يتغيب الاسلاميون للمرة الاولى عن انتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة في 17 نيسان/ابريل التي لن يقدموا اي مرشح خلالها، بعدما شكلوا القوة السياسية الاولى في البلاد على اثر اقرار التعددية السياسية في 1990.

الجزائر:يقول المتخصص في الحركات الاسلامية سعيد جاب الخير ان quot;الاحزاب الاسلامية الجزائرية في تراجع بعد فشل الاسلاميين في دول الربيع العربيquot; بينما تجد الجزائر صعوبة في تضميد جراح quot;العشرية السوداءquot; (1922-2002) التي شهدت خلالها حربا اهلية.
وما زالت مجموعات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي تنشط في بعض مناطق البلاد خاصة في منطقة القبائل القريبة من العاصمة، وتقوم باستهداف قوات الشرطة والجيش.
وفي بداية سنة 2013 تعرضت الجزائر الى quot;حربquot; بحسب توصيف رئيس الوزراء انذاك عبد المالك سلال وهو يعلق على الهجوم الذي تعرض له مصنع الغاز بتيقنتورين وما تبعه من احتجاز رهائن.
وكان لهذا الهجوم تداعيات عالمية اذ ان عددا كبيرا من العاملين في المصنع من الاجانب وقتل منهم 37.
وقررت الاحزاب الاسلامية مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي لن تشارك فيها حركة مجتمع السلم ولا حركة النهضة ولا الاصلاح ولا جبهة العدالة والتنمية. وهذه سابقة في خامس انتخابات رئاسية تجري في الجزائر منذ اقرار التعددية السياسية.
وتشارك هذه الاحزاب في حملة مقاطعة الانتخابات الى جانب الحزب العلماني التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية الذي كان يدعو الى منع الاحزاب الاسلامية من ممارسة نشاطاتها الى جانب المرشح المنسحب من الانتخاب رئيس الحكومة الاسبق احمد بن بيتور.
وتحولت حركة مجتمع السلم ثالث قوة سياسية في البرلمان في انتخابات 2012 الى المعارضة في كانون الثاني/يناير مع بدء ثورات quot;الربيع العربيquot; بعد مساندة بوتفليقة في الولايات الثلاث السابقة.
وحصلت الحركة على 49 مقعدا من اصل 462 بالتحالف مع النهضة والاصلاح في اضعف نتيجة للاسلاميين منذ 1990 بينما كان هذا التحالف يتوقع نتائج افضل بالنظر الى تقدم الاسلاميين في مصر والمغرب وتونس.
وبراي جاب الخير فان quot;الربيع العربي اظهر الوجه الحقيقي للاسلاميين، هدفهم الوحيد هو الوصول الى السلطة بينما لا يملكون اي مشروع سياسي حقيقيquot;.
وكذلك رأت امال بوبكر الباحثة في مركز جاك برك في الرباط ان quot;افكار الاسلام السياسي اضمحلت ومشروعه السياسي لم يعد له وجودquot;. واضافت ان quot;السياسة غيرت الاسلاميين بحيث اصبحوا لا يعتبرون انفسهم في تنافس مع السلطةquot;.
وتابعت بوبكر quot;اصبح الاسلاميون مجبرين على التعامل مع القوى السياسية الاخرى ما يجعل من المستحيل التوافق على مرشح واحدquot; في الانتخابات الرئاسية.
وبالنسبة لسعيد جاب الخير فان الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة كانت quot;الحزب الاسلامي الوحيد في المعارضةquot; بالجزائر قبل حله في كانون الثاني/يناير 1992 غداة الغاء الجيش لانتخابات التشريعية ل 26 كانون الاول/ديسمبر 1991 التي فاز بدورتها الاولى.
وكانت جبهة الانقاذ فازت باغلبية ساحقة في اول انتخابات بلدية في 1990 بعد الغاء نظام الحزب الواحد الذي هيمن فيه حزب جبهة التحرير الوطني على الحياة السياسية منذ استقلال البلد في 1962.
وبعد وقف الجيش الانتخابات التشريعية وانحراف المتشددين في الجبهة الاسلامية نحو حمل السلاح انجرفت البلاد في حرب اهلية اسفرت عن سقوط مئتي الف قتيل، قبل ان يعرض الجيش على الاسلاميين المسلحين تسليم انفسهم ووضع السلاح مقابل عدم ملاحقتهم قضائيا.
واثر وصول بوتفليقة للحكم في 1999 اعطى quot;الغطاء السياسيquot; لمبادرة الجيش من خلال قانون المصالحة الوطنية، نتج عنه العفو عن الاف الاسلاميين.