يرى فلسطينيون أن فرص التوصّل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل تكاد تكون معدومة، فيدعمون توجه إقامة دولة واحدة ثنائية القومية بدلا من حل الدولتين، ويؤيد طارق عباس نجل الرئيس الفلسطيني هذا الأمر.

حين زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس البيت الأبيض قبل ايام سمع تحذيرات من ان اللحظة الراهنة قد تكون الفرصة الأخيرة لحل الدولتين من خلال المفاوضات مع اسرائيل.
ولكن عباس سمع كلاماً آخر ومن نجله تحديدا الذي قال له ان الفرصة فاتت منذ زمن طويل ولا جدوى من المفاوضات الجارية مع اسرائيل. ويمثل طارق عباس نجل الرئيس الذي آثر البقاء بعيدا عن السياسة والأضواء الاعلامية اتجاها متناميا بين فلسطينيين شباب وشخصيات عامة يدعون بدلا من حل الدولتين الى دولة واحدة من نهر الاردن الى البحر المتوسط يكون اليهود والعرب كلهم مواطنين لهم حقوق متساوية فيها.
وفي مقابلة صحافية نادرة قال طارق عباس وهو رجل اعمال يبلغ من العمر 48 عاما انه إذا كانت اسرائيل ترفض منح الفلسطينيين استقلالهم فعليها على الأقل ان تمنحهم حقوقهم المدنية. واضاف عباس الابن quot;ان هذا طريق أسهل ، طريق سلمي... فأنا أُريد ان أعيش في ظل القانونquot;.
وكان الرئيس الفلسطيني اعترف في مقابلة منفصلة بأن النشاط الاستيطاني الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية جعل من المستحيل اقناع نجله طارق بحل الدولتين. وحين قال له عباس ان حل الدولتين هو الحل الوحيد اجابه طارق ، كما نقل الرئيس الفلسطيني عن نجله quot;يا أبتِ ، أين هي دولتك؟ فأنا أطوف في كل مكان وأرى حواجز ووحدات استيطانيةquot;. وأكد عباس ان نجله لا يرى أي بارقة تُنبئ بقيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل في المستقبل لأن الواقع على الأرض يسدّ مثل هذا الأفق.
واصبحت مثل هذه السجالات بين الأجيال الفلسطينية شائعة في مجالس المجتمع المدني الفلسطيني وبيوت الفلسطينيين حيث أخذ أطفال مؤسسي الحركة الوطنية الفلسطينية واحفادهم يشككون في جدوى اهدافهم وأشكال عملهم السياسي.
الشباب يختلفون عن الكبار
وأظهر استطلاع اجراه في كانون الأول/ديسمبر الماضي المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ان 65 في المئة من الفلسطينيين الذين تزيد اعمارهم على 50 سنة يؤيدون حل الدولتين بالمقارنة مع 47 في المئة من الفلسطينيين في سن 18 الى 34 عاما. وقال خليل الشقاقي مدير المركز ان قرابة ثلث الفلسطينيين ابدوا اهتماما ببديل الدولة الواحدة ولكن تأييد هذا الحل أقوى بين من تقل اعمارهم عن 45 عاما quot;ولا يمكن ان يرضوا بحل الدولتينquot;.
ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن الشقاقي قوله quot;اسألوا إبني وسيقول لكم ان جيلي فشل وعليه ان يغادر المسرح ويأخذ معه حل الدولتينquot;.
وقال الشقاقي ان آراء جيله تشكلت حين كانت الحركة الوطنية الفلسطينية في أوج عنفوانها بينما تشكلت آراء نجله في سنوات فشل اوسلو وايام الفساد الذي تفشى في السلطة الفلسطينية وظهور الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. واضاف الشقاقي quot;نحن نطالب بالاستقلال والسيادة وهو يطالب بالمساواةquot;.
ويطرح بعض دعاة الدولة الواحدة من الفلسطينيين تساؤلات أخلاقية عن تحديد اسرائيل هويتها كدولة يهودية فيما يرى آخرون ان فلسطين التاريخية يجب ان تبقى واحدة. وهناك برغماتيون مثل طارق عباس نجل الرئيس الفلسطيني لا يرون أي احتمال لموافقة اسرائيل على حل الدولتين ويعتبرون الدولة الواحدة أفضل من لا دولة.
ويشكل مشروع الدولة الواحدة ثنائية القومية كابوساً للاسرائيليين اليهود. فان عدد العرب الذين يعيشون بين النهر والبحر أكبر من عدد اليهود بالإضافة لملايين اللاجئين الفلسطينيين ومعدل ولادات اعلى عموما بين الفلسطينيين.
وقالت ناتالي طيبي (16 عاما) ابنة عضو الكنيست احمد طيبي ان اسم الدولة الواحدة لا يهمها وما يهمها هو السماح لجدتيها بالعودة الى ديارهما في مدينة يافا وقرية ميسرة. واضافت ناتالي quot;في الدولة الواحدة أرى المساواة وأرى السلام.... ويجب ان ينال الجميع حقوقهم ويعيشون في ارضهم ، وهذا أهم شيءquot;.
وقال ابراهيم (29 عاما) نجل خليل الشقاقي واستاذ الاقتصاد في جامعة القدس انه واثق من ان المستقبل سيأتي ذات يوم بدولة واحدة quot;ولكن ليس واضحا ما يعنيه ذلك على وجه الدقةquot;. ولاحظ ابراهيم ان نقاشا داخليا لم يجر بين الفلسطينيين حول حل الدولة الواحدة وما يعنيه متسائلا quot;هل يعني ذلك بقاء المستوطنات في مكانها؟ هل سيكون الحل على نمط جنوب افريقيا حيث ستكون لدينا مصالحة؟quot;.
نجل عباس والدولة الواحدة
وقال طارق عباس انه اصبح من دعاة الدولة الواحدة قبل نحو عامين بعد ان ملّ من العيش في ظل الاحتلال. وتحدث عباس الابن عن الاسرائيليين قائلا quot;ان لديهم 30 عبقريا يجتمعون كل صباح لبحث موضوع واحد هو كيف يجعلون حياة الفلسطينيين بائسة اليوم. وهم دائما يفاجئوننا ، بالمناسبة. فنحن نقول دائما quot;هل هناك اسوأ؟quot; ثم يفاجئونناquot;.
وكان طارق عباس الذي ولد في قطر ونشأ في الخارج تخرج من قسم ادارة الاعمال في جامعة ايسترن واشنطن في العاصمة الاميركية ، وانتقل الى رام الله عام 2000. وهو يعتقد ، مثله مثل كثير من الفلسطينيين ، بأن على والده ان يتخلى عن محادثات السلام بقيادة الولايات المتحدة ويطالب بدولة من خلال الهيئات الدولية. ويرى ان على الرئيس عباس ان يحل السلطة الفلسطينية ويفرض على اسرائيل ان تتحمل المسؤولية كاملة عن الضفة الغربية للضغط عليها. ويعارض طارق عباس تمديد المفاوضات.