أثارت تفجيرات محيط قصر الإتحادية، وأسفرت عن مقتل ضابطين وإصابة 13 آخرين من عناصر الشرطة، الكثير من علامات الإستفهام حول طبيعة التأمين الذي يحظى به القصر الرئاسي.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: كشفت التفجيرات التي وقعت في محيط قصر الإتحادية في مصر عن ثغرات في عملية تأمين القصر الجمهوري. وعلمت "إيلاف" أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدرس إمكانية نقل مقر الحكم إلى مكان بديل، وأن يقتصر الحضور إلى قصر الإتحادية على الإجتماعات الرسمية فقط.

نقل المقر الرئاسي

تفيد معلومات "إيلاف" بأن الأجهزة الأمنية التي تتولى حماية وتأمين السيسي بدأت مراجعة الإجراءات الأمنية في القصور الرئاسية، وتحديدًا قصر الإتحادية، بما يضمن إشتراك عناصر من قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بالجيش في عملية التأمين من الخارج مع جهاز الشرطة، وعدم ترك المهمة لوزارة الداخلية منفردة.

وفي إطار مراجعة الخطط الأمنية، أوصت تقارير سيادية السيسي بضرورة إيجاد مكان بديل لقصر الإتحادية، لإدارة شؤون الدولة من خلاله، ويكون غير معلوم للعامة. ونصحت بأن يقتصر استخدام قصر الإتحادية على الإجتماعات الرسمية، التي لا بد من عقدها في القصر، ومنها استقبال الوفود الأجنبية مثلًا.

وقرر السيسي دراسة جميع التقارير الأمنية والخطط البديلة لنقل مقر الحكم بشكل غير رسمي إلى مكان بديل خارج المنطقة المزدحمة في القاهرة.

كانت متوقعة

تقول معلومات "إيلاف" إن المقر قد ينقل إلى منتجع تابع للقوات المسلحة في ضاحية التجمع الخامس في القاهرة الجديدة، ويضم مجموعة من القصور والفيلات التي تقيم فيها قيادات الجيش والنخبة من السياسيين.

وقال الخبير العسكري اللواء حسين عبد الرازق لـ"إيلاف" إن العمليات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في محيط القصر الرئاسي كانت متوقعة، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية تتوقع استمرار هذه الأعمال وانتقالها وانتشارها من سيناء إلى الوادي.

وأضاف: "التوقعات تشير إلى أنها سوف تستمر في استهداف المنشآت والأماكن الحيوية ومساكن ومقرات الضباط والقيادات سواء في الدولة أو جهاز الشرطة أو جهاز القوات المسلحة".

القصور بعيدة عن السكان

ولفت إلى أن القصور الرئاسية والملكية في مختلف دول العالم تكون بعيدة عن الإزدحام، بينما قصر الإتحادية في منطقة ذات كثافة مدنية، والسور الخاص به ملاصق للشارع ونهر الطريق، وحركة المرور من الأهالي والسيارات لا تنقطع ليل نهار، ومن السهل تسلل أي شخص إلى محيط القصر وزراعة المتفجرات.

وأضاف عبد الرزاق: "وجود قصر الحكم وسط هذه الكثافة السكانية مدعاة للتفكير في إيجاد بديل آخر له، لكن قد تستغرق عملية إيجاد البديل وقتًا طويلًا، لاسيما أن عملية تجهيز قصر رئاسي ليست بالمهمة السهلة". وأشار إلى أن الرئيس الأسبق حسني مبارك اختار هذا القصر لقربه من سكنه، وتم تجهيزه بشكل جيد.

إهمال أمني

وقال مصدر أمني لـ"إيلاف" إن التحقيقات ستطول جميع المسؤولين في ظل إتهام الضباط والقيادات فيهما بالتقصير والإهمال، على خلفية نشر جماعة "أجناد مصر" بيانًا قالت فيه إنها زرعت عبوات ناسفة في محيط قصر الإتحادية الجمعة الماضي، وحذرت المواطنين من الإقتراب من القصر، وحددت مكان زرع تلك العبوات بدقة.

ولفت إلى أن العبوات انفجرت الأحد 29 حزيران (يونيو) وأسفرت عن مقتل ضابطين وإصابة 13 آخرين من الشرطة، والإتهام بالتقصير سيتم التحقيق فيه مع ضباط إدارة مكافحة جرائم الإنترنت، التي لم تتبع مصدر البيان، ولم تقدم معلومات عنه إلى الأجهزة الأمنية الأخرى، لتتبع الجهات التي تقف وراءه وإلقاء القبض على المسؤولين عن تلك الجماعة.

وكشف المصدر أن التحقيقات كشفت أن قيادات الإدارتين لم تتعامل بجدية كافية مع بيان "أجناد مصر"، فعمال النظافة هم من اشتبهوا بوجود أجسام غريبة مثبتة في الأشجار وأعمدة الإنارة وأبلغوا الجهات الأمنية.

وأفاد بأن فرقة من إدارة المفرقعات حضرت لمحيط القصر، وأثناء محاولة إبطال العبوات الناسفة، انفجرت في أحد الضباط وأدت إلى مقتله في الحال. وعند إبطال عبوة أخرى انفجرت أيضاً وتسببت بمقتل ضابط آخر، وأصيب آخرون.

فجرت عن بعد

كشفت التحقيقات أن الحكومة تقاعست عن إمداد وزارة الداخلية، لاسيما إدارة المفرقعات بالأجهزة اللازمة للكشف عن المتفجرات وإبطال مفعولها عن بعد. وقال المصدر إن وزارة الداخلية طلبت من رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي شراء تلك الأجهزة، بالإضافة إلى سلالم وسيارات إطفاء فلم يستجب إلا بشراء ثلاثة أجهزة للكشف عن المتفجرات فقط، ولم تكن أجهزة حديثة.

وعلى صعيد تحقيقات النيابة العامة، فإن العبوات الناسفة وضعت داخل صفائح سمن "مسلي للطعام"، وربطت بهاتف محمول وأسلاك كهربائية لتفجيرها عن بعد. وأضافت التحقيقات أن عمال النظافة اشتبهوا في تلك العبوات عندما وجدوها موصلة بأسلاك كهربائية، وأبلغوا قسم الشرطة، والقنابل التي أنفجرت كانت تضم مواد شديدة الإنفجار، وليست بدائية الصنع، وجرى تفجيرها عن بعد باستخدام هاتف محمول.