قال محللون ومسؤولون إن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام فتح جبهة جديدة في مواجهة قوات الامن العراقية بهدف التقدم نحو بغداد لتخفيف الضغط الذي يواجهه في الفلوجة المحاصرة.


الفلوجة: يسعى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام لتخفيف الضغط عنه في الفلوجة من خلال التقدم نحو بغداد وفتح جبهة جديدة مع الأمن العراقي. وتأتي المواجهات الاخيرة قبل اسابيع من انتخابات تشريعية، ما يثير تساؤلات عن قدرات الجيش والشرطة على صد الهجمات التي يشنها مسلحون بسطوا سيطرتهم على مدينة الفلوجة التي لا تبعد سوى حوالى ستين كيلومترًا عن بغداد.

وتعكس محاولة التقدم التي قام بها عناصر الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) في قضاء ابو غريب والمواجهات التي تبعتها في منطقتي زوبع والزيدان، وفشلهم في السيطرة على معسكر في منطقة اليوسفية في اطراف بغداد، طموح هذه الجماعة رغم الحصار الذي تواجهه في الفلوجة.

واكثر ما يثير القلق هو قدرات الدولة الاسلامية التي قامت بعرض عسكري شاركت فيه عشرات السيارات الاسبوع الماضي في وضح النهار في ابو غريب (20 كلم غرب بغداد)، كما ذكر شهود عيان وشريط فيديو نشر على موقع يوتيوب.

واكد ضابط في الجيش العراقي أن عناصر الدولة الاسلامية في الشام والعراق يحاولون فك الضغط المفروض عليهم في الفلوجة وبدأوا التحرك ضد القرى الرخوة الواقعة بين الفلوجة وبغداد ومهاجمة وحدات الجيش.

وخرجت الفلوجة واجزاء من الرمادي عن سلطة الدولة. وتقع المدينتان في محافظة الانبار التي تتشاطر حدوداً مع سوريا. وتخوض قوات الجيش العراقي معارك في المحافظة سمحت باستعادة مناطق كثيرة في الرمادي، لكنها ما زالت تواجه صعوبات في الفلوجة التي تواصل حصارها وقصف اهداف في داخلها.

لكن خلال الاسبوع الماضي خاضت القوات العراقية معارك شرسة في منطقتي زوبع والزيدان في ابو غريب التي تقع بين بغداد والفلوجة. واسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل ثلاثة اشخاص واصابة خمسين جندياً بجروح، بحسب ارقام صادرة عن وزارة الصحة.

ويقول تشارلس ليستر الاستاذ الزائر في مركز بروكينغز الدوحة إن quot;الهدف على ما يبدو هو أن تستخدم الانبار كقاعدة لتوسيع العمليات ضد الحكومة الاتحاديةquot;. واضاف ليستر أن quot;العرض الكبير في ابو غريب بصورة خاصة، يجسد الحجم الهائل لقدرة عناصر الدولة الاسلامية في الشام والعراق التي باتت على ما يبدو تعمل بحرية كاملة في المناطق السنية في البلادquot;.

واشار الى أن quot;القوات العراقية تواجه تحديات صعبة لمواجهة عناصر الدولة الاسلامية الذين باتوا يتوسعون في العراقquot;. لكنّ مسؤولاً امنيًا عراقيًا رفيعًا اكد أن التوجه نحو بغداد مصيره الفشل، معتبرًا أن فتح جبهة جديدة هو دليل على فشل وليس على قوة.

وقال سعد معن المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد إن quot;عناصر داعش يحاولون التقدم باتجاه مناطق زراعية وعرة للتنفس بعد محاصرتهم في الفلوجة ومن اجل الحصول على موطئ قدم في حال اقتحام الفلوجةquot;.

واضاف أن quot;دخولهم الى بغداد حالة مستحيلة وهذا شيء غير منطقي. فهم لا يملكون هذه القوة التي تمكنهم ولدينا قوات عسكرية كافية لردعهم والتصدي لهمquot;. واشار الى أن quot;القوات العسكرية تقوم بصورة يومية بعمليات ضد داعش في اطراف مدينة الفلوجة وتوقع فيهم خسائرquot;.

وقال مسؤول امني رفيع لفرانس برس إن quot;حصار الفلوجة سيبقى مستمرًا وعناصر داعش يحلمون بفك الحصار عن المدينةquot;، معتبرًا أن quot;العمليات التي يحاولون شنها قرب حزام بغداد الذي يتمتعون فيه بحواضن لن يؤثر على العمليات الجارية في الفلوجة التي تسير وفق الخطط المرسومةquot;.

واضاف أن quot;حصار الفلوجة مستمر حتى تستنزف قواتهم التي جمعوها هناكquot;، مشيراً الى أن quot;الفلوجة اصبحت المعقل الاخير لداعش في الانبارquot;. وتخوض قوات الجيش خصوصاً في مناطق زوبع التي تبعد حوالى 30 كلم غرب بغداد معارك ضارية منذ عدة ايام.

ويقوم الجيش الذي يحاصر الفلوجة حاليًا بحفر خنادق وتعزيز ثكناته، ما اثار الذعر بين عناصر الدولة الاسلامية هناك، بحسب المسؤول الامني. من جهة اخرى، يتقاسم هذا التنظيم الذي تجاوز في تطرفه تنظيم القاعدة الام، مناطق النفوذ في مدينة الفلوجة مع quot;المجلس العسكريquot; الذي يضم فصائل مسلحة أخرى بينها القاعدة التي يقودها ايمن الظواهري.

وكانت الفصائل المسلحة التي تسيطر على مدينة الفلوجة منذ عدة اشهر توصلت الى اتفاق يقضي بتقاسم مناطق النفوذ وشطرها الى جزءين شمالي وجنوبي، بحسب ما افاد شهود من المدينة.

ويفرض المجلس العسكري الذي يضم تنظيم القاعدة (الظواهري) وكتائب ثورة العشرين والجيش الاسلامي وجيش العزة، سلطته على الجزء الشمالي للمدينة، بينما ينتشر عناصر تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام في الجزء الجنوبي للمدينة التي تحاصرها القوات الامنية من جميع الجهات.

وقال سكان إن الخطوة جاءت لتخفيف حدة التوتر بين الجماعات المسلحة وتجنب اقتتال بينها لتوحيد الجهود في هذه المرحلة، موضحين أنه اول اتفاق ينجح بين الطرفين لأن عناصر الدولة الاسلامية في الشام والعراق يرفضون الالتزام بأي اتفاق لا يتماشى مع رؤيتهم.

ومني عناصر الدولة الاسلامية في الشام والعراق في الفترة الاخيرة بخسائر كبيرة اذ فقدوا عددًا كبيرًا من قياداتهم من خلال القصف المدفعي الذي تشنه القوات العراقية، آخرها مقتل ابو عبد الرحمن الكويتي احد ابرز قياداتهم الذي قدم منذ اشهر من سوريا.

وادت الاحداث الاخيرة في الفلوجة والرمادي الى نزوح مئات الآلاف من هاتين المدينتين نحو محافظات اخرى في البلاد. وتشكل سيطرة التنظيمات الجهادية على مدينة الفلوجة خصوصًا حدثًا استثنائيًا نظراً الى الرمزية الخاصة التي ترتديها هذه المدينة التي خاضت حربين شرستين مع القوات الاميركية في 2004.

وكان الهجوم الاميركي الاول الذي هدف الى اخضاع التمرد السني في المدينة، شهد فشلاً ذريعًا حول الفلوجة سريعاً الى ملجأ لتنظيم القاعدة وحلفائه الذين تمكنوا من السيطرة وفرض امر واقع فيها. وقتل في المعركة الثانية نحو الفي مدني اضافة الى 140 جنديًا اميركيًا، في ما وصف بأنها المعركة الاقسى التي خاضتها القوات الاميركية منذ حرب فيتنام.