الصحافة الألمانية تشارك المواطنين امتعاضهم من الزيادات على رواتب المستشارة والوزراء ورئيس الجمهورية، فتصفها بالفضيحة.


ماجد الخطيب: أقر مجلس الوزراء الألماني بكامل أعضائه وبرئاسة المستشارة انجيلا ميركل، زيادة على رواتب المستشارة والوزراء ورئيس الجمهورية في الاسبوع الماضي، بنسبة 2,8 %، بأثر رجعي من مطلع آذار (مارس) الماضي، وعلى أن ترتفع مجددًا في نفس الشهر من السنة المقبلة بنسبة 2,2% أخرى.

زيادات متلاحقة

على هذا الأساس، يرتفع مرتب رئيس الجمهورية يواخيم غاوك من 17.897 يورو شهريًا إلى 18.803 يورو في السنة القادمة. ويرتفع مرتب ميركل من 17.126 إلى 17.992 يورو شهريًا، وترتفع معها مرتبات الوزراء إلى 13.940 يورو شهريًا.

وسبق للبرلمان الألماني أن أقر رفع رواتب النواب في الشهر الأول من هذه السنة، بنسبة 10% لتصبح 8252 يورو كمعدل عام.

ولا ينتظر أن يقف البرلمان أو محكمة الدستور ضد هذه الزيادات، لأنها اتخذت بغالبية حزبي الحكومة الكبيرين، التحالف الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي. ولأن كل الوزراء أعضاء في البرلمان الألماني، فهذا يعني أنهم سيستفيدون أيضًا من زيادة مرتبات النواب، وهو أكثر ما يثير امتعاض المواطنين.

المكلفون ينتقدون

هاجم راينر هولتزناغل، رئيس اتحاد دافعي الضرائب، قرار الحكومة الألمانية، وقرار البرلمان، مشيرًا إلى أن حكومة ميركل لا تعير موقف المواطن أي أهمية. وقال هولتزناغل، الذي يعني اسمه بالألمانية مسمار الخشب: "من يرفع مرتبه في البرلمان بنسبة 10% ثم يرفع مرتبه كوزير بنسبة 5%، بعد أشهر قليلة، يجعل نفسه هدفًا لمسامير المعارضة".

وأضاف: "زيادات رواتب السياسيين تأتي بعد رفع أقساط التقاعد على العمال والموظفين، وفي ظل ارتفاع أسعار المواد، وارتفاع تكاليف المعيشة، خصوصًا أسعار الكهرباء والتدفئة والبنزين، وواضح أن هذه الزيادات في مرتبات السياسيين سيتحملها المكلف الضريبي الذي يتحمل لحد الآن أيضًا أعباء دعم بلدان الاتحاد الأوروبي المفلسة مثل اليونان".

والمشلكة الأساسية هي أن المستشارة والوزراء يتمتعون ببحبوحة ضريبة تتيحها لهم قوانين البلد. فهم معفيون من معظم الضرائب، ولا يدفعون أقساطًا لتغطية تقاعدهم في المستقبل.

قرار متعجل

سبق لمجموعة من المحامين أن تقدمت بشكوى إلى محكمة الدستور سنة 1975 تطالب باخضاع قرارات زيادة رواتب البرلمانيين لهيئة خاصة. وقال المحامون حينها إنه لا يجوز للبرلمان، باعتباره السلطة التشريعية، أن يقر بنفسه الزيادة في مرتبات أعضائه، لكن المحكمة ردت الشكوى، وذكرت حينها أنها لا ترى بديلًا عن ذلك. وتوقفت الشكاوى ضد قرارات زيادة مرتبات السياسيين منذ ذلك الحين.

وانتقد الخبير الضريبي سيباستيان بانكين قرار زيادة مرتبات السياسيين، وقال: "من غير المعقول أن يقرر البرلمانيون زيادة رواتبهم بأنفسهم كلما سنحت لهم الفرصة". واتهم بانكين الحكومة والبرلمان بتعمد الإعلان عن مقترحات زيادة رواتبهم، ومن ثم عقد الجلسات بسرعة بهدف اقرارها، كي لا يتحينوا الفرصة لأحد للطعن بها.

ولاحظ بانكين أن الزيادة في مرتبات السياسيين أسرع وأكبر من زيادة مرتبات بقية موظفي الدولة.

امتيازات خاصة

وبحسب معطيات الحكومة الألمانية نفسها، تتلقى المستشارة الألمانية مبلغ 12,276 يورو في السنة بمثابة "تعويضات خاصة" لا تخضع للضرائب، إضافة إلى مبلغ نثريات يرتفع إلى 4684 يورو في السنة بمثابة نثريات لا تخضع للضرائب أيضًا.

وينال الوزير عند خروجه من الحكومة، لأي سبب، مبلغ 62700 يورو ليستطيع مواصلة حياته. ويرتفع المبلغ مع ارتفاع عدد السنوات التي خدمها كوزير لتبلغ 188 ألف يورو. ويبلغ تقاعد الوزير 3860 بعد خدمة 4 سنوات، ويزداد بمبلغ 330 يورو عن كل سنة خدمة اضافية.

خمس سنوات سجن

لم يقف سوى حزب اليسار ضد قرار زيادة مرتبات البرلمانيين، وصوت بعض أعضاء حزب الخضر إلى جانب الزيادة، وامتنع البعض الآخر منهم عن التصويت. وفي حين وجد النائب يرنهارد كاستر (المحافظين) والنائبة ايفا هوغل (الاشتراكي) قرار الزيادة "طبيعيًا"، أعلن زعيم حزب اليسار غريغور غيزي عن تبرع كتلته البرلمانية بمبلغ الزيادة إلى المنظمات الإنسانية. وعلى التوازي من قرار زيادة مرتبات البرلمانيين، وفي ضوء خطط مكافحة الفساد، قرر البرلمان زيادة الحد الأعلى لفترة السجن للبرلمانيين المرتشين إلى 5 سنوات.

ما يتندر به المواطنون الألمان هو أن حال المؤسسات الحكومة الألمانية مثل الحال في البلدان النامية، إذ لا يكتمل نصاب مجلس الوزراء ومجلس النواب إلا عند اقرار مثل هذه الزيادات في رواتب ومخصصات الوزراء والنواب.