وسط تقارير عن احتمال انهيار جبهة النصرة أمام سيطرة تنظيم (داعش) على عدد من البلدات في شرق سوريا، وتزامناً صدرت تلميحات أميركية بأن قوات الأمن العراقية لن تستطيع على الأرجح استعادة الأراضي التي خسرتها لصالح متشددين اسلاميين دون مساعدة.


نصر المجالي: قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو هيئة معارضة مقرها لندن، إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" قد سيطر داخل سوريا على مناطق تعادل بمساحتها خمسة أضعاف مساحة لبنان، في حين أعلنت فصائل مسلحة التوقف عن قتال التنظيم، بالترافق مع دعوة من "لواء التوحيد" للاستنفار العام بمواجهة اقتراب داعش من حلب.

وأكد المرصد السوري أن التنظيم الذي اعلن مؤخرًا تأسيس "دولة الخلافة الاسلامية" على الاراضي التي يسيطر عليها في كل من العراق وسوريا قد بسط سيطرته على منطقة حقل العمر النفطي قرب الحدود العراقية السورية.

وقال المرصد إن مقاتلين من فصائل اسلامية أخرى انسحبوا أمام مقاتلي الدولة الاسلامية من المنطقة.

ويرى خبراء أن ذلك لا يوضح فقط أن الدولة الاسلامية تقوم بتوسيع نفوذها وزيادة مواردها الاقتصادية، ولكن ايضاً الاسلوب الذي تخضع بواسطته الجماعات الاسلامية الاخرى لسلطة الدولة.

انسحاب النصرة

وذكر المرصد أن تنظيم "داعش" سيطر على ريف دير الزور الشرقي بشكل كامل، بعد أن اقتحم مدينة الميادين وهي أكبر مدن الريف الشرقي، عقب انسحاب "جبهة النصرة" منها، ليسيطر التنظيم للمرة الاولى&على المناطق الممتدة من مدينة البوكمال الاستراتيجية، والواقعة على الحدود السورية - العراقية، إلى أطراف مدينة حلب الشمالية الشرقية، ومن الحدود السورية – التركية شمالاً.. وصولاً إلى مناطق في البادية السورية.

وبحسب المرصد، فإن تلك الأراضي باتت متصلة جغرافياً مع مناطق تسيطر عليها "الدولة الإسلامية" في العراق، بينما بقيت مدينة دير الزور وقرى في ريفها الغربي جنوب نهر الفرات خارج سيطرتها حتى اللحظة .

وأظهر شريط مصور بثه نشطاء على شبكة الانترنت شخصًا، قال إنه ينتمي الى جبهة النصرة في مدينة الشحيل يتلو بيانًا يقول فيه "نعلن مبايعتنا وولاءنا للدولة الاسلامية ولخليفة المسلمين أبو بكر البغدادي".
&
كما اظهر شريط آخر ما يبدو أنه مجموعة من المقاتلين في منطقة أخرى في سوريا يعلنون أنهم توقفوا عن القتال ضد عناصر الدولة الاسلامية.

وعرض المرصد السوري تسجيلاً مصوراً يظهر فيه من قالوا إنهم يمثلون "جبهة النصرة" وعدة فصائل إسلامية أخرى في ريف دير الزور الشرقي، يعلنون "توبتهم من مقاتلة الدولة الإسلامية"، وشمل البيان القوى الموجودة في المنطقة من "لواء بشائر النصر" و"جبهة النصرة" و"أحرار الشام"، كما أكد المرصد سيطرة داعش على أكبر حقل نفطي في سوريا‎ وهو "حقل العمر" القريب من مدينة الميادين، وتبلغ طاقته الإنتاجية اليومية 75 ألف برميل.

استنفار لواء التوحيد

‫من جانبه، دعا "لواء التوحيد" أحد أكبر القوى العسكرية المعارضة الموجودة في مدينة حلب، إلى الاستنفار لمواجهة تقدم تنظيم داعش، وقال قائده العسكري، "أبو توفيق" عبر صفحته بموقع فيسبوك: "إلى جميع الفصائل على الأرض وجميع الغرف، نعلن الاستنفار الكامل في حلب والريف والشمال السوري ضد الدولتين والتعبئة العامة.. ولتكن حرباً فاصلة ولنُرِهم حلب ورجالاتها، ونطلب النصرة من أهلنا في إدلب وحماة وحمص والمؤازرة."

وتابع "أبوتوفيق" بالقول: "لا بقيت لنا باقية إن أبقيناهم يعيثون فساداً في شامنا ويستبيحون شعبنا، وأي متخلف عن الأمر سيُعرض للمحاسبة ويكتب في لائحة الخذلان والعار .. ونقول لمن منع عنّا السلاح: عندنا سلاحنا أقوى من مكركم وابتزازاتكم.. الآن وقت الحسم ووقت رجالات الشام رجالات الاسلام أن تقول كلمتها."

رؤية أميركية

إلى ذلك، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي يوم الخميس إن قوات الأمن العراقية لن تستطيع على الأرجح استعادة الأراضي التي خسرتها لصالح متشددين اسلاميين دون مساعدة.

ونقل تقرير لـ(رويترز) عن ديمبسي قوله إن المستشارين الأميركيين الموجودين حالياً في العراق يرسلون تقارير تفيد بأن الجيش العراقي "قادر على الدفاع عن بغداد لكنه سيلاقي صعوبات -لوجستية غالباً- في حالة قيامه بشن هجوم."

وقال ديمبسي للصحافيين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) "إذا سألتموني هل سيتمكن العراقيون في وقت ما من التحول للهجوم لإستعادة الجزء الذي فقدوه في العراق ... على الأرجح لن يستطيعوا ذلك بأنفسهم."

ويتعرض العراق لهجوم واسع من جانب متشددين سنة من تنظيم الدولة الاسلامية المنشق عن تنظيم&القاعدة، الذي استولى على مناطق واسعة في شمال وغرب البلاد ويهدد بالزحف إلى العاصمة بغداد.

وتمكن المتشددون من الاستيلاء على معظم الأراضي بسبب فرار قوات رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي من مواقعهم في مواجهة التقدم الخاطف للمسلحين الشهر الماضي.

سبل مساعدة

وتبحث الولايات المتحدة التي ركزت معظم جهودها في أعقاب غزو العراق عام 2003 على بناء قوات الأمن العراقية الآن سبل مساعدة الجيش العراقي على صد أولئك المسلحين.

لكن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تريد في نفس الوقت التورط في مستنقع حرب أخرى في العراق خاصة مع استمرار التشاحن السياسي في بغداد في الوقت الذي يحاول فيه السياسيون تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التي جرت في ابريل نيسان.

ودعا كل من ديمبسي ووزير الدفاع تشاك هاغل القادة العراقيين إلى تشكيل حكومة وحدة. وقال ديمبسي "إذا لم تفهم الحكومة العراقية الرسالة وتظهر أنها عازمة حقاً على السماح لكل الجماعات بالمشاركة فإن كل شيء نتحدث عنه لن يكون له ادنى فائدة."

مركز عمليات ثانٍ

ومن جهته، قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل إن القوات الأميركية أقامت ثاني مركز عمليات عراقي أميركي مشترك في العراق. وسيكمل المركز الذي أقيم في اربيل عاصمة إقليم كردستان العراق شبه المستقل العمل الذي يقوم به المركز الأول في بغداد.

وقال هاغل إن القوات الأميركية لديها أيضا ست فرق تقييم ينتشرون على الأراضي العراقية. ويستهدف الوجود العسكري الأميركي تقييم الوضع الحالي للجيش العراقي وتحديد أفضل السبل التي تمكن القوات الأميركية من مساعدة الحكومة على التصدي لمتشددي الدولة الاسلامية.

وترك ديمبسي فيما يبدو الباب مفتوحًا أمام مزيد من العمل المباشر للجنود الأميركيين الموجودين حالياً في العراق ضد متشددي الدولة الاسلامية.

وختاماً، قال ديمبسي "إذا جاءنا التقييم وكشف أن من المفيد لهذا الجهد ولصالح أمننا القومي أن نجعل المستشارين (الأميركيين الموجودين الآن في العراق) يقومون بدور مختلف فإنني سأتشاور أولاً مع وزير الدفاع، ثم نتشاور مع الرئيس، سنقدم هذا الخيار وسنمضي فيه قدمًا".