دعا العراق خلال مؤتمر دولي في بغداد اليوم الى استراتيجية دولية تكافح الارهاب والفساد ونهب الثروات، وشدد رئيس الحكومة نوري المالكي على ضرورة وجود تعاون اممي يستعيد الاموال المنهوبة وسرّاقها حيث تسعى بغداد لاستعادة أموالها المهربة الى الخارج والتي تبلغترليونًا و14 مليون دولار وتسليمها وزراء ومسؤولين كباراً هاربين .

اكد رئيس الوزراء نوري المالكي في كلمة له خلال افتتاح ملتقى بغداد الدولي لمكافحة الفساد الاربعاء أن الارهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، وقال إن هناك ترابطًا بين نهب الثروات وبين الفساد والارهاب يتطلب تعاوناً دولياً لمحاربة الارهاب لأن هذه القضية مشتركة بين عنصرين اساسيين من عناصر التحدي لعملية الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العالم.
واشار الى أن quot;نهب الثروات والفساد يحصل عادة في الانظمة الدكتاتورية، وفي ظل التداعيات والانهيارات التي تحصل في الدولquot;. وشدد على ضرورة ايجاد علاجات للانهيارات التي تحدث في دولة من الدول اذا اريد المضي في عملية محاربة الفساد والارهاب. وقال إن النظام السابق وقبل أن يصل الى الانهيار والسقوط نهب الكثير من اموال العراق واودعها بأسماء، بعضها عراقية والأخرى غير عراقية، وفي مصارف تحت عناوين أخرى لا تعرف السلطات العراقية حجم هذه الاموال وطريقة ايداعها إلا بقدر يسير.
واوضح أنه بعد سقوط النظام السابق وحصول انهيار امني في العراق بدخول القاعدة وشقيقاتها من البعث، حصلت عملية سلب ونهب لما تبقى من ثروة العراق، وهرب كثير من الذين افسدوا في العقود العراقية وبعضهم هو امتداد للنظام السابق والآخر للقاعدة . واشار الى أن العراق يعتبر الدولة الاولى في عملية نهب الثروات الموجودة في مختلف دول العالم .. لكنه حذر من أن الجهد سيبقى محصوراً ومحدوداً ما لم يكن هناك اجماع عالمي على محاربة هذه الظاهرة كما اجمع العالم على محاربة ظاهرة الارهاب لأنه لايعترف بالحدود والقيود والقوميات والمذاهب . واشار الى اهمية أن يكون هناك درس اكثر من عملية استرداد الاموال وهو أن يشعر المفسدون بأنهم ملاحقون وانهم تحت ملاحقة مختلف الدول التي ترتبط باتفاقيات لملاحقة هذه الظاهرة حتى يفكر بأنه اينما رحل سيلاحق من الدولة المعنية المتعاقدة على محاربة هذه الظاهرة .
ودعا المالكي المجتمع الدولي الى تبني استراتيجية موحدة لمواجهة الفساد والارهاب باعتبارهما وجهين لعملة واحدة وتتصدى لمحاولات تهديد قلاع الديمقراطية والاستقرار السياسي في العالم، وبما يكفل القضاء على الفساد وعمليات نهب الثروات في مختلف الدول.
اما رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود فقد اكد أن قرارات الاحكام التي يصدرها القضاء إن لم تفعل بحق الاشخاص المطلوبين في الدول لاستردادهم، فإن الفساد سيبقى أحد روافد الارهاب.
ومن جهته، قال رئيس هيئة النزاهة العراقية إن التصدي لظاهرة الفساد ونهب ثروات الشعوب تضامنية بين الدول بالرغم من عظم التحديات والتعقيدات في وجه استعادة الاموال المسروقة وناهبيها. واضاف علاء جواد حميد قائلاً إن العراق يشعر بالاحباط لعدم تعاون دول لم يسمِها معه من اجل توفير المعلومات التي تكفل ارجاع ما نهب من اموال. واوضح أن المؤتمر يهدف الى ارسال رسالة الى المفسدين بأنه لامفر لهم اينما كانوا الا بإرجاع أموال الشعوب التي سرقوها.
مخاطر اتساع ظاهرة غسيل الاموال وتوفير ملاذات آمنة للسراق
وقالت هيئة النزاهة الوطنية إن العراق سيطلع الوفود المشاركة في ملتقى بغداد الدولي لمكافحة الفساد على تحركاته وجهوده من اجل استرداد أموال شعبه المنهوبة في ضوء احكام الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. واضافت أن رئيس الهيئة القاضي علاء جواد حميد سيعرض أمام وفود الأمم المتحدة والهيئات الدولية والإقليمية ومجموعة البلدان الثماني والدول العربية والأجنبية ما تمخضت عنه اتصالاته بدول الجوار وبلدان الإقليم والعالم التي لديها أموال عراقية هرب بها لصوص إلى خارج البلاد ويطلعها على مجمل الملفات التي أنجزتها دائرة الاسترداد في الهيئة لاستعادة ثروات العراقيين لدى الدول الأخرى واستلام المجرمين المتجاوزين على المال العام.
وأشارت الهيئة في بيان صحافي الى أن القاضي حميد سيسلط الأضواء على العقبات التي واجهت الهيئة لتنفيذ ملفات الاسترداد عبر القنوات المعتمدة دولياً ومن خلال الشرطة الدولية quot;الانتربولquot; ويعرج على الموانع التي فرضتها بعض البلدان لتعويق خطوات الاسترداد التي شددت عليها أحكام الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي تقضي بضرورة تجاوب وتعاون البلدان الموقعة على الاتفاق مع البلد المنهوبة أمواله وتمكينه من استعادتها وتسليم اللصوص اليه .
وكان رئيس هيئة النزاهة العراقية قد اشتكى في حديث أمام الوفود التي شاركت في أعمال الدورة الأولى لملتقى بغداد الدولي في آذار (مارس) عام 2013 من امتناع بعض البلدان العربية والأجنبية عن التعاون مع العراق لتيسير استعادة أمواله المنهوبة وتسليم السراق اليه، محذراً من أن استمرار هذه الأطراف على سلوكياتها هذه رغم توقيعها الاتفاق الدولي يهدد بتصديع هيكل الاقتصاد والتجارة الدولية ويفضي إلى اتساع ظاهرة غسيل الأموال القذرة وتشجيع المفسدين على زيادة جرائم نهب الأموال من خلال توفير الملاذات الآمنة لهم وضمان قنوات تشغيل الأموال المختلسة.
ولفت الانتباه الى ان quot;تمسك بعض البلدان بهذه السلوكيات بقصد جني العوائد المادية وتحريك اقتصادياتها الداخلية سيؤدي الى الاضرار بسمعتها الدولية ويقلص حجم التعاون الاقتصادي معها ويفقدها ثقة بلدان العالمquot;.
والى جانب تجربة العراق بهذا الخصوص ينتظر أن يتعرف المشاركون في الملتقى على تجارب مصر ولبنان وإيران وتونس في تطبيق أحكام الفصل الخامس من الاتفاقية الدولية، ومدى النجاحات التي حققتها في مساعيها لاسترداد أموالها المنهوبة والمشاكل التي واجهتها في طريق اتصالاتها وتعاونها مع البلدان المضيفة للأموال المسروقة والمتسترة على المجرمين .
وسيقدم عدد من الخبراء العرب والدوليين خلال جلسات عمل الملتقى الذي يستمر يومين، بحوثاً وأوراق عمل تتناول نتائج فعاليات المنتديات الإقليمية والدولية في ميدان استرداد الأموال المنهوبة وطبيعة العمل في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي وتناقش التحديات القانونية والمؤسسية والواقعية لهذه الخطوات وتبحث آفاق التعاون الثنائي والجماعي لمواجهتها.
أموال العراق المنهوبة ترليون و14 مليون دولار
وكشفت هيئة النزاهة في 31 من الشهر الماضي أن الأموال العراقية المهربة والمتواجدة في الدول المراد استرجاعها بلغت ترليوناً و14 مليون دولار، لكنها أقرت بوجود بعض المعوقات في موضوع تسلم المتهمين واسترداد الأموال لاختلاف النظم الداخلية.
وقال مدير عام دائرة استرداد الأموال في الهيئة محمد علي إن quot;الأموال العراقية المتواجدة في الدول المراد استردادها ترليون و14 مليون دولارquot; مشيراً إلى وجود أموال مهربة في الأردن ولبنان والإمارات تم الحجز عليها لغرض إعادتها للعراق . وأضاف علي في تصريح صحافي نشر في بغداد أن quot;الهيئة عملت على تهيئة ملفات الوزراء الذين اتهموا بالفساد للمطالبة بإعادتهم للعراق ومنهم وزراء الكهرباء السابق أيهم السامرائي والتجارة السابق عبد الفلاح السوداني والاتصالات السابق محمد توفيق موضحًا أنه quot;تم إشعار الدول التي يتواجدون فيها تمهيدًا لتسلمهمquot;.
وأشار علي الى quot;وجود بعض المعوقات في موضوع تسلم المتهمين واسترداد الأموال لاختلاف النظم الداخلية للدول، إضافة إلى ازدواج الجنسية واحكام قضائية مختلف عليها بين الدولquot; . واشار الى عزم الهيئة على توقيع مذكرات تفاهم مع تلك الدول لغرض الإسراع في إعادة المتهمين والأموال الى العراق.
يذكرأن عدداً من الوزراء السابقين تمكنوا من السفر إلى خارج العراق بعد اتهماهم بالفساد المالي والإداري، إضافة إلى عدد من كبار الموظفين في بعض دوائر الدولة والذين تمكنوا من اختلاس بعض الأموال وتهريبها إلى خارج العراق في وقت ما زالت الحكومة العراقية غير قادرة على إرجاع هذه الأموال إلا في نطاق محدود.
يشار الى أن الفساد المالي والإداري ينتشر في العراق بشكل كبير وصنفته منظمة الشفافية العالمية ثالث أكثر دولة فساداً في العالم، بعد الصومال والسودان، إلا أن الحكومة العراقية غالباً ما تنتقد تقارير المنظمة بشأن الفساد وتعتبرها غير دقيقة وتستند إلى معلومات تصلها عن طريق شركات محلية وأجنبية أخفقت في تنفيذ مشاريع خدمية في العراق.