الجزائر اليوم رهينة كرسي متحرك، لا يتخلى عنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إذ لا يمكنه الحركة من دونه، بينما المعارضة تتحرّك ساعيةً لتوحيد رؤيتها، مطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.


مروان شلالا من بيروت: تودّع الجزائر العام 2014 ليرث منه العام 2015 جدالًا مستدامًا حول مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يحكم الجزائر وهو على كرسي متحرك، مع إصرار المعارضة الجزائرية على إجراء انتخابات مبكرة، وإصرار الموالاة على استبعاد ذلك حتى نهاية ولاية بوتفليقة في العام 2019.

ولاية على كرسي متحرّك

هل يستطيع بوتفليقة حكم الجزائر؟ كان هذا السؤال الذي ظلّل الانتخابات الرئاسية الأخيرة. في نيسان (أبريل) 2013، تعرض بوتفليقة لجلطة دماغية،وتلقى العلاج في مستشفى فال دوغراس الباريسي، ليعود في تموز (يوليو) 2013 لممارسة مهام الرئاسة بشكل شبه شكلي، متنقلًا على كرسي متحرك.

وفي بداية 2014، وبالرغم من هذا العجز، أصر بوتفليقة على الترشح لولاية رابعة.

وفي يوم 17 نيسان (ابريل)، خاض السباق الرئاسي من دون أن يشارك في أي نشاط إنتخابي، وفي يوم الاقتراع أدلى بصوته وهو على كرسي متحرك، وكذلك أدى اليمين الدستورية رئيس في ولاية رابعة.

توافق غير جدي

وفي حزيران (يونيو)، استغل بوتفليقة الجدال المستمر حول اعتلال صحته ليحرف الأنظار بإعلانه عن إطلاق مشاورات موسعة مع القوى السياسية داخل البلاد لتعديل الدستور الجزائري ليكون أكثر توافقيًا.

لا&تزال نتائج هذه المبادرة والمشاورات التي رافقتها مجهولة حتى الآن، وتأكد للمعارضة أن هذه المبادرة كانت تنقصها الجدية.

وبنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قال بوتفليقة إن الجزائر تستعد لتعديل دستورها وتحضر لذلك بجدية، وكلها دراية بنضج الأفكار التي أفرزتها المشاورات الواسعة التي نظمت لهذا الغرض.

اتحاد المعارضة

استغلت المعارضة الجزائرية هذا الوضع، ونجحت في جمع أحزاب وشخصيات مستقلة وأكاديميين من مختلف التيارات في تحالف جديد، اسمه "هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة"، تأسس في أيلول (سبتمبر)، هدفه الضغط على النظام الجزائري.

ووجهت الهيئة في تشرين الثاني (نوفمبر) نداء إلى الشعب الجزائري، يدعوه فيه جديًا إلى المساهمة في التغيير، قالت فيه: "تُشهد هيئة التشاور والمتابعة الشعب الجزائري على خطورة الوضع، لأنه بدونه لا يمكن إيجاد أي حل ممكن ودائم، كما لا يمكن أن يكون للانتقال الديمقراطي، الذي تدعو إليه الهيئة وتضع نفسها في خدمة الشعب من أجله، معنى، إلا إذا اقتنع بعدالته وبصدق نوايا النساء والرجال المنادين به".

ودعت الهيئة إلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة،"نظرًا لوجود شغور في رئاسة الجمهورية لعدم قدرة الرئيس على أداء مهامه، ومحيط الرئيس من سياسيين وكذا رجال أعمال هو من يسير البلاد خلف الستار في ظل مرض الأخير".

فكان رد أحزاب الموالاة: "هذا طعن في شرعية الصندوق وأن انتخابات الرئاسة ستكون في العام 2019 بعد انتهاء ولاية الرئيس، الذي يقوم بمهامه ويتابع كل الملفات ونشاط الحكومة بشكل مستمر".

شرعية بوتفليقة

بقي الجيش الجزائري، وهو اللاعب الأقوى حتى على الساحة السياسية، صامتًا حتى كانون الأول (ديسمبر)، فرد على المعارضين المطالبين بانتخابات مبكرة قائلًا: "حري بهؤلاء الالتزام واحترام مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي وتماسكه ووحدته، وعدم الزج به في الشأن السياسي الذي هو ليس من مهامه على الإطلاق، وعدم استغلال تمسكه بمهامه الدستورية للطعن في شرعية مؤسسات الدولة"، غامزًا من قناة الطعن في شرعية بوتفليقة.

إلى ذلك، اقترح حزب جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض في البلاد، عقد مؤتمر "الإجماع الوطني" يجمع الأطياف السياسية في البلاد، من أجل دراسة مشروع سياسي موحد، في 23 و24 شباط (فبراير) 2015.

قبلت أحزاب الموالاة بذلك، مشترطة عدم المس بشرعية بوتفليقة رئيسًا، فيما تتحفظ هيئة التشاور والمتابعة على المشاركة في المؤتمر، إذ ترى فيه كسرًا لجهود الضغوط على النظام الحاكم".