حط الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد مساء الجمعة في دكار، وذلك بهدف دعم ابنه كريم الموقوف في السجن منذ أكثر من سنة بانتظار بدء محاكمته.
أيمن بن التهامي من الرباط، وكالات: عاد الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد مساء الجمعة الى بلده بعد غيابه عنه لمدة عامين، وذلك بهدف دعم ابنه كريم الموقوف في السجن منذ أكثر من سنة بانتظار بدء محاكمته.
ووصل الرئيس السابق الى مطار دكار على متن طائرة خاصة آتيا من الدار البيضاء حيث اضطر للمكوث يومين بعد تأجيل رحلة عودته لاسباب تبادل انصاره ونظام خلفه الرئيس ماكي سال المسؤولية عنها.
واقفلت قوات الامن الطرقات المؤدية الى المطار وسمح فقط لبعض شخصيات حزبه، الحزب الديموقراطي السنغالي، بدخول المطار لاستقبال رئيسهم.
ومن المقرر ان يتوجه واد فور مغادرته المطار الى مقر حزبه حيث تنتظره منذ ساعات عديدة حشود غفيرة من انصاره، بينما تطوق قوات مكافحة الشغب المكان.
وترأس واد (87 عاما) السنغال لمدة 12 سنة (2000-2012) وقد غادر للعيش في فرنسا بعد هزيمته النكراء في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 25 آذار/مارس 2012 امام ماكي سال الذي كان احد رؤساء حكوماته.
وخلال تولي واد الرئاسة كان ابنه كريم (45 عاما) مستشارا لوالده ثم اصبح وزيرا ذا صلاحيات واسعة.
والاسبوع الماضي قررت محكمة سنغالية خاصة محاكمة كريم واد اعتبارا من حزيران/يونيو بتهمة quot;الاثراء غير المشروعquot;، وهي تهمة ينفيها الوزير السابق.
وفي وقت سابق الجمعة، كشف مصدر مطلع من الطيران المدني لـ quot;إيلافquot; أن طائرة الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد حصلت على الإذن بالإقلاع نحو دكار مساء اليوم الجمعة. وأنه من المنتظر أن تقلع طائرة واد إلى دكار، بعدما جثمت يومين في مطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء، إثر وصولها من فرنسا.
وعبر عبد الله واد في تصريح لـquot;فرانس برسquot; الخميس من الفندق الذي كان يقيم فيه وسط الدار البيضاء، عن أسفه لquot;المناوراتquot; التي يقوم بها خلفه الرئيس الحالي، ماكي سال.
وكان من المفترض أن يحل عبد الله واد في العاصمة السنغالية داكار الأربعاء قادما إليها من باريس، إلا أنه عبوره في مدينة الدار البيضاء طال لثلاثة أيام، في انتظار موافقة سلطات مطار داكار على نزول طائرته في المطار.
حرج مغربي
إقلاع طائرة واد إلى دكار يخفف على الرباط حرجًا عاشته طوال 48 ساعة الماضية، إذ وجدت نفسها بين واد، صديق المغرب العزيز، وبين الرئيس السنغالي الحالي ماكي سال، الذي تربطه بالمملكة المغربية والملك محمد السادس علاقات متميزة ومتينة.
كما إن التوقف الإجباري لطائرة واد في مطار محمد الخامس الدولي يخفي وراءه صراعًا سياسيًا، بدأت تلوح مؤشراته في سماء السنغال، قبل أيام قليلة من إيداع الترشيحات للانتخابات.
فرغم تأكيد وزير الخارجية السنغالي، المتواجد حاليًا في المغرب، أن واد مرحّب به في بلده، quot;وسيستقبل بكرامة، وأن الحكومة اتخذت كل الترتيبات لتضمن ذلكquot;، إلا أنه وصف هذه العودة بـ quot;السياسيةquot;، مضيفًا أن واد وأنصاره اختاروا التسييس لبث الاضطرابات وإثارة المتاعب، أيامًا قليلة قبل إيداع الترشيحات للانتخابات.
خوف النظام
في تحليل لهذا الوضع المضطرب، قال تاج الدين الحسيني، الخبير المغربي في العلاقات الدولية: quot;هذه الأزمة تكشف عن وجود صراع سياسي حقيقي بين نظام الحكم السنغالي والمعارضة التي يمثلها عبد الله واد، والتي تتمثل أساسًا في الحزب الديمقراطي، الذي كان من خلاله يمارس واد السلطةquot;.
أضاف الحسيني لـ quot;إيلافquot;: quot;هذه الوضعية تعبّر عن تراجع النضج السياسي لدى الطبقة الحاكمة بصفة عامة في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، فالسنغال كانت في زمن ما تعطي النموذج في عهد الرئيس سينغور عن الحكامة السياسية والنزاهة من طرف الحاكمين، إذ كان أول رئيس يغادر الحكم بمحض إرادتهquot;.
وعبّر الخبير في العلاقات الدولية عن تخوف يشعر به النظام الحاكم من أن تكون عودة واد قبيل إجراء الانتخابات المقبلة مناسبة لتمكينه من اكتساح الحقل السياسي بقوة، ، ولو أن عمره تجاوز الثمانين، وتمكين حزبه من الفوز في الانتخابات المقبلة.
وكشف الحسيني عن وجود نوع من النفاق السياسي، quot;فالنظام الحالي يرحّب بعودة واد إلى بلده، وفي الوقت نفسه يضع العراقيل، من قبيل الزعم أن ثلاثة ركاب في طائرته لم يعبّر عن صفتهم قبل نزول الطائرة، وهذه أشياء غير مقبولة في مثل هذه الحالات، خصوصًا أن الأمر يتعلق بطائرة خاصة لرئيس سابقquot;.
مرونة ضرورية
لكن، هل يعود واد مجددًا إلى فرنسا؟، هل يتابع طريقه نحو داكار؟... هذه أسئلة، يضيف الحسيني، تبقى مطروحة اليوم في انتظار وضوح الرؤية.
وأكد الحسيني أن عودة واد إلى فرنسا من دون التمكن من الالتحاق بوطنه ستحدث هزة سياسية حقيقية في كل الأوساط السياسية في السنغال، quot;كما ستمكنه من اكتساب شعبية أكبر من التي كان ينتظر أن يحققها في ظل عودة محفوفة بنوع من المخاطر، ونحن نتذكر أن القادة السياسيين الذين يتمكنون من ممارسة المعارضة من خارج بلدانهم يتمتعون عادة بشعبية كبيرة ويكتسحون الفضاء السياسي بقوة عند عودتهمquot;.
ويعتقد الحسيني أن السلطات السنغالية ستتعامل مع الموضوع بنوع من المرونة لتفادي الوصول إلى مثل هذه المرحلة التي تؤرق فضاءها السياسي في المستقبل القريب.
وكانت تقارير قالت إن التأجيل مردود إلى مشكلة تتعلق بخطة الطيران وتصريح إقلاع الطائرة، وإن واد أرسل رسالة إلى أنصاره في الحزب الديمقراطي السنغالي، الذين اجتمعوا في العاصمة، ليعلمهم بعودته اليوم الجمعة.
التعليقات