أعربت شريحة كبيرة من الشباب عن تذمرها من إبعادها عن الصفوف الأولى المحيطة بمرشحي الرئاسة في مصر، ورأت تلك الشريحة أن ذلك يعد مؤشراً على إقصاء الشباب، بينما رأى خبراء إن التواجد الشبابي في العملية السياسية يفرض نفسه بقوة، باستثناء شرائح ثبت عدم ولائها للوطن.


القاهرة: خيمت على الأوساط الشبابية في مصر حالة من القلق والترقب على خلفية ما وصفه نشطاء بإقصاء الشباب عن المشاركة في الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة، ففي حين وقف الشباب قسراً في الصفوف المتأخرة، يحتكر مخضرمو السياسة الصفوف الاولى، ويحتلون الحلقة الضيقة المحيطة بالمرشحين، الأمر الذي اعتبره الشباب مؤشراً على عدم ادراجهم في العملية السياسية، التي تلي المرحلة الانتقالية بعد انتخاب رئيس البلاد المنتظر.
وفي ترجمة حيّة لاجواء القلق والترقب بين الاوساط الشبابية، ترى الناشطة السياسية نرمين نبيل، ان مرشحي الرئاسة المصرية آثروا الارتكان الى خبرة المتقدمين في السن، وتركوا الشباب الذين اشعلوا ثورتي 11 كانون الثاني (يناير) 2011، و30 حزيران (يونية) 2013.
واوضحت نبيل لـ quot;ايلافquot;، انه من دون اشراك الشباب في العملية السياسية، التي تبدأ بالحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة، لن يكون هناك مستقبل لمصر، كما ستنعدم ثقة الشباب في اي مرشح وفي المرحلة التي تلي المرحلة الانتقالية برمتها.
تجنيد الخبرة لتوجيه الشباب
واضافت: quot;يجب ان يتواري كبار السن عن الاضواء، ويكتفوا بدور المراقب، او حتى بدور الناصح، وتجنيد خبرتهم في توجيه الشباب، لإثراء الواقع السياسي الجديد في مصر، حتى يشعر الشعب بالتغيير، وحتى تكون هناك دلالات واضحة على التحول الديمقراطي بفعل الثورتين اللتان صنعهما الشباب، فالواقع خلال السنوات الثلاثة الماضية، يؤكد انه من حق الشباب التواجد على الساحة السياسية، لانهم الصنّاع الحقيقيون لهذا التحول، ومن دونهم لن يكون هناك مستقبل لمصرquot;.
وفي حديث لـ quot;ايلافquot;، قال الناشط أمير عبد الله: quot;شعر الشباب بحالة من الاغتراب بعد ثورة كانون الثاني (يناير)، حينما آثرت تيارات الإسلام السياسي إبعاد شباب الثورة عن البرلمان وعن الحقل السياسي برمته، ويستشعر الشباب الاغتراب عينه بعد إبعاده عن تمثيل الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة، فكان من اللازم أن يحتل الشباب الصفوف الأولى، لكن للأسف لم يحدث ذلكquot;.
وتعليقاً على ذلك يرى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن نظرية إبعاد الشباب عن العملية السياسية أمر مرفوض، إلا أن ترتيب الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة يحتاج إلى جانب الشباب عقليات مخضرمة، خاضت غير ذي مرة العمل السياسي، وتدرك الآليات التي يمكن من خلالها استقطاب اكبر نسبة من الأصوات في العملية الانتخابية، وبعد عملية التنظير أو دراسة الواقع الاستراتيجي، يمكن أن يكون للشباب دور في العمل الميداني لخدمة أي مرشح للرئاسة، والعمل الميداني لا يستلزم التصاق شريحة الشباب بمرشح الرئاسة، وإنما يكفي تلقيهم الوصايا والايعازات من الصفوف الأولى في الحملة الانتخابية.
استحقاقات ثورة 30 يونية
وأضاف الدكتور فهمي لـ quot;إيلافquot;: quot;ربما يستشعر الشباب الاغتراب لحرصهم على احتلال الصفوف الأولى، نظراً لشعورهم بأنهم صنّاع التحول السياسي الذي تمر به مصر، إلا انه بعيداً عن التعامل مع الواقع باندفاع، نلاحظ إن دور الشباب لا يغيب عن المشهد السياسي، سواء في انتخابات الرئاسة أو غيرها من استحقاقات ثورة الثلاثين من حزيران (يونية)، فالشباب كان لهم تمثيل في لجنة صياغة الدستور، كما كان لهم تمثيل في مؤسسة الرئاسة، ولعل ابرز الأمثلة على ذلك الصحفي الشاب احمد المسلماني مستشار رئيس الجمهورية، وكذلك الدكتور الشاب عصام حجي، وغيرهما من الشباب في مختلف المواقعquot;.
وأوضح طارق فهمي إن المرحلة القادمة في مصر لن تكون حكراً على شريحة معينة، فلن تكون مبنية على كوادر الشباب أو المتقدمين في السن، وإنما ستكون قائمة على اختيار من يستطيع العطاء، ولا شك إن مخضرمي العمل السياسي وكذلك الاقتصادي والاجتماعي والأمني، سيكون لهم دور في المرحلة المقبلة، فخبرتهم تؤهلهم لخدمة البلاد، ومن خلال الاستفادة بتلك الخبرة سيسير الشباب على الدرب، فلن يكون هناك مستقبل من دون ماضي، كما انه لن يكون هناك مستقبل من دون الشباب.
على صعيد ذي صلة، رفض الخبير الأمني خالد عكاشة الحديث عن الممارسة السياسية، سواء في الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة أو غيرها بمنطق الشباب أو المتقدمين في السن، مشيراً في حديث لـ quot;إيلافquot;، إلى أن الإطلاق عند الحديث عن الشباب أو المتقدمين في السن لا يصح، فهناك العديد من الشباب الذين ثبت عدم ولائهم للوطن منذ ثورة الحادي والعشرين من كانون الثاني (يناير) 2011، وتنفيذهم لأجندات أجنبية تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد، ولا يجوز لهؤلاء المشاركة في العملية السياسية، كما أن مرشحي الرئاسة لن يوافقوا على إدراجهم في حملتهم الانتخابية، لان الجماهير فقدت الثقة في هذا النوع من الشباب.