اكد المتمردون الحوثيون الشيعة الذين باتوا يفرضون سيطرتهم على محافظة عمران الواقعة على المشارف الشمالية لصنعاء، الاربعاء مقتل قائد اللواء 310 في الجيش اليمني الذي كان يحاربهم منذ اشهر، فيما شن الطيران غارات على مواقع المتمردين في المنطقة.

وتوقف القتال الاربعاء في عمران بعد ان سيطر الحوثيون بشكل تام على مدينة عمران (45 كلم شمال صنعاء) خصوصا على مقر اللواء 310، وذلك في اعقاب خمسة ايام من المعارك الضارية في المدينة اسفرت عن نزوح عشرات الالاف من السكان بحسب الهلال الاحمر.

وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "العميد القشيبي قتل مع مجموعة من الجنود معه اثناء القتال في مقر اللواء 310 في عمران ليل الثلاثاء". وكانت اللجنة الامنية العليا وهي المرجعية الامنية الاهم في البلاد، حملت الحوثيين مسؤولية سلامة القشيبي كما اتهمت المتمردين الذي يتخذون اسم "انصار الله" بارتكاب تجاوزات وبنهب المقار الحكومية واسلحة الجيش.

الى ذلك، اكد عبد السلام انه وبالرغم من توقف القتال، شن الطيران اليمني عشرات الغارات على مواقع الحوثيين في عمران. وقال عبد السلام "تعرضنا لاكثر من سبعين غارة اليوم الاربعاء بما في ذلك غارات شنت على المراكز العسكرية والحكومية" التي سيطر عليها المتمردون.

الى ذلك، افادت مصادر محلية متطابقة الى ان الحوثيين يقومون بملاحقة عناصر وقياديي "التجمع اليمني للاصلاح" (اخوان مسلمون) الذي يقاتل انصاره الحوثيين في عمران من اشهر الى جانب الجيش. واكد مسؤول محلي لوكالة فرانس برس ان "القتال متوقف منذ سيطرة الحوثيين على عمران مساء الثلاثاء".

ودارت مواجهات في عمران (محافظة عاصمتها مدينة عمران تقع 50 كلم شمال صنعاء)، منذ مطلع شباط/فبراير بين الحوثيين والقبائل المتحالفة معهم من جهة واللواء 310 الذي يقوده العميد حميد القشيبي القريب من اللواء النافذ علي محسن الاحمر ومن التجمع اليمني للاصلاح (اخوان مسلمون) من جهة اخرى.

واحتدمت المعارك في الايام الخمسة الاخيرة في مدينة عمران نفسها ما اسفر عن مقتل العشرات، فيما افادت مصادر محلية الى حصيلة يمكن تتجاوز 400 قتيلا. الا انه تعذر التاكد من هذه المعلومات مصادر مستقلة. وساند الجيش في المعارك مسلحون من التجمع اليمني للاصلاح فيما ساند الحوثيون ايضا مسلحون قبليون ليتخذ بذلك الصراع هذه المنطقة طابعا سياسيا قبليا.

وكان تم التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في عمران في الرابع من حزيران/يونيو ومن ثم في 22 حزيران/يونيو، بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين، الا ان الاتفاقين سرعان ما انهارا.

وقد اكدت اللجنة الأمنية العليا في بيانها الاربعاء ان "جماعة الحوثي قامت بمهاجمة والاستيلاء على المصالح والمرافق الحكومية والوحدات العسكرية والأمنية بالمحافظة ومنها إدارة أمن المحافظة وإدارة شرطة السير وفرع قوات الأمن الخاصة وغيرها من المصالح والمؤسسات والمرافق التابعة للدولة".

واعتبرت اللجنة ان الحوثيين نقضوا اتفاق وقف النار الذي تم التوصل اليه في 22 حزيران/يونيو وقاموا "باقتحام معسكر اللواء (310) مدرع ونهب الأسلحة والمعدات والآليات الموجودة في المعسكر وقتل أعداد من الجنود والأفراد والضباط".

وحملت اللجنة الحوثيين "المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية" عن ما يحدث في عمران وطالبتهم ب"اخلاء كل المرافق والمصالح الحكومية والمقرات الأمنية والعسكرية والخاصة التي تم احتلالها". تعليقا على بيان اللجنة الامنية، نفى "انصارالله" في بيان الاتهامات التي وجهت اليهم.

وقال البيان "اننا نطالب اللجنة الرئاسية (لجنة وساطة شكلها رئيس الجمهورية) أن تنزل إلى مدينة عمران وتطلع عن كثب على مجريات الأحداث وما آلت إليه الأمور وتتأكد بنفسها من واقع المباني الحكومية وما ادعته اللجنة بهتانا وزورا أننا قمنا باحتلال مؤسسات الدولة ونهبها".

وقد تلقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الذي زار السعودية في الاثناء، اتصالا من الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني الذي اكد "ادانة مجلس التعاون الخليجي لعدوان جماعة الحوثي على محافظة عمران وعدم الالتزام بالاتفاقات المبرمة الداعية الى التهدئة ووقف اطلاق النار"، بحسبما افادت وكالة الانباء اليمنية الرسمية.

وشدد الزياني على "ضرورة عودة جماعة الحوثي الى محافظة صعدة" الشمالية حيث معقلهم الرئيس. وكان الهلال الاحمر اليمني افاد بيان الثلاثاء ان حوالى عشرة الاف اسرة نزحت من مدينة عمران (50 كلم شمال صنعاء) وضواحيها بسبب احتدام المواجهات بين المتمردين الحوثيين الشيعة من جماعة انصار الله والجيش.

وذكرت المنظمة التي وجهت "نداء استغاثة" ان خمسة آلاف اسرة اخرى تحاول الهرب من عمران الا انها عاجزة عن ذلك. ويبلغ عدد سكان المدينة 120 الف نسمة. ويؤكد الحوثيون الذين يشاركون في العملية السياسية انهم ليسوا في مواجهة مع الدولة بل مع التجمع اليمني للاصلاح ومع اللواء علي محسن الاحمر الذي انشق عن الرئيس السابق علي عبد الله صالح بعدما كان احد ابرز اركان نظامه.

في المقابل، يتهم الحوثيون بانهم يسعون الى السيطرة على اكبر قدر ممكن من الاراضي في شمال اليمن استباقا لتحويل البلاد الى دولة اتحادية. وسبق ان حقق الحوثيون في عمران تقدما على حساب آل الاحمر، وهم زعماء قبيلة حاشد النافذة التي معقلها عمران.

ومعقل الحوثيين الزيديين الشيعة في الاساس هو محافظة صعدة الشمالية، الا انهم تمكنوا من توسيع حضورهم بشكل كبير منذ 2011 وذلك بعد ان خاضوا ست حروب مع صنعاء بين 2004 و2010، كما خاضوا حربا مع السعودية في 2010.
&