مولاي هشام ناقد لشؤون المغرب في كتابه الجديد quot;يوميات أمير منبوذquot;. لم يعجب الكتاب الكثير من الفاعليات السياسية المغربية إذ هاجم الكثير من رموزها ومارس اطلاق النار على بعض من اصدقائه في الداخل والخارج.


دبي: فتح الأمير المغربي، مولاي هشام علوي، ابن عم الملك محمد السادس، النار على الكثير من الفاعليات السياسية المغربية في كتابه الجديد quot;Journal D'un Prince Banniquot;، فلم يسلم من انتقاداته صديق ولا عدوّ. كلام الأمير لم يرق لبعض أصدقائهحيث أبدى تذمره من روايات يقول إنها تفتقر إلى الدقة.
أما الأمير، فيؤكد أن في الكتاب سيرة شخصية، وليس فيه اي إفشاء لأي سر من اسرار الدولة. وأشار مؤلف quot;يوميات أمير منبوذquot; إلى أنه خصص كتابه لإماطة اللثام عن تركيبة النظام السياسي الحاكم، والمكوّن أساسا من بنيتين، المخزن التقليدي الذي وصفه الأمير بالحيوان، وبنية الدولة الحديثة.
يخوض الأمير هشام في حديث متلفز لقناة quot;فرانس 24quot; في ابرز محاور الكتاب، فيقول إن الترجمة العربية لكلمة Banni لا تعني بالضرورة quot;منبوذquot; بل ترجمتها الى اللغة العربية اقرب الى quot;مهمشquot; وتستخدم للدلالة على الأدوات التي يستخدمها quot;المخزنquot; في المغرب، لعزل شخص وتهميشه والابتعاد عنه خوفًا على أنفسهم ومصالحهم، quot;فهو نوع من العنف النفسي لتجريد الانسان من بعض العناصر الانسانيةquot;. ويشير الأمير إلى أن هذا الأمر يذكره بأحد القيادات السياسية الشامخة في البلاد، وهو عبد الله إبراهيم الذي كان شامخا رغم أن لا أحد كان يقدر على الاقتراب منهquot;.
يقول الأمير هشام إن كتابه الذي صدر خلال نيسان (ابريل) الجاري يهدف إلى وصف هيكلية الدولة المغربية، quot;التي ترتاح على بنيتين، التقليدية المعروفة بالمخزن، والحديثة التي تتضمن المؤسسات والاقتصاد والبنية التحتية، وفي الكتاب أتكلم عن ازدواجية الحكم في المغرب، فالسلطة الحديثة تخدم السلطة التقليدية، والتوازن بينهما معوق كبير امام مستقبل المغرب ومستقبل الملكيةquot;.
سيدي محمد رقيق ومهذّب
يصف الأمير هشام في كتابه الجديد وخلال مقابلته التلفزيونية ابن عمه الملك محمد السادس بأنه شخص quot;رقيق ومهذبquot;. يروي الأمير هشام quot;سيدي محمد السادس كبرت معه سويا، وكان يكبرني ببضعة أشهر، وبقيت العلاقة بيننا متينةحتى سنة 1995، حيث اخترت أن اشق طريقي بعيدا عن القصر الملكي، وأبقى حرا في أفكاري، وبعد ذلك حدث الانشقاق السياسيquot;.
إلا أنّ مولاي هشام يعترض بشدة على تلقيب الملك محمد السادس بملك الفقراء، ويرى ان إدخال هذا اللقب إلى الادبيات السياسية المغربية هو أمر بمنتهى البطش واللامسؤولية، فهذا اللقب كما يقول كان يحمله ملوك فرنسا، وصاحبه لقب آخر وهو quot;الملك الكسولquot;.
يقول المؤلف: quot;هذا الكتاب هو حصيلة، ليس فقط لما استطعنا أن ننجزه، وإنما ايضا لما كان في ودنا واستطاعتنا أن ننجزه ولم ننجزه، بسبب ثنائية المخزن والدولة الحديثة في أعلى هرم السلطة بالمغربquot;.
قمت بواجبي
القطيعة بين الأمير هشام وابن عمه ملك المغرب ناتجة، بحسب الأمير، عن مقاومته الايديولوجية للحرس القديم، quot;أيضًا مقاومة المصالح التي تشكل الحاجز أمام الانتقال إلى الديمقراطيةquot;، متحدثًا عن لوبيات تسيطر على جيوب في الاقتصاد المغربي، ومؤكدًا: quot;قلت للملك بضرورة التخلي عن المخزن، لفائدة الدولة الحديثة، التي من أجلها نرسخ السيادة الشعبية وفصل السلطات للوصول إلى الديمقراطية الملكيةquot;.
في هذه المقابلة المتلفزة، يهاجم الأمير هشام المخزن بضراوة، ويصفه بالحيوان، quot;وكنت أعرف أنه سينتقم، وسيطلب مني الخروج من القصر، وهذا بالذات ما حصل، لذلك أتيت يوم البيعة إلى القصر بالبزة الفرنسية وليس بالجلباب المغربي، لأظهر للجميع أنه ليس لدي طموح، ولا أريد سوى فتح صدري للملك، فأنا قمت بواجبي العائلي والوطني، وحين قيل لي إبق في مكانك، بقيت في مكانيquot;.
من هو المخزن؟
يعرّف مولاي هشام المخزن بقوله: quot;أتحدث أولًا عن ائتلافات، ولوبيات لديها مصالح، والاحزاب السياسة لأنها منخرطة، وهناك أيضًا آليات وميكانيزمات لدى المخزن لتقيد الجميع بلعبة سطحية، هي بمثابة تحايل على التغيير، وليس مواجهة التغييرquot;.
ويتحدث مولاي هشام في الفصل الثالث من الكتاب، وعنوانه quot;ضربات تحت الحزامquot;، عن تعرضه حتى الآن للسب والشتم وفبركة ملفات أمنية والترويع والتخوين، quot;وقد أتعرض أيضًا للخروج عن الجماعة، وللملاحقات السوريالية، هذا نصيب كل من يختار هذا الطريق، وانا اخترت هذا الطريقquot;.
ائتلافات ركيكة
ويتحدث مولاي هشام عن الربيع العربي الذي لم يبلغ المغرب، بسبب ما يروج له من حزم إصلاحية أقرها الملك محمد السادس، ومنها الاصلاحات الدستورية، فيقول: quot;الدستور ليس استحقاقًا ولا حدثًا، بل هو مسلسل سياسي، وفي المغرب تم تجنيد الأئمة في الجوامع للتصويت على الدستور بنعم، وتم إنزال زوايا كاملة إلى الشارع للتصويت بنعم، فكانت النتيجة 98 بالمئة، فهل هذه نتيجة حقيقية؟ وماذا حصل بعدها؟ هل حصل تغيير؟ فرزمة التنظيمات القانونية لم تر النور حتى الآنquot;.
يضيف: quot;في النظام السياسي المغربي، الداخلية لا تسرق الانتخابات، فالأموات لا يصوتون، لكن الانتخابات مزورة هيكليًا، فلا يستطيع اي طرف أو حزب أن يفوز بالأغلبية المطلقة، فيضطر إلى بناء إئتلافات ركيكة وأخرى معرضة للوقوع في أي لحظة، وأخيرًا ماذا تعني انتخابات لا يشترك فيها إلا 50 بالمئة من السكان، في غياب الديمقراطية؟quot;
ويلفت مولاي هشام إلى أن هذا لم يحصل في أوان الربيع العربي، أي لم يأت تخويفًا للمغاربة مما قد يصيبهم، بل تم في أوان الهدوء العربي التام.
مليئة بالأخطار
نفى مولاي هشام أن يكون والده مولاي عبدالله قد انتقد يومًا الملك الحسن الثاني، بل كان يقدم له النصائح، quot;وكان دائم المحافظة على استمرار العائلة الملكية، ويطمح إلى تحسين الأوضاع، من دون أن يتخذ أي موقف علني، أما أنا فمثقف خرجت من البلاط وأعيش خارج البلاطquot;، مبررًا انتقاده الدائم للبلاط.
الراحل محمد الخامس مرن ولين
أما الملك الراحل محمد الخامس، فيصفه مولاي هشام بأنه مرن ولين، وهو الذي جمع ما قيل عن الملك الراحل من والده ومن آخرين، لافتًا الى أنه ظل صامدا في المعترك السياسي رغم التحديات والمخاطر، مضيفا أنه للأسف لم ينجح كما الملوك الذين أتوا بعده في الحسم في مسألة الازدواجية الخطيرة بين المخزن والسلطة الحديثة، والتي تطبع نظام الحكم للمغرب.
لكن هل يمكن لأي ملك مغربي أن يفصل بين المخزن والدولة الحديثة؟ يجيب مولاي هشام: quot;الانتقال إلى الديمقراطية، إلى الملكية الدستورية عملية مليئة بالأخطار، لأنه هناك لوبيات تقاوم، والظروف اليوم غير ملائمة، وهناك نقصان في الموارد الاقتصادية، وهناك ظروف إقليمية صعبةquot;.
لا إفشاء لأسرار الدولة
يقول مولاي هشام إن الملك الحسن الثاني كان ذات شخصية قوية جدًا. ويرسم الأمير مولاي هشام صورة تبدو متناقضة في خارجها لعمه الملك الراحل الحسن الثاني، حيث لم يجد وصفا يسمه به سوى بأنه كان شخصية فريدة من نوعها، ورجلا مهابا وصلبا وذا شكيمة قوية. وقال إن الحسن الثاني كان ذا شخصية قوية يوزع الأدوار على الجميع بحسب معرفته، مشبها إياه بمخرج سينمائي بارع يعطي الأدوار لكل شخص ليؤيده، ومن يرفض أن يلعب دوره يوبخه، وإذا رفض مرة ثانية يقمعه، وإذا رفض مرة ثالثة يطردهquot;.
ويروي أن الانقلاب الفاشل ضد الملك الحسن الثاني في أوائل السبعينات كان ضربة قوية للملك، لأنه رآها آتية من قبل العائلة، وليس من المعارضة فقط. يقول: quot;بدأ الملك الحسن يعول على الداخلية والشرطة، وكان يعرف أن بعض عناصر الحركة الوطنية تآمروا في الانقلاب مع الجيش، فوسع قاعدة حكمه، قام بالمسيرة الخضراء، وربط النخب الاقتصادية بالنظام من خلال المغربة، ووضع بذورًا لما سيصبح تعددية في النظام المغربيquot;.
ويتحدث مولاي هشام عن غضب دفين في قلبه على الملك الحسن الثاني، بسبب سوء معاملته لوالده مولاي عبدالله، لكنه سامحه حين مرض، وهو يعتبره بمكانة والده.
quot;بقي الغضب في قلبي، وأحاول الآن أن أحاربه، إلا أن ذكرى الوالد في مرضه وتلك الإهانة التي تعرض لها، لم أفهمهاحتى الآن، غير أنني سامحت عمي الحسن الثاني لما كان مريضا هو الآخر، حيث لمست تلك القوة الداخلية المدهشة لذلك الإنسان الفريد من نوعهquot; يقول الأمير. ويستطرد مبينا تأثير وفاة الحسن الثاني الذي كان أكبر عليه من وفاة والده، quot;موت الحسن الثاني كان أصعب عندي من موت والدي، لأن الوالد لقنني دروس الحياة والقيم الإنسانية، غير أن الحسن الثاني علمني كل شيء، من قبيل التعامل مع الغير والحذر...quot; وفق تعبيره.
مولاي هشام وإسماعيل
وردًا على سؤال مقدمة البرنامج التلفزيوني عن رأيه بالأمير رشيد ابن عمه وشقيق الملك محمد السادس، يجيب مولاي هشام مادحًا quot;الأمير مولاي رشيد أمير بكل ما في الكلمة من معنىquot;، فيما يقول عن أخيه الأصغر مولاي إسماعيل إنه quot;يظل شقيقا له اختار طريقه كما اختار هو طريقهquot;. ويعلل quot;مولاي إسماعيل ترعرع في ظل رب العائلة الملكية محمد السادس جزاه الله خيرا، فيما أنا ترعرعت في ظل الملك الراحل الحسن الثانيquot;، ما يوضح حدود العلاقة بينه وبين شقيقه.