&

&
تراجع أسعار النفط مفيد للدول المستهلكة، لكنه سيدفع الدول المنتجة إلى تخفيض إنفاقها العام، وخصوصًا إنفاقها العسكري. وهذا يهدد الدورين الإيراني والروسي في العالم العربي.

&
أسعار النفط تتراجع عالميًا، بشكل لم يسبق له مثيل. إلا أن وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم عبدالعزيز العساف أكد أن الميزانية السعودية القادمة، وما بعدها، ستمكن الحكومة السعودية من الاستمرار في تنفيذ مشاريعها التنموية الضخمة، من دون أي تأثير على الانفاق العام، لا سيما الإنفاق العسكري والأمني.
&
عكس التيار
في هذا الاطار، تسبح السعودية ضد التيار.&فدول العالم كانت تبني موازناتها المالية على سعر برميل النفط المتوقف عند عتبة 100 دولار، بينما ينخفض اليوم إلى عتبة 60 دولارًا، ما يخفض واردات الدول المصدرة للبترول بنسبة تتراوح بين 30 و40 بالمئة.
وتصديقًا لهذا الرأي، أوردت دراسة أجراها مكتب "آي إتش أس" الاميركي ان تدهور اسعار النفط، التي تراجعت اكثر من 50 بالمئة منذ منتصف حزيران (يونيو) الماضي، تنعكس على ميزانيات الدفاع في العالم، لتحد من هامش تحرك الدول المنتجة للبترول، وتوسع هامش تحرك الدول المستهلكة.
&
تأثير إيجابي
تراجع سعر برميل نفط برنت إلى ما دون 60 دولارًا ضغط على دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ومن المتوقع ان تستقر النفقات الدفاعية في هذه المنطقة، التي يتجمع فيها كبار منتجي النفط، في خلال العام المقبل بعدما ارتفعت نحو 30 بالمئة بين العامين 2011 و2014.
في المقابل، تشير الدراسة إلى أن هبوط اسعار النفط يفترض ان يكون له تأثير ايجابي على النمو الاقتصادي في الصين والهند واندونيسيا، وهي من كبار مستهلكي النفط، وان يساعد الماليات الحكومية في هذه البلدان. ومن المتوقع ان تستمر الصين والهند في زيادة ميزانيتيهما للدفاع بأكثر من 5 بالمئة في خلال السنوات المقبلة.
&
نمو عالمي سابق
للمرة الأولى منذ العام 2010، ازدادت النفقات العالمية المرتبطة بالدفاع خلال العام 2014 مسجلة زيادة طفيفة نحو 0,85 بالمئة، الى 1597 مليار دولار.
ويعود هذا النمو إلى تباطؤ التراجع في الميزانية العسكرية الاميركية، وهي الاكبر في العالم، وإلى زيادة كبيرة في النفقات العسكرية في روسيا بلغت نسبتها 17,8 بالمئة في العام 2014، ووصلت إلى 2500 مليار روبل.
وتتوقع آي اتش أس، المختص في قطاع الطاقة، ان تستقر النفقات العالمية في مجال الدفاع خلال السنتين المقبلتين، مشيرا الى ان الامر يتوقف على تطور الأزمات الجيوسياسية القائمة.

إلغاء الخفض
واوضح خبراء المكتب ان العديد من دول المنطقة القلقة من التحركات الروسية في أوروبا الشرقية باشرت بإلغاء الخفض الكبير في النفقات العسكرية، الذي اعتمدته اثر الازمة المالية العالمية، في وقت اتاحت العمليات الاميركية ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وقف تراجع نفقات العمليات الذي كان من الاسباب الرئيسة لتراجع الميزانية الاميركية في السنوات الثلاث الماضية.
ويتوقع المكتب اخيرا الا يعود الحلف الاطلسي، اعتبارًا من العام 2019، يمثل اكثر من نصف النفقات الدفاعية في العالم، في حين كان لا يزال يجمع حوالى ثلثي هذه النفقات في العام 2010.
&
الدور مهدد
أكبر المتضررين من تراجع أسعار النفط هما روسيا وإيران، إذ تعتمد قدراتهما المالية على الصادرات النفطية. وأدت العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على إيران بسبب برنامجها النووي إلى انخفاض الواردات النفطية الأوروبية من إيران، لكنها وجدت في الصين والهند تصريفًا أكبر لإنتاجها.
كما أن أوروبا غير مستعدة إطلاقا للتخلي عن النفط الروسي، وبالتالي هبطت فاعلية العقوبات الاقتصادية المفروضة على هاتين الدولتين.
لكن التراجع في السعر العالمي لبرميل النفط سيقود إلى تفاقم الأزمة، وبالتالي تقهقر دور إيران في المنطقة العربية، وفي سوريا خاصة، ودور روسيا في أوكرانيا ومناطق أخرى من العالم.&
والانخفاض المصحوب بالعقوبات الأوروبية والأميركية، والتوترات السياسية والعسكرية مع أوكرانيا، خفضت القيمة التعادلية للروبل الروسي بنسب عالية، وتخلى البنك المركزي الروسي عن الدعم، فأصبح الروبل عملة معومة. وإذا تواصل انخفاض إلى 50 دولارًا، ستضطر الدولتان إلى تقليص مصروفاتهما العسكرية، ما يفضي إلى تقهقر دورهما في المنطقة العربية.
&
&
&