستور المصري قد حسم هذا الأمر بشكل نهائي، ودعا كل القوى الوطنية والديمقراطية بأن تعلن أن أي يد تمتد الى شبر من أرض مصر في حلايب وشلاتين أو غيرها سوف تقطع. وقال المهندس حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري إن ما يقوم به انصار جماعة الاخوان داخل الحكومة السودانية هي محاولات تهدف الى هدم العلاقات الشعبية بين مصر والسودان، ويجب على الرئيس السوداني درء تلك الفتنة، داعيا البشير إلى التصدي لهذه المحاولات &التي تريد النيل من وحدة بلاده، والإلتفات إلى ما يجري على أرض السودان من حروب تحت مزاعم الجهاد بدلا من الجري وراء تلك المزاعم التي لا طائل منها والمحافظة على علاقات الأخوة بين الشعبين المصري والسوداني.
كلام غير صحيح
ووصف المتحدث الإعلامي لحزب المحافظين، المهندس محمد الأمين، تصريحات وزير الكهرباء السوداني معتز موسيب أنها &"كلام لا يستند للصحة وعبارة عن تشويش لإثارة البلبة". وأضاف في تصريح أرسله لـ"إيلاف" أنه "لا يوجد مصري واحد يستطيع أن يفرط في حبة تراب من وطنه، وهو ما أكده من قبل غضب المصريين نحو هذه التصريحات من الجانب السوداني، مستشهدًا ايضا بغضب المصريين حينما تردد في عهد الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، بأنه تم تسليم حلايب وشلاتين إلى السودان.
وطالب الأمين، الجهات المسؤولة ورئاسة الجمهورية بمراعاة هذه التصريحات أثناء لقاء رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي مع الرئيس السوداني عمر البشير، وإنهاء حالة التصريحات التي وصفها بـ"الخزعبلية".
ووفقاً لوجهة نظر رئيس الحزب الإشتراكي، بهاء شعبان، فإن حلايب وشلاتين أراض مصرية، مشيراً إلى أن هذا الكلام من الثوابت التاريخية والجغرافية. وأضاف لـ"إيلاف" إن الحديث عن تبعيتها للسودان من جانب البشير وأحد وزرائه تشكل تصريحات للإستهلاك المحلي، منوهاً بأن إثارة تلك القضية في المرحلة الراهنة يؤثر بالسلب&في العلاقات بين البلدين، ولفت إلى أن مصر لن تفرط &في أي شبر من ترابها الوطني.
&
مغازلة اميركا
السودان يحاول مغازلة أميركا، عبر إثارة الأزمات في المنطقة، وإثارة المشاكل لمصر، وقال اللواء نصر سالم، الخبير العسكري، لـ"إيلاف" إن النظام السوداني يعاني مشكلات وأزمات داخلية لا حصر لها، فضلاً عن أنه مطلوب للإعتقال بناء على مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أن تصريحات البشير ووزير الري السودانيين حول حلايب وشلاتين، الهدف منها لفت أنظار السودانيين عن المشاكل والأزمات الداخلية، بالإضافة إلى تقديم القرابين إلى أميركا، والعمل ضمن سياستها الرامية إلى إثارة الفوضى في جميع دول المنطقة وبخاصة مصر. وأفاد بأن العلاقة بين النظام السوداني وجماعة الإخوان المسلمين، ساهمت أيضاً في خروج مثل تلك التصريحات. ونبه إلى أن نقاط الإتفاق بين مصر والسودان أكبر وأكثر من قضية حلايب وشلاتين.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير، قال في صريحات له إن مثلث حلايب وشلاتين "ملك للسودان"، مستبعداً &الدخول في حرب مع مصر من أجله. وأضاف: "لن نحارب مصر في هذه الحدود وسنحاول حلّها بالتحاور والتفاوض مع إخوتنا المصريين وفي حالة العجز التام فلن يكون أمامنا إلا اللجوء إلى التحكيم وإلى الأمم المتحدة، ونحن لنا أمل بأن نصل إلى نهاية سعيدة بالتفاهم والتحاور والتفاوض المتعقّل، ولن ندخل في حرب مع الشقيقة مصر في هذه الحدود لأن ما بين البلدين والشعبين الشقيقين أكثر من تداخل، فهما كفيلان بأن يتجاوزا مشكلة الحدود".
&
التعليقات