يشكك الأميركيون في الرقم الذي أعلنته الصين حول إنفاقها العسكري والذي قدرته بـ 131.6 مليار دولار في العام 2014. ويعتقدون أن المبلغ أعلى بكثير. لكن بكين تتكتم كثيرا عن ترسانتها ونواياها الحقيقية فيما يتعلّق بالعسكرة.


لميس فرحات من بيروت: تنفق بكين مئات المليارات من الدولارات على الدفاع، لكن لا أحد يعرف تماماً ما تكدسه من سلاح وما تعده من خطط مستقبلية.

أسرار وخفايا

القوة العسكرية للبلاد أشبه بصندوق أسود لا تعلم الدول ما بداخله، حتى أن أسراره محفوظة بعيدة عن قادة الصين المدنيين أنفسهم.

يوم 5 آذار/مارس، أعلنت بكين خلال الاجتماع السنوي لهيئتها التشريعية عن زيادة ميزانيتها العسكرية بنسبة 12.2 في المئة، لتصل إلى 131.6 مليار دولار في العام 2014.

240 مليار دولار

هناك إجماع عام على أن الصين، على غرار العديد من الدول، تنفق على جيشها أكثر بكثير مما تعلن عنه، إذ تعتقد وكالة استخبارات الدفاع الأميركية أن الميزانية العسكرية للصين بلغت 240 مليار دولار في عام 2013، وفقاً لما نشره موقع quot;بلومبيرغquot; الاقتصادي.

وتحظى ميزانية الصين العسكرية بكثير من الاهتمام من قبل القادة السياسيين والعسكريين في الولايات المتحدة، لا سيما في ظل السرية التي تحيط بها والمعلومات الشحيحة المتوفرة في هذا السياق.

quot;هذا الرقم الذي تم الإعلان عنه، هو كل ما يتوفر من شفافية من قبل ثاني أكبر دولة من حيث الإنفاق على الدفاع والعسكرة في العالم، في ظل جهود من وكالات الاستخبارات والخبراء العسكريين من مختلف أنحاء العالم لمحاولة استخلاص أي أدلة حول النوايا الاستراتيجية للصين في المستقبل quot;، وفقاً لما ذكرته صحيفة فاينانشال تايمز.

بعيدا عن الصحافة

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـquot;فورين بوليسيquot; ان هناك فرقاً بين ما يفهمه عامة الناس ووسائل الإعلام بشأن قوة الصين العسكرية، وبين المعلومات السرية التي يملكها مسؤولو الحكومة الأميركية عن جيش التحرير الشعبي الصيني.

quot;هناك فرق كبير بين ما تعرفه الصحافة وما نعرفه نحنquot;، قال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الاميركية طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق منذ فترة طويلة من افتقار الجيش الصيني للشفافية والانفتاح.

الصينيون يتكتمون

في الآونة الأخيرة، أعرب الأدميرال هاري هاريس الابن، قائد أسطول الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، عن قلقه من النمو quot;العدوانيquot; للجيش الصيني وquot;افتقاره إلى الشفافيةquot;.

وعلى الرغم من أن الجيش الصيني يصبح أكثر شفافية، فالامر الأكثر ايجابية هو أن فهم الولايات المتحدة له آخذ في التحسن. في رحلة إلى بكين في فبراير/شباط الماضي، قال رئيس أركان الجيش الجنرال ريموند أوديرنو ان البلدين quot;يخططان لبدء حوار رسمي بين الجيشين وبرنامج التبادل قبل نهاية عام 2014quot;.

وقال باحث عسكري صيني: quot;نحن نعرف الكثير عن ميزانية الدفاع الصينية اليوم، خاصة عند مقارنتها بما كانت عليه قبل عقد من الزمن. جزء من السبب هو انتشار المواد الاعلامية ذات المصدر المفتوح. في حين أن جيش التحرير الشعبي الصيني قد لا يكون له موقع رسمي، إلا انه يعتمد على صناعة الإعلام الذي يمثل دوره، مثلما هو الحال في الولايات المتحدةquot;.

نحو فك اللغز

هناك عدد لا يحصى من الصحف والمدونات والمجلات العسكرية في الصين التي تعمل بانتظام على نشر مقالات عن الجيش الصيني وما ينبغي أو لا ينبغي أن يفعله.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية: quot;من الناحية الفنية، فإن فهمنا العسكري للصين قد تحسن على مدى خمس إلى عشر سنوات الماضيةquot;.

من يصدر القرار العسكري؟

أكبر ثغرة في فهم الولايات المتحدة للجيش الصيني على ما يبدو هي في كيفية اتخاذ القرارات، قال المسؤول، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ما زالت quot;إلى حد كبير في الظلامquot; من حيث صنع القرار.
quot;لا أحد يعرف من يسيطر على جيش التحرير الشعبي الصينيquot;، قال المسؤول.

وقال أفيري غولدشتاين، مدير مركز دراسات الصين المعاصرة في جامعة ولاية بنسلفانيا ان quot;الجيش الصيني قادر على السيطرة على المعلومات التي تنشر عنه، فهو لا يريد أن يكشف الكثير من نقاط الضعف. الجيش يدرك أن قلة المعلومات تضعف الجيش الاميركيquot;.

وأضاف: quot;إذا كنت تملك بندقية ولدي سكينا، فإن الشفافية لا تجعلني أكثر أماناًquot;.

غموض حيال النوايا

هذا الغموض يثير أيضاً مخاوف حول نوايا الجيش الصيني، فيقول مسؤول كبير في البنتاغون: quot;نحن نتساءل في اجتماعاتنا عن عدد الغواصات التي يملكها الجيش الصيني. ونسأل باستمرار: هل يصنع الجيش الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية؟ كم عددها؟ أي شيء من هذا سيعرض القوات الاميركية للخطر، ونحن نرغب في معرفته لكنهم يرفضون الحديث عن هذا الأمرquot;.

وقال: quot;يرفضون تقديم المعلومات وكأنهم يقولون لنا: اذهبوا إلى الجحيمquot;، مشيراً إلى ان هذا له عواقب على حد سواء في وزارة الدفاع الأميركية وفي بكين.