لندن: أبلغ برلمانيون عراقيون نظراءَهم الأوروبيين أن الشعب العراقي هو الآن ضحية الطائفية وممارسات سلطاتهم التعسفية، وإرهاب الجماعات المسلحة، وقالوا إن العمليات المسلحة التي تشنها الحكومة ضد المعترضين عليها تستهدف المكون السني، ودعوا المجتمع الدولي إلى دعم حقوق الإنسان في العراق .
جاء ذلك خلال استضافة البرلمان الأوروبي في بروكسل مؤتمرًا حول حالة حقوق الإنسان في العراق، بمشاركة شخصيات برلمانية أوروبية وعراقية وعدد من الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان دوليًا وإقليميًا ومن داخل العراق. وترأس النقاش الذي جرى أمس، رئيس لجنة العلاقات مع العراق داخل البرلمان الأوروبي ستراون ستڤنسون، وشاركت فيه شخصيات نيابية وحكومية من محافظات عراقية مختلفة بضمنها إقليم كردستان، ومنهم رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي سليم عبد الله الجبوري، والنائب حيدر الملا، ومفتي الديار العراقية رافع الرفاعي، وفلاح مصطفى مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان، وعبد الرازق الشمري من حركة الحراك الشعبي من محافظة الأنبار، وناجح الميزان من محافظة صلاح الدين، وغانم عبيد من محافظة نينوى.

النائب الجبوري: البرلمان الأوروبي لم يهتم بحقوق الإنسان في العراق
وفي كلمته، انتقد رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي النائب سليم الجبوري موقف الاتحاد الاوروبي المهادن ازاء حقوق الإنسان في العراق قائلاً: quot; كنّا نناشد ونطالب ونحث ونستفز المجتمع الدولي ليأخذ دوره الا أننا وللأسف لم نواجَه الا بإجابات خجولة وردود برتوكولية واستنكارات بلا طعم لا توازي طعم المرارة التي تذوقها الشعب العراقي طوال السنين العجاف التي كان الإرهاب ينهش من جسده فيها، والانتهاكات والتقصيرات من القائمين على الامر في البلاد زادت هذه المرارة حتى أصبحت علقماً، حيث انتحبت العراقيات من نار الموت حتى بحت أصواتهن ونشفت دموعهن ولم تصلنا من المجتمع الدولي الا جذاذات أوراق تعبر عن انزعاجه في أحسن حالاته وأجرأ مواقفهquot;.
واضاف قائلاً: quot;من الصعب توصيف وضع حالة حقوق الإنسان في العراق، فالواقع غير الوصف فما يعانيه العراقيون اكبر بكثير مما أصف لكم، وحين اتحدث عن غياب حقوق الإنسان فأنا لا اعني أن المقصر هي الجهة التنفيذية أو التشريعية فقط، بل أن الإرهاب متسبب أساسي في تدهور حالة حقوق الإنسان وأقصد بالإرهاب هنا ارهاب القاعدة والمليشيات، والتي تتبنى جميعها أجندة ايديولوجية متشددة ومتطرفة بدوافع طائفية وروح انتقامية مقيتةquot; .
وقال إن العراقيين عانوا طوال عشر سنوات بعد التغيير عام 2003 من قضية الإعتقالات دون مذكرات، وانتهكت بسبب هذا السلوك حياة وخصوصيات العديد، بدأ في ذلك الأميركيون حينما زجوا في السجون الآلاف المؤلفة بزعم تحقيق الأمن، وأصبحت السجون مراكز لتنامي الإرهابومدارس يخرج منها من هو ناقم على المجتمع لسنوات قضاها دون ذنب ولعله التقى بمن هو ضالع في الإرهاب، واستمرت الطريقة ذاتها في التعامل مع المطلوبين واستهداف الكثير من الأبرياء اذا ما حصل خرق أمني، فقد كانت قضية المعتقلين وما زالت قضية شائكة وتشهد إشكالات حتى أن أعداد المعتقلين قد تجاوزت 40 ألف معتقل بسبب تأخر عمليات التحقيق، وقد رصدت اللجنة ووزارة حقوق الإنسان عدم قدرة السجون والمعتقلات من استيعاب هؤلاء وعدم جاهزيتها لاستقبال أعداد جديدة.
وعن قضية المخبر السري، فقد اشار إلى أنه اصبح سيفًا مسلطًا على رقاب الناس دون ضوابط للحد من الدوافع والنزعات الشخصية أو الفئوية، اذ قد يواجه من يتهم من قبل المخبر السري السجن لسنوات ليثبت براءته بعد ذلك، بعد أن يدفع كل ما يملك ثم يخرج من السجن، حتى دون اعتذار شفهي لما جرى له مع عدم تعويضه عمّا جرى له لا ماديًا ولا معنوياً، في مخالفة واضحة وصريحة لكل القوانين واللوائح الإنسانية. وقد انتبه القضاء مؤخراً إلى خطورة المخبر السري واستصدرأحكامًا ضد مخبرين سريين في إشارة إلى عدم جدوى وسيلة الحصول على المعلومات من قبل المخبر، وفي هذا المقام فإني أدعو البرلمان والقضاء العراقي إلى دراسة مشروع قانون لمعاقبة المخبرين السريين بأثر رجعي لتسببهم في ضرر بالغ لآلاف الابرياء واصدار تشريعات لتعويض كل المتضررين من الابرياء تعويضًا مجزيًا.
واوضح أن وزارة حقوق الإنسان ومنظمات مجتمع مدني قد أكدت أن هناك أعدادًا من النساء تم اعتقالهن بجريرة مطلوبين من أقاربهن ومع أن اللجان الوزارية المشكلة بخصوص هذا الملف بادرت بالسعي لإطلاق سراح البعض منهن الا أنه من الضروري تكثيف عمل هذه اللجان لإطلاق سراح البريئات جميعًا.
وفي ما يخص عمليات الاعدام، فقد اشار إلى أن المحاكمة العادلة تحتاج إلى ظروف مناسبة وإجراءات قضائية عادلة وهو ما لم يتحقق للتعقيدات الأمنية التي يمر بها العراق... واوضح أن الأقليات الدينية والقومية في العراق شهدت استهدافًا قاسيًا، حيث قامت الميليشيات وتنظيمات القاعدة وداعش بعمليات تهجير في البصرة وبغداد وديإلى والموصل وكلها ممنهجة سعت إلى تفتيت اللحمة المجتمعية وتهشيم الفسيفساء التي يتمتع بها العراق، والتي يشكل فيها المسيحيون والازيديون والصابئة وبعض الأقليات الاخرى، لونًا عراقيًا أصيلاً، ومهما حرص عليه أبناء العراق منذ الآلاف السنين وما زالوا على ذلك، ولم تستطع الجهات المختصة أن تقف بوجه التنظيمات المتطرفة التي تورطت بفعل قتل وتهجير هذه الأقليات بل إن البعض يرى أن هناك تورطاً من شخصيات وتواطؤاً مع البعض للقيام بهذه العمليات.
وأوضح أن قضية أخرى قد برزت بعد قتل عشرات الآلاف في العمليات الإرهابية من الرجال، حيث ظهرت شرائح جديدة من ذوي الضحايا من المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك الأرامل والايتام، التي وجدت نفسها امام قسوة الحياة، بعد فقد المعيل والتعرض لظروف معيشية صعبة، حيث خلفت عمليات القتل والإرهاب ما يقارب من ثلاثة ملايين يتيم ومليون ارملة، حيث أن شريحة من هؤلاء الضحايا قد تصبح هدفاً سهلاً للتوظيف من قبل الإرهاب اذا ما استمر اهمالها وتجاهل احتياجاتها.
واوضح أن ما نتج عن العمليات العسكرية في الأنبار من نزوح جماعي وهجرة داخلية أمر بالغ الخطورة فقد تعرض عشرات الآلاف إلى ظروف إنسانية صعبة نتج عنها ضرر معنوي ومادي كبير ولم تكن عمليات إغاثة هؤلاء النازحين بالمستوى المطلوب وما زالت هذه المعاناة قائمة إلى الآن تنتظر الحل من الجهات المعنية، وبدورنا نطالب بالإسراع لحسم هذا الملف ليكون مقدمة لحل اكبر لقضية الأنبار.
وانتقد المسؤول البرلماني العراقي دور الامم المتحدة في العراق قائلاً إنه لم يكن بالمستوى المطلوب لمتابعة ملف حقوق الإنسان رغم ما قدمته من دعم لوجستي إلى العاملين في هذا المجال، بيد أن وضوح المواقف وممارسة النفوذ لتعديل المسار كان غائبًا، ولذلك أدعوها لتفعيل دورها وبشكل اكثر إيجابية.
ودعا الجبوري المجتمع الدولي إلى دعم حقوق الإنسان في العراق خاصة وقد مرت سنوات عشر مأساوية quot;وما زلنا ننتظر وليس لدينا استعداد بعدللانتظار طويلاً، فقد فَقَدَ جيل كامل حريته وحقوقه وما زال يضحي كي لا تفقد الأجيال القادمة حقها في الحياة والحرية والكرامةquot;.
مفتي الديار العراقية: الحكومة تسعى الى إبادة السنة
اما مفتي الديار العراقية رافع الرافعي، فقد خاطب البرلمانيين الاوروبيين قائلاً quot; أتيتكم من بلد تذبح فيه حقوق الإنسان من الوريد إلى الوريد ، أتيتكم وقد تركت على أرض الفلوجة دم أخي الذي لم يجف بعد، إذ تمزقت أشلاؤه مع ثلاثة من جيرانه أمام أنظار زوجاتهم وأطفالهم شأنهم شأن العشرات من الاطفال والنساء والشيوخ والشباب الذين يقتلون بدم بارد، بقذائف ما يسمى بالقصف العشوائي الذي يمثل جزءاً من استراتيجية الحكومة في حربها على أبناء الشعب بذريعة محاربة الإرهاب الذي اصبح اليوم ذريعة لمحاربة كل المناوئين لهذه الحكومة والمعترضين على منهجها التعسفيquot; .
واضاف أن الحكومة العراقية متمثلة برئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة تنتهج سياسة طائفية بغيضة وتستخدم القوة المفرطة بحق أبناء الشعب العراقي، وقد نال أهل السنة والجماعة في العراق النصيب الاوفر من ظلم هذه الحكومة، فحملات الاعتقال الحكومية والعشوائية منها خاصة تجاههم بلغت في سنة 2013 بحسب البيانات الرسمية الصادرة من الحكومة في مناطق ما يسمى بحزام بغداد بلغت 1531 حملة تمخض عنها اعتقال 14593 مواطنًا، أما عدد القتلى فقد قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ( يونامي ) في بيان صادر عنها إن عام 2013 هو الأعنف منذ عام 2008 حيث شهد مقتل 7818 مدنياً وجرح 17981 آخرين مع ما رافقه من انتشار الفساد، ونهب المال العام، وسيطرة المليشيات على الأجهزة الأمنية، مما دعا العراقيين إلى التظاهر في ست عشرة محافظة في 25/11/2011 ممارسين لحقهم الدستوري في المطالبة بالإصلاح، ولكن هذا الحراك جوبه بالحديد والنار واستهدف قياداته قتلاً واعتقالاً وملاحقة .
واشار إلى أن العراقيين قد انتفضوا مرة أخرى في ست محافظات غالبية سكانها من أهل السنة والجماعة منذ 23/12/2013 بتظاهرات واعتصامات سلمية مطالبين بحقوق مشروعة، ونصبوا لذلك ساحات مارسوا فيها حقهم الدستوري مطالبين بإيقاف الاعتقالات العشوائية، والقضاء على التهم الكيدية الملصقة بالعراقيين من قبل المخبرين السريين والغاء المادة 4 إرهاب التي صارت سيفاً مسلطاً على كل من لا يتفق مع سياسات الحكومة من أهل السنة، ومطالبين بعدم الاقصاء والتهميش الذي طالهم، وغير ذلك من المطالب الهادفة لإشاعة روح العدل والانصاف بين كافة مكونات الشعب العراقي .
واوضح أن الحكومة لم تلتفت إلى هذه المطالب المشروعة وعمدت إلى التسويف مرة والقمع مرة أخرى فارتكبت مجازر دموية من خلال مهاجمة ساحات الاعتصام السلمية بقوات الجيش والشرطة الاتحادية وقوات سوات التي هي قوات غير دستورية، وترتبط ارتباطًا مباشرًا برئيس مجلس الوزراء ، فقتلت المئات من المعتصمين العزل في الفلوجة والحويجة والموصل وديإلى أمام أعين العالم وبدم بارد.
وقال إنه مع كل ذلك فقد صمد المعتصمون في ساحاتهم مطالبين بحقوقهم المشروعة ملتزمين بسلميتهم حتى لا يجعلوا للحكومة ذريعة لإجراءاتها التعسفية، مما دفع الحكومة ومن دون خجل إلى توجيه التهم الباطلة إلى ساحات الاعتصام، فتارة تقول إن فيها مسلحين، وتارة تقول إنها خطفت من قبل الارهابيين، والجميع يعلم أن ما كان يشغل بال الحكومة هو كيفية القضاء على هذه الساحات قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في هذا العام لحسابات انتخابية .
وأضاف أن القائد العام للقوات المسلحة قد أرسل الفرق والألوية والأفواج العسكرية بعدتها وعديدها إلى محافظة الانبار، زاعماً أنه يحارب القاعدة في صحراء الانبار، ولكنه لم يتم بضعة أيام في معركته في الصحراء حتى وجه قواته لخوض معركته المقصودة ضد المعتصمين برفع خيمهم بقوة الجيش وقوات سوات غير الدستورية وبدأ بإطلاق النار على العشائر التي كانت تحتضن هذه الاعتصامات مما اضطر أبناء هذه العشائر إلى الدفاع عن أنفسهم. وقال إن هذه السياسة الخاطئة للحكومة العراقية في التعامل مع العشائر قد ادت إلى اتساع دائرة الثورة لتشمل الموصل وصلاح الدين وديإلى وحتى العاصمة بغداد.
وحذر الرفاعي من أن ما يجري في الفلوجة اليوم وعموم محافظة الانبار هو حرب إبادة جماعية استخدمت فيها الحكومة العراقية الحالية جميع أنواع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة ، فهي تلقي بوابل نيرانها على منازل المدنيين العزل بالطائرات المروحية والمدافع الثقيلة ومدافع الدبابات وقتلت وجرحت حتى الآن أكثر من الف مدني من أهالي الفلوجة، وتسبب قصفها العشوائي بتهجير آلاف العوائل من المدينة أيها الاخوة: إن الاحداث في العراق اليوم تسير باتجاه منحى خطير، والحكومة العراقية مصرة على أن تضرب الشعب بعضه ببعض تمهيدًا للوصول إلى حرب أهلية، الخاسر فيها الشعب العراقي وحده، وإني إذ أعرض على حضراتكم جانباً بسيطاً من جوانب انتهاك حقوق الإنسان في العراق فإني أذكركم بما نصت عليه اتفاقيات جنيف وفيينا على حماية المدنيين وأذكركم بالقانون الإنساني الذي يحرم الاعتقالات العشوائية، والتعذيب، والإغتصاب لأجل انتزاع الإعترافات والقتل خارج حدود القضاء، والاختفاء القسري، والإساءة إلى المرأة والاطفال وكل هذه الخروقات تقوم بها الحكومة العراقية الحالية ضد أبناء الشعب .
واشار مفتي الديار العراقية إلى أن أهم ما تعرض للتدمير في العراق هو البنية الإنسانية المجتمعية، فالعراقيون لم يعرفوا على مدى تاريخهم الفرقة على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة، ولكن جاءتنا هذه البلية مع الاحتلال، إذ تعاملت معنا القوات المحتلة على قاعدة فرق تسد، ولكن الذي جرى أن هذه القوات فرقتنا ولكن ساد غيرهم إذ سلموا العراق على طبق من ذهب إلى الحكومة الايرانية، وأن المسؤولين العراقيين اليوم ما هم إلا موظفون صغار ضمن الادارة الايرانية التي لا تعرف الرحمة في تعاملها مع العراقيين، والتي كانت الموقد لجذوة نار الفتنة الطائفية بتفجيرها لمرقدي الإمامين العسكريين في سامراء وهذه الحقيقة اعترف بها جورج كيسي بعد فوات الاوان وبعد أن قتل الالاف من العراقيين الابرياء على الهوية بيد المليشيات دون أي رادع من المجتمع الدولي .

ممثل الحراك الشعبي: دعوة لتدخل فوري يوقف الانتهاكات
من جانبه، طالب محمد طه حمدون، من سامراء والناطق باسم الحراك الشعبي في العراق، المجتمع الدولي وبالتحديد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بالتدخل الفوري لوقف انتهاكات سلطة المالكي وإحالة المتهمين في الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية.
واكد وجود عشرات الآلاف في السجون ولم تجرِ محاكمتهم ومعظمهم من السنة العرب، وهناك أكثر من أربعة آلاف سيدة مسلمة من السنة العرب داخل المعتقلات.
بدورها، تحدثت السياسية الإيطالية إليزابيث زامباروتي عن ارتفاع معدلات الإعدام في العراق، خلال الفترة الأخيرة التي فاقت ما يحدث في الصين وإيران، وأشارت إلى أن السلطات العراقية تقول إن عقوبة الإعدام طريقة فعالة ضد العنف ورغم ذلك تزايد عدد المحكومين ولم يؤدِ ذلك إلى تخفيض معدلات العنف منذ عام 2008 فقد سجلت في العام الماضي وقوع 7 آلاف ضحية للعنف والإرهاب في العراق.
ولمحت إلى وجود عيوب تطال نظام العدالة في العراق، واوضحت أن البعض يقول إن الإعدامات تأتي من مكتب رئيس الحكومة مباشرة إلى السجون ودون المرور على المحاكم . واشارت إلى أن الانتهاكات التي تعرض لها الآلاف من سكان معسكر الحرية لمجاهدين خلق جرت برغم أنهم أشخاص يحملون صفة اللاجئين .
النائب الملا: وضع حقوق الإنسان في العراق كارثي
ومن جهته، قال النائب حيدر الملا عن ائتلاف متحدون بزعامة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي إن العراق يعاني من الإنتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي أصبحت مرضاً مستعصياً . واشار إلى أن وضع حقوق الإنسان في العراق يشكل كارثة مأساوية لشعب تمارس ضده شتى أنواع الإنتهاكات المنهجية وسوء المعاملة على أيدي السلطات منذ عقود من الزمن ولكنها اليوم، وفي ظل حكومة المالكي أشد حدة ووطأة من ذي قبل.
واكد أن العراق الذي يعاني مشاكل لا حصر لها تتمثل في التحديات الأمنية والإرهابية، وسوء الإدارة والفساد، والإنقسامات العرقية والطائفية والمواجهات الأهلية المسلحة، والتي تشكل في مجملها تهديدات تلوح في الأفق وتنذر بتفكيك البلد وتمزيقه، إنما يواجه اليوم معضلةً كبيرة عندما يأتي الحديث عن سجل العراق في مجال حقوق الإنسان.
واوضح أنه لغرض معالجة تدهور حقوق الإنسان في العراق، ليست ثمة حاجة لأن يتبنى المجتمع الدولي مواثيق دولية أو إتفاقيات جديدة، وذلك لأنه يتوافر سلفاً على مواثيق قانونية وإنسانية ترسم له الطريق .. وقال إن كل quot;ما نحتاجه اليوم هو أن تراعي حكومة العراق الحالية، وبخاصة رئيس الوزراء الذي يتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة أيضاً وهو الحاكم الأعلى في كل ما يتعلق بقضايا الأمن الداخلي والأعمال العسكرية، أحكام هذه المواثيق الدولية وتحترمها وتلتزم بها، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لا سيما المادتين 19 و20 اللتين من شأنهما ضمان بقاء العراق محمياً من المآسي التي شهدتها، وما زالت تشهدها الحويجة وديإلى والأنبار.
وقال إن كل ما يجب على حكومة رئيس الوزراء المالكي أن تفعله هو احترام التزاماتها بموجب المواثيق الدولية التي يعد العراق طرفاً فيها، وأن تستفيد أيضاً من التقارير الموضوعية الموثقة الخاصة بوضع حقوق الإنسان في العراق، والتي تصدرها بشكل دوري منظمات دولية مرموقة مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة المراقب الدولي لحقوق الإنسان وحتى المكتب الخجول والمتردد لمكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، لا أن تواجهها بالرفض أو عدم الإكتراث.
وشدد الملا على الحاجة الماسة لأن تعمل السلطات السياسية والقانونية في العراق على تعديل قانون مكافحة الإرهاب في العراق رقم 13 لسنة 2005، وذلك بالشكل الذي يجعله يمتثل ليس إلى روح ومبادئ المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان فحسب، بل للمبادئ الأساسية التي نص عليها دستور العراق، كما وردت في الفصل الثاني الأساسي الخاص بالحقوق والحريات، وبهذا سيكون العراق قد استجاب إلى الدعوات الكثيرة المطالبة بالإصلاح، والتي نادت بها مختلف الجهات والمنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة.
ودعا البرلمانيين الاوروبيين إلى مطالبة حكومة العراق بالالتزام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 48/143 (1993) الذي يشار اليه عادة quot;بمبادئ باريسquot;، وذلك بهدف تمكين المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق (HCHR) من القيام بواجباتها وتنفيذ ولايتها الإنسانية بشكل فعّال وباستقلال تام عن أية تدخلات من السلطات الأمنية والتنفيذية في العراق. وقال إنه من الضروري التفكير جدياً في العودة إلى تشكيل مكتب المقرر الخاص لحقوق الإنسان في العراق التابع للأمم المتحدة، والذي ظليعمل لسنوات عديدة قبل الغزو الأميركي للبلد في العام 2003، وذلك بهدف مراقبة وضع حقوق الإنسان في العراق.