صعدت السلطة التركية حربها على معارضيها عبر حملات دهم واعتقالات طالت 27 شخصًا، معظمهم إعلاميون، ولم يسلم ضباط شرطة منها، كما أصدرت مذكرات اعتقال جديدة بحق آخرين، ونشر مستخدم غامض كل تفاصيل العمليات على تويتر قبل بدئها، وسارعت أوروبا والولايات المتحدة إلى إدانة ما اعتبرتاه ضربة للقيم الديمقراطية.


أنقرة: اعتقلت الشرطة التركية رئيس تحرير صحيفة زمان، أكبر الصحف التركية، و26 شخصًا آخرين، في مداهمات استهدفت أنصار الداعية الإسلامي فتح الله غولن، الخصم الرئيس للرئيس رجب طيب إردوغان. وتعد هذه أكبر حملة حتى الآن ضد أنصار غولن، المقيم حاليًا في أميركا، والحليف السابق لإردوغان، الذي يتهمه بإدارة "دولة موازية" داخل تركيا.

اعتقل 27 شخصًا على الأقل، معظمهم من الصحافيين، وبينهم أكرم دومانلي، رئيس تحرير صحيفة زمان، الأوسع انتشارًا في تركيا. كما اعتقلت السلطات مديرًا تنفيذيًا في تلفزيون سامانيولو، الذي يعتبر مقرّبًا من غولن، إضافة إلى مدير تلفزيوني ومنتجين وكتاب سيناريو وعدد من ضباط الشرطة.

وأصدرت مذكرات اعتقال بحق 31 شخصًا، بحسب ما ذكرت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء. ويتهم هؤلاء بتهم عدة، من بينها "تشكيل عصابة للسيطرة على سيادة الدولة"، كما ذكرت الوكالة. ودان الاتحاد الأوروبي عمليات المداهمة والاعتقالات.

إدانات أوروبية وأميركية
وجاء في بيان أصدرته وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديركا موغيريني ومفوض سياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسعة يوهانس هاهن، إن المداهمات "تتعارض مع حرية الإعلام، التي هي المبدأ الجوهري للديموقراطية". وأضاف البيان "إن هذه العملية تناقض القيم والمعايير الأوروبية، التي تتطلع تركيا إلى أن تكون جزءًا منها، والتي هي جوهر العلاقات المعززة" بين الجانبين. كما أعربت واشنطن عن قلقها بشأن الاعتقالات.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جين بساكي إن واشنطن "تتابع من كثب" التقارير حول المداهمات والاعتقالات. وأضافت إن "حرية الإعلام والاستقلال القضائي هما عاملان رئيسان في كل ديموقراطية صحيحة ومبدأن راسخان في الدستور التركي (...) بوصفنا صديقًا وحليفًا لتركيا، فإننا ندعو السلطات التركية إلى ضمان عدم انتهاك تصرفاتها لهذه القيم الجوهرية وأسس تركيا الديموقراطية".

حماية دومانلي
تأتي هذه العملية بعد يومين على إعلان إردوغان تنفيذ عملية جديدة ضد "قوى الشر"، التي يتهم عدوه اللدود الموجود في المنفى في الولايات المتحدة بتحريكها، كما يتهمه بأنه نسق في العام الماضي إطلاق التحقيق حول الفساد ضد أفراد من المقربين منه.

وتجمعت حشود صباحًا أمام مقر صحيفة زمان في ضواحي إسطنبول، وفقًا لمراسل وكالة فرانس برس، ومنعوا الشرطة لفترة قصيرة من اعتقال دومانلي. وأرغم الحشد الشرطة على مغادرة المبنى في الصباح، لكنها عادت بعد الظهر واعتقلته. ورددت& الجماهير "لا يمكن إسكات الإعلام الحر"، في حين تحدى دومانلي قوات الشرطة باعتقاله. وقال دومانلي إن "الشخص الذي تريدون اعتقاله موجود هنا. أرجو منكم أن تعتقلوني، أنا انتظركم هنا".

ووصف هدايت كاراجا رئيس تلفزيون سامانيولو قبل اعتقاله المداهمات بأنها "عار على تركيا". وقال "من المحزن أنه في تركيا القرن الحادي والعشرين هذه هي المعاملة التي تتلقاها مجموعة إعلامية من عشرات محطات التلفزيون والإذاعة والانترنت والمجلات". وكان إردوغان، الذي ينوي القضاء على أنصار عدوه، توعد الجمعة بـ "بملاحقتهم حتى أوكارهم".

تويتر سباقة
وقال "لسنا نواجه شبكة عادية فحسب، بل نواجه واحدة من أبرز شبكات قوى الشر في البلاد والخارج". وأضاف "سنلاحقهم أيضًا في أوكارهم. وأيًا يكن الأشخاص الذين يقفون إلى جانبهم أو وراءهم، فإننا سندمر هذه الشبكة وسنحاسبهم".

وفي إشارة إلى أنصار غولن، قال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، إن "هذا اليوم هو يوم الاختبار. وسيدفعون جميعًا ثمن ما فعلوا وثمن سلوكهم المنافي للديموقراطية". وفي الشتاء الماضي، أعلن النظام الذي يحكم تركيا منذ 2002، الحرب على حركة غولن (73 عامًا)، متهمًا إياه بتشكيل "دولة داخل الدولة" والتآمر لإسقاطه. ونفت حركة حزمة للداعية الإسلامي أي تورط في التحقيق حول الفساد، الذي استهدف مقربين من الرئيس.

وعلى غرار كل عمليات التدخل السابقة، التي استهدف معظمها تقريبًا عناصر شرطة، نشر مستخدم غامض كل تفاصيل العمليات على تويتر قبل بدئها. وكان المدعو فوات أفني حذر في الأسبوع الماضي من أن الشرطة على وشك اعتقال حوالى 400 شخص، منهم 150 صحافيًا. ونشر مساء السبت أسماء هؤلاء الصحافيين، وكان بعضهم من الذين اعتقلوا.

تأتي هذه العملية بعد سنة على بدء تحقيق واسع في 17 كانون الأول/ديسمبر 2013 حول فضيحة فساد أدت إلى اعتقال عشرات رجال الأعمال ورجال السياسة، ومنهم أبناء ثلاثة وزراء في حكومة إردوغان، الذي كان آنذاك رئيسًا للوزراء. وتمكن إردوغان من وقف هذا التحقيق من خلال عزل الآلاف من عناصر الشرطة وعدد من القضاة وحمل البرلمان على إقرار قوانين تعزز رقابة الدولة على الجهاز القضائي والانترنت.

&