الفلوجة: مدينة الفلوجة العراقية التي تعرضت لحربين اميركيتين في 2004 بهدف قمع التمرد فيها، خرجت عن سيطرة الدولة من جديد لتسقط هذه المرة في ايدي تنظيم القاعدة، وسط اجواء من الرعب والترقب لمعارك اتية.
وبعد خمسة ايام من المواجهات بين القوات الامنية ومجموعات مسلحة، تخللها فصف عسكري على بعض الاحياء، تحولت الفلوجة الواقعة على بعد 60 كلم الى الغرب من بغداد، الى quot;ولاية اسلاميةquot;.
وقال مصدر امني رفيع المستوى لوكالة فرانس برس اليوم السبت ان quot;مدينة الفلوجة خارج سيطرة الدولة وتحت سيطرة تنظيم +داعش+quot;، في اشارة الى تنظيم quot;الدولة الاسلامية في العراق والشامquot;، الفرع العراقي والسوري لتنظيم القاعدة.
واضاف quot;لقد عينوا واليا عليهاquot;.
وخلت شوارع الفلوجة اليوم من المارة والسيارات تماما، واقتصرت الحركة فيها على مرور بين حين واخر لسيارات بين الازقة هربا من اماكن الاشتباكات والقصف عند اطراف المدينة، بحسب مراسل وكالة فرانس برس.
وقال سلام الكريطاوي (27 عاما) وهو سائق اجرة ترافقه زوجته وطفلاه بعمر عام وعامين لفرانس برس quot;سنرحل عن الفلوجة لان المعارك ستبدأ ولا نريد ان نقتل في معركة بين القاعدة وقوات الامنquot;.
واحتشدت سيارة الكريطاوي الذي ترك منزله في حي العسكري وسط المدينة باكياس من الملابس وعلب حليب الاطفال.
وقال من جهته صادق طلال عساف (31 عاما) الموظف في بلدية الفلوجة quot;بعد سقوط قذائف هاون على الفلوجة، وتصاعد الاشتباكات، نقلت والدي ووالدتي وزوجتي واطفالي الثلاثة (...) الى بيت عمي في منطقة الغزاليةquot; الواقعة في غرب بغداد.
وتابع quot;انا سابقى في البيت لحمايته من السرقة، كما اني استطيع تحمل الظروف الصعبة اكثر منهمquot;.
وانتشرت الاوساخ وبقايا رصاص الاشتباكات في بعض الشوارع، فيما اغلقت الغالبية العظمى من المحال التجارية ابوابها، ولم يبق سوى الافران التي احتشد عشرات المواطنين امام كل منها بانتظار دوره.
وانقطعت الكهرباء عن المدينة بالكامل ولم يعد اصحاب المولدات الاهلية قادرين على تشغيل مولداتهم بعد نفاذ الوقود.
وقال احمد مطلك (52 عاما) وهو صاحب محل تجاري في وسط المدينة quot;ساهرب مع زوجتي واطفالي خوفا عليهم من الموت (...) لان قوات الامن لم تعد تستطيع التفرقة بين المسلحين والقاعدة والمدنيينquot;.
وناشد المطلك الحكومة quot;باصدار بيان باخلاء الفلوجة من اهلها وتسهيل مغادرة العائلات خوفا عليهم من المعارك المتوقع وقوعها في اي وقتquot;.
واستغل تنظيم quot;داعشquot; الخميس اخلاء قوات الشرطة لمراكزها في الفلوجة والرمادي وانشغال الجيش بقتال مسلحي العشائر الرافضين لفض اعتصام سني مناهض للحكومة في الانبار يوم الاثنين، لفرض سيطرته على الفلوجة وبعض مناطق الرمادي المجاورة.
وكان شاهد عيان قال لفرانس برس انه بعد انتهاء خطبة الجمعة في الفلوجة يوم امس quot;حاصر المئات من المسلحين الملثمين ساحة الصلاة وقاموا باطفاء الكاميرات وصعد عدد منهم حاملين رايات القاعدة على منبر الخطيبquot;.
وتابع quot;تحدث احدهم قائلا: نعلن الفلوجة ولاية اسلامية وندعوكم للوقوف الى جانبنا ونحن هنا للدفاع عنكم ضد جيش (رئيس الوزراء نوري) المالكي الايراني الصفوي، وندعو كل الموظفين للعودة الى اعمالهم حتى الشرطة شرط ان يكونوا تحت حكم دولتناquot;.
وقتل امس الجمعة 103 اشخاص هم 32 مدنيا اضافة الى 71 مقاتلا من تنظيم quot;الدولة الاسلامية في العراق والشامquot; في اشتباكات الرمادي والفلوجة وعمليات القصف، بحسب مصادر في وزارة الداخلية العراقية.
وتشكل سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة الفلوجة حدثا استثنائيا في بعده الامني، وايضا الرمزي، لما تحمله هذه المدينة التي خاضت حربين شرستين مع القوات الاميركية في العام 2004 من رمزية خاصة.
وكان الهجوم الاميركي الاول الذي هدف الى اخضاع التمرد السني في المدينة، شهد فشلا ذريعا ما حول الفلوجة سريعا الى ملجأ لتنظيم القاعدة وحلفائه الذين تمكنوا من السيطرة وفرض امر واقع فيها.
وقتل في المعركة الثانية حوالى الفي مدني اضافة الى 140 جنديا اميركيا، وقد وصفت فيما بعد بانها المعركة الاقسى التي خاضتها القوات الاميركية منذ حرب فيتنام.
وعرفت الفلوجة بالتظاهرات المناهضة للوجود الاميركي في العراق منذ اجتياح البلاد في العام 2003 حيث كانت ترمى الاحذية على الجنود الاميركيين، في وقت كانت باقي انحاء البلاد لا تزال ماخوذة بالاجتياح.
ويقول ابو محمد المدرس في احدى ثانويات الفلوجة quot;العائلات تركت منازلها وهربت دون ان تدري الى اي مكان ستذهبquot;.
ويضيف quot;نتمنى الا تحدث معركة كبرىquot;.