ساد الكثير من الهرج والمرج أرجاء المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) الجمعة، خلال جلسة مساءلة علنية لوزيرة السياحة، آمال كربول، والوزير المكلف بالأمن رضا صفر، اللذين اتهمهما نواب بالتطبيع مع إسرائيل بعد دخول سياح اسرائيليين إلى تونس.


تونس: تم مساء الجمعة سحب لائحتي طرح ثقة بوزيرين تونسيين اتهما بسبب دخول عدد من السياح الاسرائيليين لتونس ب"التطبيع مع الكيان الصهيوني"، دون التصويت عليهما، ما اثار جدلا في المجلس التأسيسي في الوقت الذي شغلت فيه هذه المسألة الرأي العام في الايام الاخيرة.

وتؤكد اللائحتان اللتان قدمتا للمجلس التاسيسي في 24 نيسان/ابريل ضد الوزير المكلف الامن الوطني رضا صفر ووزيرة السياحة آمال كربول، ان صفر سمح في مذكرة مكتوبة بدخول سياح اسرائيليين الى تونس وان كربول استقبلتهم.

وفي تونس كما في معظم البلدان العربية هناك حساسية خاصة لكل ما يتصل باسرائيل.

وفي حين كان من المتوقع ان يتم التصويت على لائحتي سحب الثقة مساء الجمعة، اعلن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التاسيسي انه "تم سحب لائحتي اللوم".

ورأى النائب اياد الدهماني، وهو احد الموقعين على اللائحتين وكان مدافعا شرسا عنهما قبل ساعات، "انه لم يكن في نيتنا الاساءة الى شخصي الوزيرين. لقد اردنا ان نقول ان التطبيع مع اسرائيل خط احمر".

وفسر النائب فيصل الجدلاوي قرار السحب ب"اجوبة الوزيرين" امام المجلس وبكون نحو اربعين نائبا من اصل 80 وقعوا على اللائحتين، بينهم اعضاء في حزب النهضة الاسلامي، قرروا سحب تواقيعهم، بحسب قوله.

وكان لإعلان سحب اللائحتين وقع المفاجأة واستقبل بالتعجب وبملاسنات حادة وسط مطالبة العديد من النواب بالتصويت عليهما.

وصرخ احد النواب "لقد جلبوا ( الثمانون نائبا الموقعون على اللائحتين) الوزيرين وضيعوا علينا نهارا كاملا وقاموا بالدعاية لانفسهم. (نطالب) بالتصويت سيدي الرئيس". ونعت نائب آخر النواب ب"الجبناء".

وأنهى المجلس جلسته بالتصويت على بيان يدين كل اشكال التطبيع مع اسرائيل ودعا الحكومة الى الالتزام بذلك.

وكانت وزيرة السياحة نفت اثناء الجلسة ان تكون استقبلت سياحا اسرائيليين، مبررة تصريحاتها المؤيدة لقدوم السياح من كل الجنسيات الى تونس بضرورة انعاش السياحة القطاع الاساسي في الاقتصاد التونسي والتي تراجعت بتأثير تداعيات الثورة التونسية قبل ثلاث سنوات.

من جانبه نفى وزير الأمن الوطني التورط في أي تطبيع، موضحا أنه اتبع الاجراءات المعمول بها وهي السماح لكل السياح الذين يأتون الى تونس في رحلات بحرية وينزلون لساعات فيها ب"جواز عبور" دون قبول التعامل مع اي جواز اسرائيلي.

كما برر إصداره مذكرة مكتوبة للسماح بدخول اسرائيليين بضرورة الرد على "حملة دولية" تتهم تونس ب"التمييز" بعد قرار مسؤول في ميناء حلق الوادي (شمال العاصمة) منع دخول مجموعة صغيرة من السياح الاسرائيليين كانوا ضمن رحلة بحرية وصلت العاصمة التونسية في آذار/مارس.

ونددت حينها شركة الرحلات البحرية ومقرها الولايات المتحدة بما اعتبرته "سلوكا تمييزيا" واعلنت انها الغت كافة وقفاتها في تونس.

من جهة اخرى قالت شركة اخرى هي "هولاند اميركا لاين" في بيان تلقته الجمعة وكالة فرانس برس انها قررت إلغاء رسو احدى سفنها المقرر السبت في تونس "بسبب المشاكل الحالية المتعلقة بظروف الحصول على تأشيرات لبعض عملائنا".

بيد انها اوضحت "سنواصل العمل مع السلطات التونسية ونأمل في ان تتم الوقفات القادمة كما هو مقرر".

ويرفض غالبية التونسيين في سياق التضامن مع الشعب الفلسطيني، اي سلوك من شانه اقامة علاقات "طبيعية" مع اسرائيل طالما لم يحصل الفلسطينيون على دولتهم المستقلة.

ويذكر الكثيرون بان سلاح الجو الاسرائيلي اغار في تشرين الاول/اكتوبر 1985 على حمام الشط جنوب العاصمة حيث كان مقر منظمة التحرير الفلسطينية. وقتل في الاعتداء 68 تونسيا وفلسطينيا.

كما اغتالت اسرائيل في 1988 بتونس خليل الوزير (ابو جهاد) المسؤول الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية.

وترتبط تونس بعلاقات وثيقة مع الفلسطينيين، وكانت مقرا بين 1982 و1994 لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وللرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وسنة 1996، تبادلت تونس واسرائيل مكتبيْن لرعاية المصالح.

لكن تونس قررت في تشرين الأول/أكتوبر 2000 اغلاق المكتبين، تنفيذا لقرارات القمة العربية، إثر قمع اسرائيل الانتفاضة الفلسطينية.

ويتزامن الجدل الذي أثاره مؤخرا دخول سياح اسرائيليين الى تونس مع قرب تنظيم الزيارة السنوية الى كنيس "الغريبة" اليهودي في جزيرة جربة، والمقرر هذا العام من 16 إلى 18 مايو/أيار الحالي.

ودعا رئيس الحكومة مهدي جمعة، مؤخرا، الى "إبعاد" موسم الحج إلى كنيس الغريبة عن "التجاذبات السياسية".

وقال جمعة في تصريحات صحافية "حسب رأي مهنيّي السياحة، لكي ينجح الموسم السياحي، يجب أن ينجح موعد الغريبة". وتشغل السياحة في تونس نحو 400 ألف شخص "بشكل مباشر" وحوالى مليوني شخص "بشكل غير مباشر" بحسب وزارة السياحة التونسية.