إسطنبول: رد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بقوة على الاتحاد الاوروبي، الذي انتقده لحملة الاعتقالات، التي طالت الإعلام المعارض، داعيًا بروكسل إلى ان "تهتم بشؤونها".

وقال اردوغان، في تصريحات متلفزة الاولى منذ الحملة التي نفذت الاحد، "لا يمكن للاتحاد الاوروبي التدخل في خطوات اتخذت ضمن حكم القانون ضد عناصر تهدد امننا القومي". واضاف "فليهتموا بشؤونهم الخاصة".

ورفض الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاثنين انتقادات الاتحاد الاوروبي لحملة التوقيفات الواسعة النطاق في تركيا، التي استهدفت وسائل اعلام معارضة لنظامه داعيا اياه الى عدم التدخل في شؤون بلاده.

وقال اردوغان، غداة حملة اعتقال 27 شخصا استهدفت بشكل خاص صحيفة "زمان" وتلفزيون مقرب من الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة "ما يمكن ان يقوله الاتحاد الاوروبي، او اذا قبل بنا ام لا، لا يهمنا". واضاف في خطاب نقله التلفزيون مباشرة من ازمير (غرب) ان "الاتحاد الاوروبي لا يمكنه التدخل في اجراءات اتخذت ضمن اقطار قانوني وضد عناصر تهدد امننا القومي". واضاف "فليهتموا بشؤونهم الخاصة".

وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ومفوض سياسة الجوار الاوروبي ومفاوضات التوسيع يوهان هان نددا بالاعتقالات التي نفذتها الشرطة التركية واعتبرا انها مخالفة لـ"القيم الاوروبية" و"لا تتماشى مع حرية الصحافة". وهذه التصريحات الشديدة اللهجة تاتي بعد زيارتهما لتركيا في الاسبوع الماضي لـ"ترسيخ" العلاقات التي لها "اهمية استراتيجية" مع هذا البلد الذي يفاوض للانضمام الى الاتحاد الاوروبي منذ العام 2005.

وحذر اردوغان المسؤولين الاوروبيين من ممارسة اي ضغوط على القضاة والمدعين والشرطة في تركيا. وقال "اتساءل ما اذا كان اولئك الذين يبقون هذا البلد عند ابواب الاتحاد الاوروبي منذ 50 سنة يعلمون ماذا تمثل هذه الاجراءات؟" في اشارة الى الاعتقالات. واضاف ان "العناصر التي تهدد امننا القومي ستنال الرد المناسب، حتى وان كانوا من الصحافيين".

وفي بروكسل، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي الاثنين انها "فوجئت" بحدة تصريحات اردوغان. وقالت "خلال زيارتي في الاسبوع الماضي (الى تركيا)، لقد بحثنا بشكل بناء جدا طريقة المضي قدما" في العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وتركيا. واستهدفت حملة التوقيفات الاحد بشكل اساسي صحيفة زمان وتلفزيون مقرب من اوساط الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة، الذي كان حليفًا لاردوغان، وبات عدوه اللدود.

واوقفت الشرطة الاحد 27 شخصا في اسطنبول ومدن تركية عدة، اساسا من الصحافيين، من بينهم اكرم دومنلي رئيس تحرير زمان، وهداية قره جا مدير التلفزيون التابع لغولن سمانيولو تي في (اس تي في) ومنتج ومدير وصحافيون في قناة المسلسلات "تيك توركييه" (تركيا واحدة) التابعة لاس تي في. وقد تعرضت الحكومة التركية الاثنين ايضا لانتقادات حادة من الاعلام المحلي، واتهمت بتهديد الديموقراطية وحرية التعبير.

صباح الاثنين اعلن التلفزيون التركي الافراج عن ثلاثة من الموقوفين ليلا، فيما ما زال 24 يخضعون للاستجواب لدى شرطة اسطنبول. واوقف هؤلاء بامر من المدعي العام هادي صالح اوغلو، واتهموا بالتزوير وفبركة الاثباتات وتشكيل "عصابة اجرام لضرب سيادة الدولة" بحسب وكالة انباء الاناضول الرسمية. كما اوقف عدد من الشرطيين بينهم رئيس قسم مكافحة الارهاب طوفان ارغودير ورئيس قسم الجريمة المنظمة موتلو اكيز اوغلو في شرطة اسطنبول.

وعنونت صحيفة زمان الاثنين على خلفية سوداء "يوم اسود للديموقراطية". واضافت "ستحافظ زمان على خطها المسالم من اجل الديموقراطية والحرية"، مضيفة ان تركيا باتت "على حافة الهاوية". واعتبرت صحيفة حرية في مقالة بتوقيع احمد هاكان ان توقيف الصحافيين "ضربة" للديموقراطية وحرية التعبير.

وتأتي هذه العملية بعد سنة على بدء تحقيق واسع في 17 كانون الاول/ديسمبر 2013 حول فضيحة فساد ادت الى اعتقال عشرات رجال الاعمال ورجال السياسة ومنهم ابناء ثلاثة وزراء في حكومة اردوغان الذي كان آنذاك رئيسا للوزراء. وتمكن اردوغان من وقف هذا التحقيق من خلال عزل الالاف من عناصر الشرطة وعدد من القضاة وحمل البرلمان على اقرار قوانين تعزز رقابة الدولة على الجهاز القضائي والانترنت.

وغادر غولن (73 عاما) تركيا الى الولايات المتحدة في 1999 حين اطلقت السلطات التركية ملاحقات بحقه بتهمة القيام باعمال معادية للعلمانية. وقد نفى تماما ان يكون له دور في الفضيحة التي طالت اردوغان. وقال اسماعيل جينغوز مسؤول الاعمال الخيرية في حركة غولن لوكالة فرانس برس ان "الحكومة تعتبرنا منافسا لها وتريد السيطرة المطلقة على المجتمع".

واشاعت حملة الاعتقالات اجواء قلق في الاسواق المالية، حيث تراجع سعر صرف الليرة التركية الاثنين الى 2,33 امام الدولار (-1,42%) وهو ادنى مستوى لها منذ كانون الثاني/يناير الماضي.

&

&