بحث وزير الخارجية العراقي مع الرئيس التركي ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو تفعيل دور أنقرة ضمن التحالف الدولي لمواجهة تنظيم "داعش"، وتعزيز الاتفاقات السياسية والأمنية والإقتصادية الموقعة بين البلدين.


لندن: في اليوم الثاني من زيارته الرسمية إلى تركيا، بحث وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، كل على انفراد، في انقرة، الليلة الماضية، سُبُل تطوير العلاقات بين البلدين بما يخدم المصالح المُشترَكة على الصعيد السياسيِّ، والأمنيِّ، والإقتصاديِّ، والتجاريِّ، والخدميّ.

وأشار الجعفريّ خلال الاجتماعين إلى التطوُّرات الأمنيّة وتقدُّم القوات العسكريّة العراقيّة ومتطوعي الحشد الشعبيّ في مُواجَهة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش". وثمن ما اسماه بالموقف التركيِّ الإنسانيِّ من خلال المُساعَدات التي أرسلتها انقرة إلى النازحين العراقيِّين، إضافة إلى دورها الإيجابيِّ في احتضان المُواطِنين العراقيِّين الذين اضطرّوا إلى مُغادَرة بلدهم جراء الوضع الأمنيّ.

ووجَّه الجعفريُّ دعوة باسم رئيس الوزراء العراقي حيدر العباديّ إلى رئيس الوزراء التركيّ أحمد داود أوغلو لزيارة العراق فرحب بها، وجرى وضع موعد أوليٍّ للزيارة، وسيتمُّ الإعلان عن الموعد النهائيِّ لها لاحقاً، كما جرى الاتفاق على تشكيل لجان مُشترَكة لتفعيل الاتفاقات الأوليّة التي جرت خلال اللقاءين.

من جانبهما، أبدى الرئيس التركي ورئيس وزرائه "تجاوباً حقيقيّاً في ما يخصُّ تفعيل الجوانب السياسيَّة والأمنيَّة والإقتصاديّة من العلاقات بين البلدين وأكدا دعم تركيا&للعراق في مُواجَهة مجاميع داعش الإرهابيّة والوقوف جنباً إلى جنب مع الشعب العراقيّ"، كما قال بيان صحافي لمكتب اعلام الوزير العراقي تلقت "إيلاف" نسخة منه.

بحث العلاقات السياسية والأمنية والتجارية

وعن فحوى مباحثاته مع أردوغان وأوغلو، قال الجعفري في تصريحات للصحافيين إنها تناولت ملفات عدة وخاصة ما يتعلق منها بالأمن، والعلاقات التجاريّة، وتبادل الخبرات، والإعمار والإسكان، حيث من المأمل أن يتم البدء بسرعة التحرُّك عليها وإنجازها. وأضاف أن اجتماعه مع الرئيس أردوغان كان مثمرًا.

وقال "تحدَّثنا في العلاقات الأمنية والسياسية والتجارية وكان صريحاً جدّاً، وكانت وجهات نظرنا مُتقارِبة، وأكـَّد دعم ووقوف تركيا إلى جانب الشعب العراقيِّ ضدَّ الإرهاب، كما استعرضتُ له ما يدور الآن في العراق وأنَّ إدارة الملفِّ الأمنيِّ العراقيِّ بيد القوات العسكريّة العراقيّة وأنـَّها تـُحقـِّق انتصارات رائعة ومعها مُختلِف روافد القوات العسكريّة من الحرس الوطنيِّ، ومن البيشمركة، والكثير من المجاميع لإرساء الوضع الوطنيِّ الجديد".

وعن العلاقات الإقتصادية بين العراق وتركيا، أشار الجعفري إلى أنّه بحث مع المسؤولين التركيين تطوير هذه العلاقات وتفعيل عمل اللجان المكلفة بهذه المهمة "وقلنا لهما إنَّ هناك شركات تركيّة تعمل في العراق حظيت بثقة الشعب العراقيِّ لجودة منتوجها، واعتدال أسعارها، والعراق مفتوح كسوق للبضاعة التركيّة".

وأضاف أن أردوغان واوغلو أكدا الوقوف مع الشعب العراقي في مواجهة الارهاب الذي لم يؤيداه مطلقاً بكلِّ أنواعه، وكلِّ مُسمَّياته، وأنَّهما شجبا الإرهاب، وقد جاء ذلك على لسان كلِّ المسؤولين من دون استثناء.

وقال إن مباحثاته مع كبار المسؤولين الاتراك تناولت"نقاطاً ذات بُعد استراتيجيٍّ وفي مُقدّمتها: "الجانب الأمنيِّ لأنَّ الوضع الأمنيَّ في العراق دخل إلى الدائرة الاستراتيجيّة لذا تكلمنا حول إدانة داعش، وضرورة أن نستقطب الموقف التركيَّ إلى جانب التحالف الدولي الذي وقف إلى جانب العراق ضدَّ داعش، وكان الإخوة الاتراك أسخياء، ويدعمون العراق، ويشجبون أفعال داعش، كما تحدَّثنا عن الملفات المُتعدِّدة ذات البُعد الإقتصاديِّ، وتطوير العلاقات السياسيّة".

وعبر عن الأمل في أن تشهد العلاقات العراقيّة - التركيّة خلال الفترة المقبلة تصاعُداً أكثر.&
&
خطوة لتصفير المشاكل بين تركيا والعراق

واعتبر مراقبون زيارة الجعفري إلى تركيا، التي بدأت الاربعاء، خطوة متقدمة تستهدف طي صفحة العلاقات الثنائية المتوترة منذ ثلاثة أعوام، إضافة إلى تصفير المشكلات.

فقد شهدت العلاقات العراقية التركية خلال السنوات الاخيرة من رئاسة نوري المالكي للحكومة السابقة، توتراً بعد اتهامه لأنقرة بالتدخل في الشؤون الداخلية بالإضافة إلى معارضته الاتفاق التركي مع اقليم كردستان في انشاء ومد انبوب للنفط وبيع خام الاقليم في الاسواق العالمية بمعزل عن بغداد، ما عدته "تهريبًا للنفط ومخالفًا للدستور العراقي"، وهددت بمقاضاة المشترين.

كما كان الرئيس أردوغان قد اتهم الحكومة العراقية بالتصرف على أساس طائفي، الامر الذي دفع المالكي إلى الرد عليه، داعياً اياه إلى الكف عن التدخل في شؤون دول المنطقة، وطالبه بالاهتمام بمعالجة مشكلات بلاده.

ومما زاد التوتر في علاقات البلدين موقف الحكومة التركية من الصراع في سوريا ودعمها للثورة ضد النظام فيها، ورفضها تسليم طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي سابقًا المحكوم بالإعدام غيابيًا في بلاده بتهمة الارهاب.

كما احتجت بغداد رسميًا في آب (أغسطس) عام 2012 على زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى كركوك بشمال العراق من دون إبلاغ السلطة العراقية المركزية. كما استبعدت حكومة بغداد الشركة الوطنية التركية للنفط والغاز (تباو) من عقد لاستكشاف النفط في الجنوب العراقي اواخر ذلك العام.