يأمل اللبنانيون أن يؤسس حوار المستقبل - حزب الله لمرحلة من الهدوء النسبي، حتى لو لم يتوصل إلى حل المسائل الخلافية، المؤجل بحثها إلى جلسات قادمة، بعد جلسة أولى سطحية، لكسر الجليد بين الخصمين.

بيروت: عاد تيار المستقبل وحزب الله إلى الحوار بعد قطيعة طويلة، في خطوة أجمع اللبنانيون على أهميتها في خفض منسوب التوتر على الأقل، حتى لو لم تنتج قرارات مصيرية، كالاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية في حد أدنى.

ففي الجلسة الأولى التي عقدت مساء الثلثاء لـ4 ساعات، مثل حزب الله حسين الخليل، المعاونُ السياسي لأمين عام حزب الله حسن نصر الله، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله. ومثل المستقبل نادر الحريري، مديرُ مكتبِ رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ووزير الداخلية نهاد المشنوق، والنائب سمير الجسر.

لا صفقة سنية شيعية

اجتمع الفريقان في جولة حوار جديدة، برعاية رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في توجه مطمئن، كما بيّن البيان الختامي الصادر عن اللقاء، بما يحمله من رسالة طمأنة سياسية إلى حلفاء الفريقين المسيحيين أولًا، بالتأكيد أنّ هذف هذا الحوار ليس تشكيل اصطفاف سياسي جديد على الساحة الداخلية، ولا هو عودة إلى أي شكل من اشكال الحلف الرباعي القديم.

ولفت المجتمعون إلى أن اللقاءات لا تهدف للضغط على موقف أي من القوى السياسية في الاستحقاقات الدستورية، بل هي مساعدة لاتفاق اللبنانيين.

وفي هذا الاطار، نقلت "الشرق الوسط" عن مصدر مطلع على أجواء اللقاء، قوله إن الفريقين حذران من عقد أي صفقة سنية - شيعية بعيدًا عن المسيحيين، "وبالتالي هذا الانفتاح لن يكون سوى تمهيد لتفاهمات رئاسية وليس التفاهم حول اسم الرئيس الذي لن يحصل بمعزل عن الأفرقاء المسيحيين"، بعدما توجس المسيحيون خيفة من أن يكون اللقاء السني الشيعي مقدمة لفرض رئيس مسيحي على المسيحيين.

لكن هذا لا يعني أن الفريقين لن يبحثا في الملف الرئاسي المفتوح، لكن مع المحافظة على البعد المسيحي لاختيار الرئيس.

سطحية وجذرية

كانت الجلسة الأولى سطحية، والجلسات القادمة ستتطرق للملفات الخلافية الجذرية في بداية السنة المقبلة، لكن حصول الحوار ينهي هذه القطيعة ويخفف التشنّج بين الفريقين، ويسهل عمل المؤسسات بعيدًا عن الكيدية التي شاعت نهجًا سياسيًا في التعامل مع الملفات، خصوصًا على طاولة مجلس الوزراء، الذي يحكم لبنان اليوم مجتمعًا، بديلًا لرئيس مفقود.

وأفادت مصادر مقربة من بري بأن الجو "إيجابي"، من دون أن تحتم وجود اي خرق. وقالت مصادر صحيفة "الحياة" إن الخرق الوحيد الذي تحقق هو إعادة التواصل بين الفريقين المتخاصمين، ما سمح بمقاربة النقاط الخلافية& بموضوعية وهدوء بلا نبرات عالية واتهامات، من سلاح "حزب الله" في الداخل إلى مشاركته في الحرب الدائرة في سوريا.

وتابعت مصادر الحياة أنه جرى التركيز على ضرورة البحث في كيفية مواجهة الحريق الذي يعصف بالمنطقة ومنها لبنان، الموضوع على لائحة الانتظار بسبب استمرار التعقيدات الإقليمية والدولية التي تمنعه من أن يستعيد عافيته بالكامل.

تفاؤل

وتعليقًا على أول خطوات الحوار بين المستقبل وحزب الله، قال رئيس الحكومة تمام سلام، إثر لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، إنه يشكل أجواء من الراحة والاطمئنان للبنانيين، متمنيًا على المتحاورين أن يمضوا في حوارهم ويعطوا نتائج إيجابية.

اضاف: "لا يمكن الاستمرار من دون رئيس للجمهورية والوضع غير مريح، والجسم بلا رأس لا يمكن أن يكتمل". وعبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عن ارتياحه للحوار بين حزب الله وتيار المستقبل ، "وما حصل انجاز كبير، وهذا ما ناديت به وعملت عليه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري".

وقال الشيخ نعيم قاسم، نائب أمين عام حزب الله: "الحوار يؤدي إلى بعض الحلول المناسبة لساحتنا بدل أن يبقى التقاذف والتحريض قائمًا من دون فائدة، وهذا الحوار جزء من الاستقرار السياسي والاجتماعي، يوقف الشحن والتحريض المذهبي ويخفف من الاحتقان، ويهيئ أرضية مناسبة لنكافح جميعا الإرهاب الذي أصبح خطرًا على الجميع الذين يدركون هذا الخطر من دون استثناء، حيث يمكن أن نصل لحلول في بعضها ولا نصل لحلول في بعضها الآخر، لكن الحد الأدنى من نتائج الحوار إيجابية مهما كانت لأنها تحقق الأهداف التي ذكرتها".